وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    محافظ أسيوط: استمرار حملات النظافة المكثفة ورفع المخلفات من شوارع ديروط    التحالف الوطنى يقدم خدمات متنوعة ل 18 ألف مواطن فى برنشت بالعياط    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    عز .. نحتاج إلى سياسات صناعية موحدة لمواجهة المتغيرات العالمية    الرئيس السيسى يجرى اتصالا بنظيره الجزائرى حول انعقاد اللجنة العليا المشتركة    الرئيس السيسي يجري اتصالاً هاتفياً مع نظيره الجزائري    ألمانيا تمنح الشرطة صلاحية إسقاط الطائرات المسيرة بعد حوادث مطار ميونيخ    موعد مباراة منتخب مصر وجيبوتى في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    برنامج تأهيلي لثلاثي الزمالك المصاب    إصابة شخصين فى حادث انقلاب سيارة ملاكى فى إحدى ترع الغربية    تأجيل دعوى تعويض ضد الفنان أحمد صلاح حسني بسبب حادث سيارة    ضبط 19 طن دقيق مدعم بالمخابز السياحية    قصر ثقافة حلوان فى ثوبه الجديد.. مسرح وقاعات أنشطة بأحدث التقنيات    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    استئصال ورم ليفى يزن كيلوجرام من أذن تيس بالطب البيطرى جامعة القاهرة    أمن الإسكندرية يضبط سائق توك توك تعدى على سيدة بسبب خلاف على الأجرة    تأجيل محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    السوبر الإفريقي.. بيراميدز يبدأ استعداداته لمواجهة نهضة بركان الجمعة المقبل    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    طقس غد.. انخفاض بالحرارة وفرص أمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 29 درجة    السيطرة على حريق نشب فى مخزن سيراميك على طريق مصر الإسماعيلية    بالأسماء.. إصابة 9 مواطنين في حادث تصادم سيارتين على طريق شبرا بنها الحر    في ذكرى ميلاد فارس السينما.. «أحمد مظهر» العسكري المثقف الذي سكن قلوب الجمهور    عمر مونّس ياجي يحصد جائزة نوبل في الكيمياء 2025    أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية تصل إلى 80 جنيها للكيلو    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    أشرف عبد الباقي ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى اليوم    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    «فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن» في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الأهلي يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لضربة البداية بدوري الأبطال    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    5 مرشحين عن دائرة إسنا يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس النواب حتى الآن    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    أوكرانيا وألمانيا تبحثان تعزيز التعاون في قطاع الدفاع    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اسعار الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هنا نبدأ
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 07 - 2012

استعرت هذا العنوان من كاتبنا الكبير الراحل خالد محمد خالد‏,‏وكان دائما يبشر بالبدايات الطيبة ويؤكد ان الشعوب قادرة علي ان ترسم مصيرها وتحقق أحلامها حتي وإن طال بها الزمن‏.‏ ظهر الوجه الحضاري للمصريين والمجلس العسكري يسلم السلطة للرئيس المدني المنتخب في احتفال مهيب.. كان حشد جامعة القاهرة وأداء اليمين في المحكمة الدستورية تأكيدا علي اننا امام دولة مؤسسات لها ثوابتها التي تحكمها وتمتد في أعماق التاريخ. ظهر الوجه الحقيقي للمصريين رغم ما تركته ايام الفوضي والانفلات واللهو الخفي في الشارع المصري من مظاهر الإنقسام والتشرذم وعدم المسئولية.. كانت احتفالية تنصيب د. محمد مرسي رئيسا تجسيد لهذا الوجه الحضاري.. رغم كل الأزمات التي خلفتها صراعات الانتخابات ورغم ان الرئيس المنتخب ينتمي إلي جماعة محظورة طبقا للمصطلح القديم.. ورغم رفض قطاع كبير من النخبة لهذه الصيغة في الحكم,ورغم وجود مرشح آخر هو الفريق أحمد شفيق وهو أحد أبناء المؤسسة العسكرية التي تناوب رموزها الحكم منذ ثورة52, إلا ان المجلس العسكري سلم السلطة مقدما نموذجا فريدا للديمقراطية الحقيقية التي ظل المصريون سنوات طويلة يحلمون بها.. الأن أصبح عندنا ولأول مرة منذ ستين عاما رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية من خارج المؤسسة العسكرية.. هذا في حد ذاته تغيير كبير و انقلاب حاد..
