كان للزيارة الأخيرة التى قامت بها المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل أهمية كبيرة، حيث عكست عمق العلاقات بين الجانبين المصرى والألماني، كما عكست حرص المانيا على توطيد علاقتها بمصر باعتبارها شريكاً إستراتيجياً لها. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا إلى ديسمبر عام 1957، إلا أن علاقات الشعبين تعود إلى أقدم من ذلك بعقود طويلة ترسخ خلالها التواصل الثقافى والإنسانى بين البلدين، بما فى ذلك التعاون فى مجال التعليم، وليس من المستغرب أن تكون مصر هى أولى دول العالم التى تستضيف على أرضها العدد الأكبر من المؤسسات الثقافية والتعليمية خارج ألمانيا، وذلك منذ عام 1873، صرح بذلك السفير عزت سعد مدير المجلس المصرى للشئون الخارحية. ويقول السفير عزت سعد إن زيارة أنجيلا ميركل الأخيرة لمصر كشفت عن توافق كامل بشأن قضايا عديدة على أولويات استراتيجية السياسة الخارجية فى البلدين لاسيما قضية مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، كما اتفق البلدان على حوار منتظم بشأن قضايا الهجرة غير الشرعية، والتى تمثل تحدياً كبيراً لميركل التى تواجه ضغوطاً داخلية لا يستهان بها مع قرب الانتخابات العامة فى البلاد وصعود قوى اليمين المتطرف مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، والتى يخوضها أيضاً مارتن شولتز- رئيس البرلمان الأوروبى منذ عام 2012 حتى يناير 2017- عن الحزب الاشتراكى الألماني، الذى يتشارك مع ميركل فى الائتلاف الحالي. وأضاف أنه إلى جانب الهجرة غير الشرعية، التزم الجانب الألمانى بمساعدات تنموية لمصر، بمبادرة ألمانية، بنحو 250 مليون دولار قد تزيد على 500 مليون دولار فى المستقبل لدعم عملية إعادة البناء الاقتصادى الجارية فى مصر. كذلك وفرت الزيارة فرصة جيدة لتسوية ملف المنظمات الألمانية العاملة فى مصر منذ عقود، والتى تعد منظمات شبه رسمية تخضع لاتفاق التعاون الثقافى المصرى الألمانى وتقوم بأنشطة إيجابية لدعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى بلادنا بما فيها قطاعات الآثار وترميمها والتعليم الفنى بصفة خاصة. ولا يخفى على المتابع لتطورات السياسة الألمانية أن برلين لديها مسئوليات خاصة ارتباطاً بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والتداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية لذلك على الاتحاد. كما اتخذت ميركل موقفاً واضحاً وقوياً لم يعبر عنه أى زعيم أوروبى آخر- من قرار الرئيس الأمريكى ترامب بحظر دخول رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية، قبل أن يعدل عن ذلك أخيرا بإخراج العراق من قائمة الدول السبع. ولم يترك ترامب هذا الموقف ليمر مرور الكرام، حيث اتهم ميركل بتدمير ألمانيا لأنها- على حد قوله-حولتها ، بعد فتح الأبواب أمام اللاجئين، إلى بؤرة إرهاب يهدد أمن أمريكا. وفى هذا الإطار، فإن مما يثير قلق ألمانيا اتساع دائرة الدول التى لم تعد تستوفى المعايير التى على أساسها انضمت هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبى وما تواجهه من مصاعب اقتصادية ومالية ضخمة مثل اليونان وإيطاليا. وباعتبارها قاطرة الاتحاد الأوروبى تواجه ألمانيا تحديات أخرى تتعلق أساساً بالانقسام الأوروبى حول كيفية التعامل مع روسيا الاتحادية وقضايا الدفاع المشترك عن القارة، والشعبوية التى اتسعت دوائرها فى أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية، والتى ترفع شعار التخلى عن الهياكل الأوروأطلنطية التى دافعت عنها ألمانيا طويلاً. وقال عزت سعد إن ما تحقق من إنجازات على صعيد العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا، لاسيما فى مجال استثمارات الشركات الألمانية الكبرى العاملة فى مصر، سيكون محل اهتمام خاصا من الجانب المصري، خاصة أن الأمر يتعلق بدولة يحظى شعبها بإرثه الحضارى الكبير باحترام وتقدير المصريين.