خرج مينا وماريان صباح الأحد كعادتهما منذ أكثر من خمسة عشر عاما ، يحملان أغصان الزيتون وسعف النخيل احتفالا بصيام آخر أحد وهو «أحد الشعانين» الذي يحتفل به الإخوة المسيحيون كذكرى خالدة لدخول السيد المسيح القدس، وكان مينا وخطيبته يرتديان ثيابهما الجديدة وقلوبهما قاب قوسين أو أدنى من الانفجار المكتظ بالفرحة لأن زفافهما لم يتبق عليه إلا اسبوع وأخيرا سيدخلان إلى الكنيسة المرقسية كعروسين وليس كجيران أو حبيبين ! بينما انشغل الأهل بالتجهيز لحفل زفافهما ووضع اللمسات الأخيرة في عش الزوجية ، الا أن أعاصير الإرهاب الدامية اقتلعت روحيهما من جذور الأرض ليصعدا الى السماء ولن يعودا ثانية الى أسرهما ! جاء هذا الحدث الأليم إثر الانفجار الغاشم الذي دهم الكنيسة المرقسية بالإسكندرية وكنيسة طنطا . ورغم أن تفجير الكنائس لم يعد جديدا منذ ما حدث في كنيسة القديسين عشية الاحتفال برأس السنة عام 2011 والذي كان إشارة البدء لتغيير نظام مبارك بحكم الشعب ولن ننسى تفجير كنيسة البطرسية بالعباسية في ديسمبر الماضي إلا أن تلك التفجيرات الهمجية المنظمة تعكس العديد من المؤشرات الجوهرية : احتضان المقدم عماد الركايبي للإرهابي حتى يدفع بالانفجار بعيدا عن الكنيسة بعد أن اشتبه في طريقة دخوله يؤكد أنه على مستوى عال من التدريب لمكافحة الإرهاب ولا يترك مجالا للشك في وطنية حماة الوطن الذين يقدمون أرواحهم بكل رضا فداء لمصر . الخطوات الناجحة التى حققتها مصر على طريق مكافحة الإرهاب ضيقت عليهم الثغرات ولم يعد أمامهم الا إزهاق الأرواح البريئة كالجرذان التى تتخفى وسط الحقول ولكنها لن تفسد المحصول . لقاء الرئيس السيسي مع نظيره الأمريكي ترامب أحدث نوعا من الاحتقانات الأنفية والالتهابات الصدرية بعد الرسائل التى وجهت للعالم مؤكدة نجاح مصر في طريق الحرب على الإرهاب ودعمها نحو دروب المستقبل ، وهذا بالطبع أوغر صدور الدواعش والطابية التميمية ، لأن السياسة الخارجية المصرية نجحت في إزالة الشوائب الأوبامية البائنة وانتصرت إرادة الشعب وقيادته , الزيارة المرتقبة لبابا الفاتيكان لمصر في غضون الأيام القادمة أصابت رعاة الإرهاب بشلل رعاش وفجوة نافوخية حادة ، فتلك الزيارة تؤكد أمن مصر واستقرارها وتقسم على خلوها من أي أورام طائفية أو تضخمات فتنية . كل تلك الإرهاصات تجعلنا مدركين صعوبة المرحلة الحالية بكل أوضاعها ، فنحن نعيش حالة حرب حقيقية بلا حرب مادية لأن مصر دائما وأبدا محمية من الخالق جل جلاله ورغم تلك الضغوط الداعشية والسموم الإرهابية والأوبئة الإخوانية فإن غيوم الغيث تلوح في أفق السماء لتمنحنا نفحات الأمل في غد أفضل بإذن الله ولا يسعنا إلا أن نتقدم بخالص العزاء لأسر الضحايا والشهداء الأبرياء داعين المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان ويمنحنا الصبر والجلد للقضاء على آفة الإرهاب التى تفوقت على بشاعة الصهاينة . فالعدو الصهيوني نحاربه على أرض معركة واضحة المعالم أما الإرهاب ومشتقاته فهو يسري بين حصى الأرض لا يفرق بين حرمة أماكن مقدسة أو فرحة أطفال بالعيد أو نشوة أحبة بالزواج ، لا توقفه دموع قلب أم أو نحيب أب فقد ثمرة حياته في غمضة عين بلا وجه حق . سحقا لكم يا رعاة الموت وصناع الإرهاب ، وتبا لكل العقول المغيبة التى تفجر نفسها وتزهق روحها ببضعة ريالات ظنا منهم أنهم سيلتقون بالحور العين ولكن هيهات هيهات فلهم جهنم وبئس المصير . ولتعلموا يا سلالة أبى جهل أن حمرة الأرض المخضبة بالدماء وسواد الهواء المشبع بالبارود لن يفقدنا إرادتنا ولن يسلبنا عزيمتنا ولن تضيق علينا الأرض بما رحبت لأنها مصر وستبقى مصر عزيزة أبية ولن نسمح بالتمزيق والتفريق فما حدث هو فعل إرهابي بفاعل داعشي ومفعول به مواطن مصري لا مسيحي ولا مسلم فكلنا واحد صحيح لم ولن ينكسر فجميع أساليبكم أصبحت بالية لا تحرك لنا خاطرا فالنسيج الوطني قوي لا تنفجر أوعيته بقنابل بدائية ... عاشت مصر . [email protected]