يأتي الرئيس مرسي وامامه تراث طويل من الانقسامات التاريخية منذ ثورة يوليو52.. وتاريخ حديث وقريب جدا من انقسامات ما بعد ثورة يناير وما بين ثورتي يوليو ويناير وقع المجتمع المصري فريسة سهلة للإنقسامات بعضها صنعته قوي الإستبداد والبعض الأخر أفرزته خطايا النخبة وفي كل الحالات فنحن امام رئيس انقسم عليه المجتمع ما بين نصف أيده واختاره ونصف آخر اختار غيره وهذه هي الديمقراطية إذا كنا راغبين فيها.. هنا يكون السؤال هل ينجح الرئيس الجديد في ان يجمع شتات المصريين مرة أخري.. وهل يمكن ان نشهد في عهده مصالحة بين القوي الوطنية نتجاوز بها هذا الواقع المأساوي الذي قسم ابناء الأسرة الواحدة..
بداية لابد ان نعترف بأننا امام تراث وتاريخ طويل من الانقسامات التي بدأت مع ثورة يوليو.. يومها انقسم المجتمع المصري إلي قوي الثورة في بدايتها وكان منها جماعة الإخوان المسلمين قبل ان ينقلب عليها الضباط الأحرار.. ثم كانت رموز العهد البائد من الإقطاعيين والباشوات وزعماء الأحزاب السياسية وكبار المثقفين.. ثم كانت انقسامات اهل الثقة واهل الخبرة ثم قوي الشعب وأعداء الشعب ثم الثورة والثورة المضادة ثم كانت المواجهة التاريخية مع الإخوان المسلمون والتي إمتدت عشرات السنين.. كل هذه التقسيمات السياسية والفئوية ظهرت مع ثورة يوليو ولكن سرعان ما ذابت كل هذه الصراعات بعد ان اتضحت اهداف الثورة وإنجازاتها في عملية التغيير والتي تجسدت في توزيع الأراضي ومجانية التعليم وطرد الإستعمار الإنجليزي وإقامة السد العالي وتأميم قناة السويس وهذا يؤكد حقيقة مهمة يمكن ان تكون لنا درس الآن إن الإنجازات الحقيقية هي أقرب الطرق لتوحيد صفوف الأمة وإرادة الشعب بما في ذلك قوي المعارضة أو ما يسمي الثورة المضادة.
نحن الآن وامام ثورة يناير نواجه نفس الأزمة والتي تجسدت في هذا الإنقسام الحاد الذي شهدته الساحة السياسية ما بين الإخوان المسلمين والليبراليين والعلمانيين والتيارات السلفية وقبل ذلك كله كتائب الثوار من الشباب.. إن المشكلة الحقيقية التي وقفت وراء انقسام القوي السياسية بعد ثورة يناير ان الثورة جاءت بلا قيادات وبلا برنامج وبلا حشود بشرية متجانسة تجمعها فكرة أو يوحدها طريق.. لقد اجتمع الثوار وهم شتات أفكار مختلفة ما بين الإخوان والسلفيين والليبراليين والأحزاب القديمة,وكان الهدف هو خلع رأس النظام ووقف عملية التوريث وحين تم ذلك تصورت هذه القوي ان الثورة نجحت وذهب كل فريق إلي بيته.
ولا شك ان جميع الأطراف المشاركة في الثورة خرجت راضية تماما عن إنجازها وتصورت انه يكفي,وهنا بدأت رحلة الخلافات بين هذه القوي وأصبح لكل فريق حسابات مختلفة.. بدأت لعبة الصراعات ما بين البيان الدستوري والاستفتاء عليه والإنتخابات البرلمانية وما حدث فيها وإنتخابات مجلس الشوري ثم كانت معركة الرئاسة.. في ظل هذا المناخ تشرذمت جميع القوي ونسيت أهداف الثورة وبدأ كل فريق يسعي للحصول علي شئ من الغنيمة.. كانت هناك أهداف إجتمعت حولها القوي السياسية وهي رحيل رأس النظام ووقف برنامج التوريث ونسيت هذه القوي ان هناك حسابات غابت عنها..
تجاهلت هذه القوي المتصارعة دماء الشهداء وآلاف المصابين وأسرهم والرأي العام الذي نسيهم خاصة بعد ان تعرضت الثورة لعمليات تشويه ضارية طالت كل شئ فيها ابتداء بالشهداء ودمائهم الزكية وإنتهاء بإتهامات التمويل والعمالة.
