محافظ القليوبية يزيل معرضي سيارات مخالفين على طريق مصر–إسكندرية الزراعي    روبوتات بملامح بشرية تخطف الأضواء في معرض جيتكس دبي    تجدد الاشتباكات الحدودية بين باكستان وأفغانستان    السعودية تتأهل لكأس العالم للمرة السابعة على حساب العراق    الأهلي: أبوابنا مفتوحة للنحاس في أي وقت    البطاقة 26.. السعودية تتعادل مع العراق وتتأهل لكأس العالم للمرة السابعة في تاريخها    إمام عاشور قد يغيب عن المشاركة مع الأهلي حتى يناير    مصرع شخصين في حادث انقلاب ملاكي بالبدرشين    ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي يكشف عن أعضاء اللجنة العليا لدورته الثامنة    سميح ساويرس: الاستثمار السياحي والعقاري لا يمكن فصلهما عن بعض    متحدث الري: التغيرات المناخية تؤثر بشكل واضح على قطاع المياه في كل العالم    فصل الكهرباء عن عدة قرى بالرياض في كفر الشيخ غدًا لمدة 5 ساعات    بعد ظهوره في مصر.. تقرير يكشف آخر تطورات إصابة عمر مرموش    أسامة كمال: قمة شرم الشيخ يوم هُزم فيه المشككون وكُسرت شوكة من راهنوا على فشل مصر    لاتفيا ضد إنجلترا.. هجوم نارى لمنتخب الأسود الثلاثة في تصفيات كأس العالم    ارتفاع عدد ضحايا حادث سقوط تروسيكل أسيوط إلى خمسة طلاب    السجن المشدد 3 سنوات ل متهم بحيازة أسلحة نارية في المنيا    أحرج مسؤولًا عربيًا وقال ل أردوغان «تحياتي لزوجتك».. 10 مواقف غريبة ل ترامب كسرت قواعد البروتوكول    باسم يوسف: أكل عيش أني أعارض دايمًا.. والشهرة وجعت دماغي    باسم يوسف: دعمي لفلسطين نابع من إحساسي الإنساني وارتباطي العائلي    زي بتاع زمان.. الطريقة الأصلية لعمل الفطير المشلتت    «مكنتش أعرف إنها مخالفة».. الراقصة «ليندا» في المحكمة غدًا بتهمة نشر فيديوهات خادشة    إنستجرام: حماية المراهقين بقصر مشاهداتهم على المحتوى بي جي-13    وزيرة البيئة ومستشار رئيس الجمهورية ومحافظ القاهرة يفتتحون أعمال تطوير حديقة المسلة التراثية    رئيس وزراء الكويت: قمة شرم الشيخ للسلام وضعت حدا لمعاناة الفلسطينيين في غزة    حجازي: قمة شرم الشيخ لحظة فخر لمصر وتجسيد لنجاح دبلوماسيتها    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    السفير صلاح حليمة: الاحتجاجات في مدغشقر تطورت إلى استيلاء على السلطة بحماية النخبة    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    سعر مواد البناء مساء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    خبر في الجول - الزمالك يعتذر عن عدم المشاركة في البطولة العربية لسيدات الطائرة    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    استعدادات أمنية مشددة وقناصة على الأسطح قبل مواجهة إيطاليا وإسرائيل في التصفيات المؤهلة للمونديال    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    أكرم حسنى ل اليوم السابع: ما حدث فى شرم الشيخ ينم أن لدينا قيادة حكيمة    مواصفة امتحان مادة الدين فى اختبارات الشهر للمرحلة الابتدائية    تناولت مادة مجهولة.. مصرع طالبة في الصعايدة بقنا    حماس: تحرير الأسرى إنجاز وطني ومحطة مضيئة في مسيرة نضالنا    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    محافظ البحيرة تتفقد عددًا من المشروعات الخدمية بقرية الأبعادية بدمنهور    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    وكيل صحة المنيا يفاجئ وحدة أبو عزيز ويحيل طبيبة للتحقيق بسبب الغياب    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    خالد الغندور: مصر زعيمة الأمة العربية ولها دور فعال فى إنهاء الحرب بغزة    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرؤى المشروخة: ما قبل وما بعد الواقع والحقيقة
