بالرغم من وجود إجماع داخل دوائر صنع القرار الأمريكي والإسرائيلي في أن استمرار النظام السوري بتوجهاته الراهنة, يمثل مصلحة إسرائيلية وأن إنهاك النظام يمثل فائدة استراتيجية, إلا أن الشواهد الأخيرة وتتالي تصريحات القادة الإسرائيليين تشير إلي احتمال تغيير الموقف الإسرائيلي من الثورة السورية وتداعياتها. ومن ذلك تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن سقوط النظام السوري سيضعف حزب الله وحماس هو أمر سيلقي بتبعاته الايجابية علي إسرائيل والشرق الأوسط, كما جاءت دعوة الرئيس شيمون بيريز للتدخل العسكري الفوري في سوريا علي غرار التدخل العسكري في ليبيا لحسم الأمر وإسقاط النظام السوري, بالإضافة لدعوة نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية شاؤول موفاز للتدخل الدولي العسكري من خلال دعم الولاياتالمتحدة وإجبار النظام السوري علي الرحيل بالإضافة إلي تأكيدات رئيس الأركان بني جانتز بان إسرائيل تدرس إمكانية مهاجمة قوافل محتملة تنقل أسلحة متطورة إلي حزب الله, وكذلك تصريح أفيف كوخافي رئيس الاستخبارات العسكرية( أمان) لان سقوط النظام السوري علي نحو أفضل ويخدم مصالح إسرائيل في مجمله. واللافت في هذه التصريحات توقيت إطلاقها خاصة من الأسماء القيادية في مراكز صنع القرار في إسرائيل والتي تشير إلي عدة حقائق أولاها أن هناك توجها داخل أجهزة المعلومات لضرورة التدخل المباشر وغير المباشر في الأزمة السورية, وأنه آن الأوان لكي يكون هناك دور مباشر لإسرائيل في الأزمة, لان تفاصيلها سيلقي بتداعياته علي أمن إسرائيل, وتهديد أمنها سواء من حزب الله أو حماس أو إيران ومن ثم فان الانتظار لا يعني عدم اتخاذ قرار أو موقف, أو تبني توجه أو العمل علي رصد آثار الموقف تجاه سوريا.وثانيتها إعلان إسرائيل أنها ستمنع وصول ترسانة الصواريخ والأسلحة الكيماوية التي تملكها سوريا إلي حزب الله, أو توقف أمام خيار الأسد وبالتالي فان الأمر تجاوز الإعلان عن تشكيل الجيش الإسرائيلي, حيث بدأت فرقة عسكرية جديدة تتخصص في إطلاق الصواريخ باتجاه المناطق المأهولة, وبدأت الفرقة تدريباتها علي إطلاق الصواريخ علي مدي يتراوح بين30 و340 كيلو متر ومن ثم ستزيد في تدريباتها للتمكن من إطلاق صواريخها بعيدة المدي لمسافات تصل إلي160 كيلو مترا. وثالثتها ارتباط الوضع في سوريا بلبنان, ولهذا فان جنود اللواء جفعاتي في الجيش الإسرائيلي يتدربون علي القتال لاحتمالات التدخل في لبنان بهدف التدريب علي إعداد جنود اللواء للدخول إلي لبنان والاستعداد للحرب القادمة, ورابعتها انتهي أوان التأكيد ان الجبهة السورية الإسرائيلية هادئة منذ حرب1973 وان سوريا تحافظ علي الوضع الراهن وأنها لن تهاجم إسرائيل فسيناريو الصمت علي غرار ما جري في هجوم إسرائيل علي موقع نووي في عمق الأراضي السورية لن يتكرر لان النظام السوري ضعيف ومنهك مما قد يدفعه لتبني خيارات أكثر راديكالية تجاه القوي الداخلية بما في ذلك الإخوان ذاتهم, ومن ثم فان النظام السوري قد يندفع في استراتيجيات غير مرصودة وفتح جبهات جديدة تتجاوز حزب الله, ودعم إيران أو تدخل حماس, ومن ثم فعلي إسرائيل التحرك من الآن وعدم الارتكان للراحة والتهدئة, لان البديل لسقوط الأسد أيضا, سيكون إسلاميا أو قوميا وسيكون معاديا لإسرائيل فماذا ستفعل إسرائيل وقتها. هناك تأكيدات إسرائيلية إستراتيجية بأن النظام الجديد سيبني شرعيته علي ضرورة استعادة الجولان, وبالتالي فان إسرائيل قد تعمد لتبني إستراتيجية مواجهة والتحرك من أعلي وبدعم أمريكي في محاولة لتغيير المواقف الدولية الداعمة للنظام السوري, إلا أن الموقف الإيراني من المفاوضات الدولية سيلقي بتبعاته علي الوضع السوري بأكمله, ولهذا ليس صحيحا أن إسرائيل ستستمر تفرض وضع الفيتو علي أي جهود دولية لإسقاط بشار الأسد, ودعم الثورة السورية فالوضع يتجاوز التحذير الإسرائيلي من كون سوريا أكبر مخزن للأسلحة الكيميائية, وأن هذه الأسلحة ستقع في أيدي ثوارها مما يمثل خطرا علي أمن إسرائيل, ولهذا كان رئيس الاستخبارات العسكرية افيف كوخافي محقا عندما قال إن سقوط الأسد سيخدم مصالح إسرائيل, وأن مصير الأسد قد حسم والأمر لن يستغرق عدة أشهر في إشارة إلي أن إسرائيل يجب أن ترتب حساباتها وتقديرات أجهزتها وهذا أيضا ما دفع رئيس الحكومة الإسرائيلية نيتانياهو للتأكيد أن ما يجري في سوريا يدعو للتدخل لرصد مخاطره علي الامن القومي الاسرائيلي, ولتصاعد دور إيران وحزب الله وحماس في المدي المنظور. الحاصل أنه لا يوجد داخل أجهزة المعلومات في إسرائيل تصورات كاملة حول حدود التدخل المقترح وإطاره خاصة أن إسرائيل ظلت أكثر من عام ونصف تضع تقديرات وتصورات في اتجاه استمرار النظام, فهل سيتغير الموقف في ظل تنامي الشعور بالاقتراب من الخطر, وتزايد الضغط علي النظام السوري الذي ما زال متماسكا ومراهنا علي الاستمرار مع إتباعه لنهج الإصلاح المرحلي من الداخل واعتماده علي الدعم الروسي الصيني الذي لم يتغير حتي الآن؟