تجاهلت القوي المتصارعة موقف رؤوس النظام السابق التي بقيت في مواقعها في مؤسسات الدولة وكل ما نهبته من اموال واصول,هي قبل كل شئ حق للشعب ينبغي استرداده.. ولا بد ان نعترف ان الأجهزة المسئولة لم تكن بالجدية المطلوبة لكي تتبع هذه الأموال الهاربه في الداخل والخارج وضاعت فرص كثيرة امام التراخي والإهمال وربما التواطؤ لإسترداد هذه الأموال
علي الجانب الآخر كان غياب الأدلة والبراهين وراء أسباب تبرئة رموز النظام السابق في قضايا قتل الشهداء والاعتداء علي المال العام ونهب ثروات الشعب وامام غياب جهاز الشرطة وتلفيق المحاضر والتحقيقات. لم تتوافر أركان المحاكمات الصحيحة,وهنا خرج جميع المتورطين في هذه الجرائم دون إدانة من القضاء..
وهنا اندفعت قوي النظام السابق بما لديها من أموال ضخمة سخرتها في مواجهة صريحة مع الثورة علي كل المستويات,فكانت مجموعة الجرائم والاغتيالات التي ظهرت في محمد محمود والسفارة الإسرائيلية وماسبيرو ومجلس الوزراء والعباسية,وفي الوقت الذي تخلت فيه قوي الثورة عن هذه الأولويات الضرورية دخلت في صراعات مع بعضها البعض وصلت إلي درجة التخوين والعمالة. وهنا أيضا كانت الصراعات حول الإنتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسية ووصل الحال بهذه القوي إلي ان يتعاون بعضها مع النظام السابق لضرب بعضها البعض,وكان شيئا غريبا ان تجد الثوار الذين خرجوا من ميدان التحرير ينضمون إلي رموز العهد السابق وخرج الجميع من المعركة خاسرين..
والآن هل يمكن ان نلم شتات هذه القوي وهل ينجح الرئيس محمد مرسي في ان يجمع كل هذه التيارات نحو هدف واحد هو الخروج بمصر من هذا النفق المظلم؟.. إن الدكتور مرسي يستطيع الآن في موقعه ان يواجه بعض أخطاء الفترة الانتقالية وسوف يكون ذلك نقطة البداية لأن تستعيد قوي الثورة توحيد إرادتها..
يستطيع الرئيس ان يفتح ملفات الشهداء والمصابين وان يعيد لهم كامل حقوقهم.. ويستطيع ان يفتح ملفات التحقيقات في جرائم قتل الشهداء من خلال لجان تحقيق قضائية محايدة تكشف ما حدث من ملابسات وتقدم ما يتاح لها من الأدلة في جرائم قتل الشهداء.. ويستطيع الرئيس ايضا ان يأمر مؤسسات الدولة المتراخية باتخاذ الإجراءات القانونية والسياسية اللازمة لإسترداد اموال الشعب من الرؤوس الهاربة.. إن ذلك يحتاج إلي نشاط أكبر من جهاز الكسب غير المشروع ووزارة الخارجية ووزارة العدل والنائب العام وبجانب هذا شئ من السرعة في تتبع هذه الجرائم داخليا وخارجيا.
هذا فيما يتعلق بالرواسب التي تركتها أحداث المرحلة الانتقالية بعد الثورة,ولكن ينبغي ان تواجه القوي السياسية أخطاءها في معارك الانتخابات وما حدث فيها من تجاوزات.. لابد ان تعترف هذه القوي بأننا امام رئيس جديد منتخب ويجب ان نمد له أيدينا حتي ولو لم يكن خيارنا,إلا انه حصل علي أغلبية وصلت به إلي الرئاسة.. إن المطلوب هنا هو ان نحشد قوانا حتي وإن اختلفنا مع الرئيس الجديد لأن المستقبل لا يحتمل المزيد من الصراعات والمعارك ويكفي ما مضي.. نحن امام تجربة جديدة مع تيار فكري وطني مختلف ولا بد ان يأخذ فرصته وهو بدوره لا بد ان ينطلق من نظرة شاملة لقضايا المجتمع والقوي السياسية فيه لابد ان يفتح الرئيس الجديد الأبواب امام كل صاحب فكر وموقف وان يطوي صفحة الماضي,لأنه الآن رئيس لكل المصريين.
