أكد علماء الدين ان مرحلة الشباب في حياة البشر هي الركيزة الأساسية لتحقيق رفعة الأمم بهمة هذا الجيل الذي تمتلئ قلوبه بالشجاعة ويؤمن بقضية تطوير بلاده وصولا لمبادئ الكفاية والعدل وحفظ كرامة الإنسان, وأن الشباب هم أداة تطوير الأمة وأن تاريخ البشرية يفيض ببطولاتهم ويسجل أدوارهم الإيجابية لتكون القدوة والنموذج الذي يحتذي به لجميع الأجيال الإنسانية التي تفد فوق الأرض علي مر الزمان. وأوضح العلماء أن الإسلام قادر علي بناء المجتمع ووقايته من العودة إلي الوراء التي ترفضها طبيعة التقدم وتأباها مباديء الإسلام لأن التخلف عمل مضاد للشعوب الناهضة. ويحكي القرآن الكريم نماذج متعددة علي مدي التاريخ للشباب الذين جعل الله منهم أنبياء ورسلا ومصلحين وقادة كانوا أداة لتطوير أممهم ورفعة شأنها ونهضة أقوامهم.. وكانوا مشاعل أضاءت للناس طريق الهداية والحق, ويقول الدكتور أحمد شحاتة أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر, إن أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام تفتح قلبه وعقله علي الإيمان وهو في شبابه وأعلن الثورة علي الأصنام التي تعبد من دون الله وقام بتغيير هذا المنكر بيده كما جاء في قوله تعالي.. قالوا سمعنا فتي يذكرهم يقال له إبراهيم ولما هددوه بالتعذيب والإيذاء سخر من تهديداتهم وقال لهم ماحكاه القرآن في قول الله سبحانه لا ف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ويمضي الشاب إبراهيم منكرا عبادة النجوم والقمر والشمس ويشير إلي السر الأكبر الكامن في هذه الحياة وهذا الكون ويهتف إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا, ويسجل القرآن الكريم نبأ يحيي عليه السلام وتوليه الحكم في شبابه فقال عز وجل يا يحيي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا. ويضيف الدكتور رمضان يوسف الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر أن نبي الله يوسف عليه السلام كان شابا حين تعرض للتجارب الشديدة التي مرت به وكانت امتحانا قاسيا لصلابته وقوة عزيمته ولم تصبه عقدة نفسية ولم يسخط علي مجتمعه الذي نال فيه أذي كثيرا ولبث في السجن بضع سنين ثم خرج ليؤدي دورا إيجابيا في علاج الأزمة الاقتصادية التي أصابت البلاد وخاطب الحاكم وقتها معلنا عن كفايته واستعداده للعمل وتحمل المسئولية طبقا لقول الله سبحانه قال إجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم. ويقص القرآن الكريم نبأ مجموعة من الشباب الذين آمنوا بربهم الواحد ورفضوا قبول الأوضاع التي كانت سائدة في حينها ووصفهم الله في قوله سبحانه وتعالي إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي وربطنا علي قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا. ويستطرد الشيخ محمد مشالي وكيل وزارة الأوقاف السابق لشئون الوعظ والارشاد بجامعة الأزهر أن أهمية الدور الإيجابي للشباب في إقامة بنيان الدولة تمثلت في بداية الدعوة الإسلامية فقد كان الشباب أسرع الناس إلي قبولها والتصديق بما جاء به رسول الله وفي مقدمتهم علي بن أبي طالب وموقفه الفدائي ليلة هجرة النبي عليه السلام من مكة إلي المدينة والمبيت في مكانه. كما كان زيد بن حارثة من أوائل الشباب الذين دخلوا الإسلام وإلي جانب ذلك كان هناك الكثير من الشباب الذين امتلأت قلوبهم بالشجاعة واقتحموا غمار المعارك وناضلوا وهم في عمر الزهور واختار الله منهم شهداء يتوجون تاريخ الإسلام وكان للشابات من النساء أيضا مواقف خالدات ومن بينهن أسماء بنت أبي بكر وهي في سن الشباب وظلت صفة البطولة ملازمة لها طوال حياتها بعد موقفها في مواجهة أبوجهل عند سؤالها عن أبيها ليلة الهجرة وحيلتها لإقناع جدها بما تركه لهم والدها من مال علي غير الواقع بعد مرافقته ومعه كل ماله للنبي إلي المدينة. وقد أعطي النبي منذ ظهور الإسلام للشباب مسئولية العمل ليكون مبدأ يمكن تطبيقه في مختلف العصور عندما ولي أسامة بن زيد إمارة جيش المسلمين وبين أفراده أبو بكر وعمر بن الخطاب, وكان أسامة لم يتجاوز العشرين من عمره وبهذه الروح انتصر المسلمون بقوة الإيمان والخلق والعلم والجسد التي تتوافر في الشباب الذي يعتبر أمل الأمة في حاضرها ومستقبلها