تخطى كبار الفنانين منذ سنوات محيط الوطن من أجل مصر، ففى محاولات مهمة لدعم الوطن خصصت أم كلثوم إيرادات حفلاتها فى عواصم أوروبا والدول العربية لدعم الجيش ، ثم قامت بنفسها بحملة لجمع التبرعات من المشاهير والشخصيات العامة لأجل مصر وطافت مكاتبهم ومقراتهم للحصول على تبرعات من أجل البلد، كما كان للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ مآثره فى دعم الوطن فقد قام عقب النكسة بالتبرع بأجر جميع حفلاته للجيش المصرى ، ومن العلامات البارزة أيضاً فى تاريخ دعم الفنانين لوطنهم مصر حملة «قطار الرحمة» وكان يمر بمحافظات مختلفة ليجمع التبرعات العينية والمالية بمشاركة نجوم مصر، واستمر لسنوات وكان الفنانون يتجمعون فى محطاته المختلفة لتشجيع الجمهور على التبرع ، ومنهم زوزو ماضى وزينب صدقى وزهرة العلا وليلى فوزى وأميرة أمير وأمينة رزق ومارى منيب وحسين رياض ومحمد كمال المصرى وكارم محمود ومحمود شكوكو وجلال حرب وعزيز عثمان وكمال الشناوى وعماد حمدى ومحمد جنيدى وحسن فايق، وغيرهم أما فى الآونة الأخيرة فنرى افتقادا للشعور الوطنى من جانب بعض المطربين وحول هذه القضية يقول الاعلامى فهمى عمر : عطاء الفنانين فى الماضى مليئ بالبطولات والجهود لأجل مصر، ومنهم كوكب الشرق أم كلثوم وتحية كاريوكا وعبد الحليم حافظ وشاديه وغيرهم ، وما قامت به أم كلثوم من مجهود بعد النكسة كان يفوق الوصف، فقد وهبت للجيش والمجهود الحربى صوتها ووقتها وشهرتها، فغنت لصالح الجيش داخل وخارج مصر وقامت بنفسها بجمع التبرعات من كل مكان تسافر إليه ، حتى خارج المجهود الحربى ودعم الجيش وكان الفنانون يجوبون المحافظات لدعم الوطن والجيش وكانت الأهالى تتجمع حول مايسمى بقطار الرحمة الذى كان يطوف المحافظات المختلفة، ويضيف: كان الفنان المصرى داعماً لبلاده، وكان الفنانون يتهافتون على المشاركة فى حفلات لصالح مصر .. ولكن أين هؤلاء الفنانين الآن؟ وهم من صنعتهم مصر والجمهور المصرى ، فقد اختلف الجيل الحالى من المطربين عن جيل الرواد، واتمنى أن يدرس فنانو هذه الأيام ما الذى فعله الجيل السابق وأن يتعلموا حب الوطن، وأن الظروف التى كانت تمر بها البلاد وقت الحرب تشبه كثيرا ما تمر به الآن ولكن بشكل مختلف. وهو ما أكده المخرج على عبدالخالق قائلا: إن الدور الوطنى للفنانين بمثابة الواجب بل هو فرض سواء كان هذا الفنان ممثلا أو مخرجا أو مؤلفا خاصة المشهورين منهم لأن هؤلاء النجوم عاشوا وربحوا ونالوا الشهرة من تراب هذا الوطن وشعبه العظيم إذن الفضل فى نجوميتهم ترجع للشعب وليس عيبا على الإطلاق أن يرد النجوم لوطنهم الجميل، ولا أقول رد الجميل من خلال تبرعات مادية وإن كانت مطلوبة ولكن على الأقل فى تقديم مضمون فنى راق يفيد البلد لأن ما نشاهده من عناصر الفن المختلفة فى معظمه محبط وردئ ولايساعد الوطن فى أى شئ بل يزيد من اليأس والإحباط والتخلف. ويضيف: مصر فى حاجة الى الفنان الذى يمتلك إحساس وضمير نحو مجتمعه ويمتلك شعور إنسانى تجاه وطنه، وأتساءل أين نجوم الفن من نموذج كوكب الشرق التى ضربت أروع الأمثلة فى حب الوطن؟ ولا زلنا نذكره رغم مرور عشرات السنوات عليه، فأم كلثوم فى أعقاب حرب 67 وبضمير وطنى خالص نظمت الحفلات فى الداخل والخارج لجمع التبرعات لمصر مشيرا إلى أن ماحدث من أنغام مؤخرا بعدم التزامها بحفل أضواء المدينة لتأخر أجرها عن الحفل هو موقف مرفوض ولا يليق ولا يصح من فنانة لها مكانتها. وتقول المخرجة انعام محمد على :لا يستطيع أحد إنكار دور الفنانين فى مصر على مر العصور فى الدعم ، فمن ينسى أهمية ما قامت به أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهما من الفنانين من أجل دعم المجهود الحربى داخل مصر وخارجها حيث تسابق الفنانون وجميع طوائف الشعب ، للتبرع ضمن حملة خاصة لدعم المجهود الحربي، بهدف تعزيز ودعم الجيش المصري، وبث روح الحماس فى المصريين بأغانيهم الوطنية، فقد كان الفنانون لهم ثقل عبر تأثيرهم على الجمهور سواء بالتشجيع على التبرع أو بث الروح الوطنية، وكانت فكرة قطار الرحمه الذى كان يجوب المحافظات وعلى متنه مجموعه من الفنانيين لجمع التبرعات وكانت تتسابق الاهالى على المشاركه معهم وكان الفنانون يقومون حفلات بالمجان بدون اجر كما ان الموسيقيين كان يتعاطوا نصف اجورهم أما الآن ونحن فى زمن الأجور الخياليه التى تجاوزت الملايين وفى ظل الظروف الاجتماعيه لا بد ان نشارك جميعا فى هذة الفترة الحرجه التى تمر بها مصر لان الظروف الان اشد وطأة من الماضى من حرب واقتصاد منهك ونسبه فقر عاليه والفنان يعتبر قدوة والشعب هو من اعطى هؤلاء الفنانون هذة الشهرة الكبيرة وأنا أرى أنه يوجد على الساحة فنانون يستحقون حب الشعب وفى مقدمتهم الفنان محمد صبحى لإسهاماته سواء فنيه أو على أرض الواقع ونحن ننتطر من الجميع رد الجميل للوطن الذى اعطاهم حبه واحترامه. وأوضحت الكاتبة فريدة النقاش أن دور الفنان يجب أن يكون دورا طليعيا ذات أبعاد إجتماعية وسياسية وثقافية فالناس تحبهم وترتبط بهم وهناك من يقلدهم فهم قدوة للمجتمع والفن المصرى يمتلك تاريخ طويل من الإبداع والتميز ولكن للأسف قلة قليلة من الفنانين هم من يدركون ذلك نتيجة الرغبة فى الربح السريع والشهرة دون الوعى بالدور المهم للفن الذى أحوج ماتكون إليه مصر الآن وأصبحت فكرة الدور غريبة عن معظمهم فنجد التبرعات للمشروعات أو المستشفيات ظاهرة فردية وليست جماعية وأصبحت الثقافة الرائجة لدى بعضهم هى ثقافة الربح السريع بغض النظر عن الرسالة الحقيقية للفن، وأتمنى أن أرى نجم أو نجمة تحذو حذو أم كلثوم فى دعم الوطن فنقف له إجلالا وتعظيما كما وقفنا لأم كلثوم ونتذكرها بكل خير حتى الآن.