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 04 - 2017

تبدو المراحل التاريخية المابعدية فى نهايات عصور وأزمنة، وبدايات تشكل أخرى جديدة، مثل الانتقال من الحداثة إلى
مابعدها - أو التى يطلق عليها هابرماس وفق تحليله الفلسفى الحداثة الفائقة - ثم إلى مابعد بعدها. أو الانتقال من الثورات الصناعية الأولى إلى الثانية والثالثة والرابعة ... إلخ، فى ظل المابعديات تتقوض عوالم وفلسفات ونظريات ومفاهيم وأفكار وأنساق وترتيبات وآليات، ويتبقى بعض منها مستمرًا فى ظل هذا الانتقال والتحول إلى الجديد، ونظرياته، ومفاهيمه، وسياساته، وآلياته والمستمد من الحداثة، وما بعدها إلى ما بعد بعدها، وهو ما قد يعسر من عمليات التحول الكيفى الجديد، وهو ما يؤدى إلى ارتباكات فكرية، والاضطراب والغموض وذلك لما يلى على سبيل المثال:
1- استخدام بعض الفلاسفة والمفكرين والباحثين لمنظوماتهم، ورؤاهم النظرية ومناهجهم التى اعتادوا عليها، ومارسوها فى تحليلاتهم، ومقارباتهم النقدية، فى محاولة فهم الظواهر والتغيرات الجديدة، ومن ثم يقسرون الواقع الفعلى الجديد فى أسر هذه الهندسة النظرية والمفاهيمية التى تجاوزها واقع الحياة.
2- ثمة ميلُ سوسيو - نفسى لدى بعض المفكرين والمثقفين والكتاب إلى الدفاع عن إنتاجهم النظرى أو الفكرى أو الفلسفى خلال مسيراتهم التنظيرية أو التأويلية أو التحليلية، وإثبات سلامة توجهاتهم، ومن ثم تطبيقها على الواقع الجديد وتحولاته.
هذه النزعة إلى إعادة الرؤى القديمة، وإثبات مطابقتها للمتغير والجديد والمتحول، هى آلية دفاعية عن العقل والذات المفكرة، وصوابية ما سبق أن اهتدت إليه من منظورات ورؤى وكتابات أيًا كان الحقل الذى اشتغل عليه الفيلسوف، أو المثقف أو الباحث. هذه النزعة تبدو وكأن بها بعضا من المطلق الديني، ومن ثم تبدو بها إيمانية ما أيًا كانت مستوياتها ودرجتها، لأنها هجرت النزعة النسبية للحقيقة المتغيرة، بحسب طرائق ومناهج الرؤية لهذه الحقيقة المادية، والرمزية. من هنا لجأ بعضهم ذالكاتب المسرحى الأمريكى من أصول صربية ستيف تيسش فى مجلة «The Nation» 1992- إلى إطلاق مصطلح ما بعد الحقيقة، الذى يعرفه قاموس أكسفورد كصفة زمتعلقة أو دالة على الظروف التى تكون فيها الحقائق الموضوعية أقل تأثيرًا فى صياغة الرأى العام مقارنة بالاحتكام إلى العواطف والقناعات الشخصية». من هنا تعود الشعبوية ورموزها إلى الظهور مجددًا للتأثير فى مسارات السياسة والرموز، والمشاعر الجمعية، والسلوك الجماهيري، والكتل التى تحركها بعض الشعارات القومية والهويات المتخيلة فى عالم غادرته القوميات إلى ما بعدها، ومن الهويات المتعددة المصادر والمكونات والرموز إلى ما بعدها. من ثم تبدو عدم الكفاءة التحليلية والنقدية والتفسيرية للمنظورات النظرية والمناهج الفلسفية والسوسيولوجية والسياسية والقانونية ... إلخ، لفهم ظواهر النكوص إلى بعض المفاهيم والمتخيلات الجماعية الماقبلية - ما قبل الحداثة وما بعدها وما بُعد بعدها - وما قبل العولمة، وما بعدها. من هنا تنتج هذه الحالة غموضها وتشوشها وسيولتها فى الرؤى الكلية والمنظورات الفرعية، وفى القيم والهويات المتصدعة، أو المشروخة، والرموز التى غادرتها معانيها، ولا تزال بها بعض منها ... إلخ.
