تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    عيار 21 يسجل أعلى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الجمعة بالصاغة بعد قرار المركزي    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    رئيس مدينة دمنهور يتابع تنفيذ مشروعات تحسين البنية التحتية.. صور    بعد غضب الزعيم.. كوريا الشمالية تفتح تحقيقًا بشأن حادث المدمرة    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    السفير الإسرائيلي في واشنطن: الفرنسيون على وشك إعلان 7 أكتوبر يوما لاستقلال فلسطين    نتنياهو يحاول استغلال حادث واشنطن لترويج رواية "معاداة السامية".. تفاصيل    وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة    كأس مصر لكرة القدم سيدات.. بين قوة الأهلى وطموح وادى دجلة    أسرة طائرة الأهلى سيدات تكرم تانيا بوكان بعد انتهاء مسيرتها مع القلعة الحمراء    أيمن يونس: الدوري هذا الموسم "باطل"    ياسر ريان: يوريتيش مدرب كبير ولا بد أن يبادر بالهجوم ضد صن داونز    نجم الزمالك السابق: ما يحدث لا يليق بالكرة المصرية    أهلي جدة يسقط أمام الاتفاق بثلاثية في دوري روشن السعودي    4 أيام عِجاف .. بيان مهم بشأن حالة الطقس والأرصاد تكشف عن موعد انخفاض الحرارة    تفاصيل مقتل فتاة على يد شقيقها ورميها في البحر اليوسفي بالمنيا    الفنان محمد رمضان يسدد 26 مليون جنيه لصالح شبكة قنوات فضائية    «تعليم القاهرة» يختتم مراجعات البث المباشر لطلاب الشهادة الإعدادية    عاجل- إكس: نواجه عطلا في مركز للبيانات وفرقنا تعمل على حل المشكلة    تحويلات مرورية بالجيزة لتنفيذ الأعمال الإنشائية الخاصة بمشروع الأتوبيس الترددي    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    4 أبراج «بيسيبوا بصمة».. مُلهمون لا يمكن نسيانهم وإذا ظهروا في حياتك تصبح أفضل    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    تختاري الحب ولا التمثيل؟ رد غير متوقع من دينا فؤاد    وزير الرياضة يهنئ محمد صلاح بفوزه بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي    "القومي للمرأة" ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان" النساء يستطعن التغيير"    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    سعر السكر اليوم الخميس 22 مايو 2025 داخل الأسواق والمحلات    أهمية المهرجانات    السجن المشدد 4 سنوات لصياد تعدى على ابنه جاره فى الإسكندرية    تفاصيل خطة إسرائيل للسيطرة على غزة.. القاهرة الإخبارية تكشف: محو حدود القطاع    م. فرج حمودة يكتب: سد عالى ثالث فى أسوان «2-2»    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    «المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل    مكتب نتنياهو: ترامب وافق على ضرورة ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا    نتنياهو: بناء أول منطقة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة خلال أيام    ميرنا جميل تسحر محبيها بالأزرق في أحدث ظهور | صور    وزير الشباب والرياضة يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة    «الأعلى للمعاهد العليا» يناقش التخصصات الأكاديمية المطلوبة    البابا تواضروس يستقبل وزير الشباب ووفدًا من شباب منحة الرئيس جمال عبدالناصر    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    أسعار الفضة اليوم الخميس 22 مايو| ارتفاع طفيف- كم يسجل عيار 900؟    عرض "مملكة الحرير" قريبًا    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    "آيس وبودر وهيدرو".. ضبط 19 تاجر مخدرات في بورسعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرؤى المشروخة: ما قبل وما بعد الواقع والحقيقة
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 04 - 2017

تبدو المراحل التاريخية المابعدية فى نهايات عصور وأزمنة، وبدايات تشكل أخرى جديدة، مثل الانتقال من الحداثة إلى
مابعدها - أو التى يطلق عليها هابرماس وفق تحليله الفلسفى الحداثة الفائقة - ثم إلى مابعد بعدها. أو الانتقال من الثورات الصناعية الأولى إلى الثانية والثالثة والرابعة ... إلخ، فى ظل المابعديات تتقوض عوالم وفلسفات ونظريات ومفاهيم وأفكار وأنساق وترتيبات وآليات، ويتبقى بعض منها مستمرًا فى ظل هذا الانتقال والتحول إلى الجديد، ونظرياته، ومفاهيمه، وسياساته، وآلياته والمستمد من الحداثة، وما بعدها إلى ما بعد بعدها، وهو ما قد يعسر من عمليات التحول الكيفى الجديد، وهو ما يؤدى إلى ارتباكات فكرية، والاضطراب والغموض وذلك لما يلى على سبيل المثال:
1- استخدام بعض الفلاسفة والمفكرين والباحثين لمنظوماتهم، ورؤاهم النظرية ومناهجهم التى اعتادوا عليها، ومارسوها فى تحليلاتهم، ومقارباتهم النقدية، فى محاولة فهم الظواهر والتغيرات الجديدة، ومن ثم يقسرون الواقع الفعلى الجديد فى أسر هذه الهندسة النظرية والمفاهيمية التى تجاوزها واقع الحياة.
2- ثمة ميلُ سوسيو - نفسى لدى بعض المفكرين والمثقفين والكتاب إلى الدفاع عن إنتاجهم النظرى أو الفكرى أو الفلسفى خلال مسيراتهم التنظيرية أو التأويلية أو التحليلية، وإثبات سلامة توجهاتهم، ومن ثم تطبيقها على الواقع الجديد وتحولاته.