هناك جانب آخر يجد الآن صدي لدي البعض وهو المصالحة مع العهد البائد ورموزه التي لم تتورط في قضايا الفساد والقتل,وهنا نتوقف عند نقطة أساسية يمكن ان يدور حولها الحوار وهي الأموال المنهوبة.. إذا وجدنا امامنا فريقا كبيرا من أبناء هذا الشعب الذين صحت ضمائرهم وأفاقت نفوسهم وقرروا رد الأموال التي حصلوا عليها بدون وجه حق,وقرروا إعادتها للشعب,هنا يمكن ان يبدأ الحديث حتي ولو وصل إلي مصالحة كاملة معهم, المهم في الأمر هو حجم الأموال والأصول التي يمكن استردادها.. هنا يمكن ان نقول إن المصالحة ينبغي ان تبدأ مع مواكب الثورة بكل توجهاتها وهنا أقترح علي الرئيس محمد مرسي ان يجمع رموز كل القوي السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية ويناقش معها مستقبل مصر في ظل رؤي تنطلق بنا نحو بناء مصر الجديدة.. علي جانب آخر ان تفتح مؤسسات الدولة بابا للحوار إذا كان من الممكن استعادة اموال الشعب بالطرق السلمية.. وقبل هذا كله ان نضع برنامجا محددا لإعادة حق الشهداء والمصابين وتشكيل اللجان القانونية لإعادة المحاكمات.

.. ويبقي الشعر
عودوا إلي مصر ماء النيل يكفينا
منذ ارتحلتم وحزن النهر يدمينا
أين النخيل التي كانت تظللنا
ويرتمي غصنها شوقا ويسقينا ؟
أين الطيور التي كانت تعانقنا
وينتشي صوتها عشقا ويشجينا؟
أين الربوع التي ضمت مواجعنا
وأرقت عينها سهدا لتحمينا ؟
أين المياه التي كانت تسامرنا
كالخمر تسري فتشجينا أغانينا ؟
أين المواويل ؟.. كم كانت تشاطرنا
حزن الليالي وفي دفء تواسينا
أين الزمان الذي عشناه أغنية
فعانق الدهر في ود أمانينا
هل هانت الأرض أم هانت عزائمنا
أم أصبح الحلم أكفانا تغطينا
جئنا لليلي.. وقلنا إن في يدها
سر الحياة فدست سمها فينا
في حضن ليلي رأينا الموت يسكننا
ما أتعس العمر.. كيف الموت يحيينا
كل الجراح التي أدمت جوانحنا
ومزقت شملنا كانت بأيدينا
عودوا إلي مصر فالطوفان يتبعكم
وصرخة الغدر نار في مآقينا
منذ اتجهنا إلي الدولار نعبده
ضاقت بنا الأرض واسودت ليالينا
لن ينبت النفط أشجارا تظللنا
ولن تصير حقول القار.. ياسمينا
عودوا إلي مصر فالدولار ضيعنا
إن شاء يضحكنا.. إن شاء يبكينا
في رحلة العمر بعض النار يحرقنا
وبعضها في ظلام العمر يهدينا
يوما بنيتم من الأمجاد معجزة
فكيف صار الزمان الخصب.. عنينا؟
في موكب المجد ماضينا يطاردنا
مهما نجافيه يأبي أن يجافينا
ركب الليالي مضي منا بلا عدد
لم يبق منه سوي وهم يمنينا
عار علينا إذا كانت سواعدنا
قد مسها اليأس فلنقطع أيادينا
يا عاشق الأرض كيف النيل تهجره ؟
لا شيء والله غير النيل يغنينا..
أعطاك عمرا جميلا عشت تذكره
حتي أتي النفط بالدولار يغرينا
عودوا إلي مصر.. غوصوا في شواطئها
فالنيل أولي بنا نعطيه.. يعطينا
فكسرة الخبز بالإخلاص تشبعنا
وقطرة الماء بالإيمان تروينا
عودوا إلي النيل عودوا كي نطهره
إن نقتسم خبزه بالعدل.. يكفينا
عودوا إلي مصر صدر الأم يعرفنا
مهما هجرناه.. في شوق يلاقينا
قصيدة عودوا إلي مصر سنة1997


[email protected]
المزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.