3- نزوع الأجيال الفكرية والسياسية، والبيروقراطية إلى رؤية العالم المتغير وتحولاته وفق الرؤى والمفاهيم التى سبق أن شكلتهم، وتعلموها وتدربوا عليها ومارسوها، ومن ثم يحاولون فرضها على الجديد والمتحول، وإلى نسيان الواقع الموضوعى المتغير إلى ما يمكن أن نطلق عليه ما بعد الواقع الموضوعي، أى رؤيته بعيدًا عن حقائقه المادية والرمزية، والشعورية، وتغيراته فى السلوك الاجتماعى والسياسى وفى المكونات الثقافية وعناصرها ومصادرها وتغيراتها النسبية البطيئة، لكنها تتسارع فى ظل الثورة الرقمية، وبدايات التحول إلى الكائن الرقمى كمركز للعالم.
من هنا تبدو التناقضات واسعة بين الواقع الموضوعى ومتغيراته وتحولاته، وبين ما قبل وما بعد الواقع الموضوعي. خذ على سبيل المثال مصطلح الربيع العربي، المستعار من مصطلح الربيع الأوروبى فى القرن التاسع عشر، على الرغم من التباينات بين الثورات الأوروبية، وبين الانتفاضات الجماهيرية الثورية الكبري، والاختلافات فى السياقات التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. استعارات ومجازات تبدو أنيقة وغاوية ولكنها مضللة. من هنا تبدو الفجوات بين تفكير النخبة السياسية الحاكمة ومحمولاته ما قبل 25 يناير وما بعده واستصحابها مجددًا ومعها سياسات لم تحقق نجاحًا يذكر، ومحاولة تطبيقها، مع تغافل طبيعة ما جرى وأسبابه وفواعله، وسياقاته، والفجوات الجيلية فى الأفكار ورؤى العالم، والقيم، والرموز. ثمة تصورات خاطئة ومنها أن استخدام عنف أجهزة الدولة، يؤدى إلى الاستقرار السياسى والاجتماعي، بينما يفاقم من التباينات الجيلية بين الحكم والأفكار الجديدة والواقع الموضوعى المتغير، وبين حقائقه النسبية، وبين ما بعدها. خذ المنظومات الدينية التأويلية الموروثة والمنتزعة من سياقاتها وظروفها وأسئلتها وواقعها، ويراد تطبيقها على الواقع الموضوعى المتغير رغم التحولات النوعية التاريخية الكبرى التى تمت عبر الزمن.
ما بعد الحقيقة، وما قبل الواقع الموضوعي، وما بعده، يزيد من غموض وتعقد الظواهر ويؤدى إلى مقاربات قديمة لم تعد فى غالبها صالحًا لإمدادنا بفهم جديد ولغة جديدة مواكبة لما يحدث حولنا وبنا، ويزيد من تفاقم مشكلاتنا وطرائق التعامل معها، استقصاءً لأسبابها وتطوراتها، والقوانين التى تُسيرها. من ثم سنظل أسرى رؤانا الماقبلية، وسيولة واضطراب المراحل المابعدية المتغيرة ومنها ما بعد الحقيقة وما بعد الواقع.
لمزيد من مقالات نبيل عبد الفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.