هذه النزعة إلى إعادة الرؤى القديمة، وإثبات مطابقتها للمتغير والجديد والمتحول، هى آلية دفاعية عن العقل والذات المفكرة، وصوابية ما سبق أن اهتدت إليه من منظورات ورؤى وكتابات أيًا كان الحقل الذى اشتغل عليه الفيلسوف، أو المثقف أو الباحث. هذه النزعة تبدو وكأن بها بعضا من المطلق الديني، ومن ثم تبدو بها إيمانية ما أيًا كانت مستوياتها ودرجتها، لأنها هجرت النزعة النسبية للحقيقة المتغيرة، بحسب طرائق ومناهج الرؤية لهذه الحقيقة المادية، والرمزية. من هنا لجأ بعضهم ذالكاتب المسرحى الأمريكى من أصول صربية ستيف تيسش فى مجلة «The Nation» 1992- إلى إطلاق مصطلح ما بعد الحقيقة، الذى يعرفه قاموس أكسفورد كصفة زمتعلقة أو دالة على الظروف التى تكون فيها الحقائق الموضوعية أقل تأثيرًا فى صياغة الرأى العام مقارنة بالاحتكام إلى العواطف والقناعات الشخصية». من هنا تعود الشعبوية ورموزها إلى الظهور مجددًا للتأثير فى مسارات السياسة والرموز، والمشاعر الجمعية، والسلوك الجماهيري، والكتل التى تحركها بعض الشعارات القومية والهويات المتخيلة فى عالم غادرته القوميات إلى ما بعدها، ومن الهويات المتعددة المصادر والمكونات والرموز إلى ما بعدها. من ثم تبدو عدم الكفاءة التحليلية والنقدية والتفسيرية للمنظورات النظرية والمناهج الفلسفية والسوسيولوجية والسياسية والقانونية ... إلخ، لفهم ظواهر النكوص إلى بعض المفاهيم والمتخيلات الجماعية الماقبلية - ما قبل الحداثة وما بعدها وما بُعد بعدها - وما قبل العولمة، وما بعدها. من هنا تنتج هذه الحالة غموضها وتشوشها وسيولتها فى الرؤى الكلية والمنظورات الفرعية، وفى القيم والهويات المتصدعة، أو المشروخة، والرموز التى غادرتها معانيها، ولا تزال بها بعض منها ... إلخ.
3- نزوع الأجيال الفكرية والسياسية، والبيروقراطية إلى رؤية العالم المتغير وتحولاته وفق الرؤى والمفاهيم التى سبق أن شكلتهم، وتعلموها وتدربوا عليها ومارسوها، ومن ثم يحاولون فرضها على الجديد والمتحول، وإلى نسيان الواقع الموضوعى المتغير إلى ما يمكن أن نطلق عليه ما بعد الواقع الموضوعي، أى رؤيته بعيدًا عن حقائقه المادية والرمزية، والشعورية، وتغيراته فى السلوك الاجتماعى والسياسى وفى المكونات الثقافية وعناصرها ومصادرها وتغيراتها النسبية البطيئة، لكنها تتسارع فى ظل الثورة الرقمية، وبدايات التحول إلى الكائن الرقمى كمركز للعالم.
من هنا تبدو التناقضات واسعة بين الواقع الموضوعى ومتغيراته وتحولاته، وبين ما قبل وما بعد الواقع الموضوعي. خذ على سبيل المثال مصطلح الربيع العربي، المستعار من مصطلح الربيع الأوروبى فى القرن التاسع عشر، على الرغم من التباينات بين الثورات الأوروبية، وبين الانتفاضات الجماهيرية الثورية الكبري، والاختلافات فى السياقات التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. استعارات ومجازات تبدو أنيقة وغاوية ولكنها مضللة. من هنا تبدو الفجوات بين تفكير النخبة السياسية الحاكمة ومحمولاته ما قبل 25 يناير وما بعده واستصحابها مجددًا ومعها سياسات لم تحقق نجاحًا يذكر، ومحاولة تطبيقها، مع تغافل طبيعة ما جرى وأسبابه وفواعله، وسياقاته، والفجوات الجيلية فى الأفكار ورؤى العالم، والقيم، والرموز. ثمة تصورات خاطئة ومنها أن استخدام عنف أجهزة الدولة، يؤدى إلى الاستقرار السياسى والاجتماعي، بينما يفاقم من التباينات الجيلية بين الحكم والأفكار الجديدة والواقع الموضوعى المتغير، وبين حقائقه النسبية، وبين ما بعدها. خذ المنظومات الدينية التأويلية الموروثة والمنتزعة من سياقاتها وظروفها وأسئلتها وواقعها، ويراد تطبيقها على الواقع الموضوعى المتغير رغم التحولات النوعية التاريخية الكبرى التى تمت عبر الزمن.
ما بعد الحقيقة، وما قبل الواقع الموضوعي، وما بعده، يزيد من غموض وتعقد الظواهر ويؤدى إلى مقاربات قديمة لم تعد فى غالبها صالحًا لإمدادنا بفهم جديد ولغة جديدة مواكبة لما يحدث حولنا وبنا، ويزيد من تفاقم مشكلاتنا وطرائق التعامل معها، استقصاءً لأسبابها وتطوراتها، والقوانين التى تُسيرها. من ثم سنظل أسرى رؤانا الماقبلية، وسيولة واضطراب المراحل المابعدية المتغيرة ومنها ما بعد الحقيقة وما بعد الواقع.
لمزيد من مقالات نبيل عبد الفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.