مساء فى غمرة زحام لا يحتمل، و ضوضاء البائعين بأصواتهم الخشنة المتداخلة.. قيل لنا انظروا عن يمينكم، لتقع أعيننا على ذلك الرأس البديع بازغا .. دنونا من السور الحجرى مترقبين، فاكتمل أمامنا ذلك التمثال الضخم.. غمرنا شعور لا فكاك منه بالضآلة.. لكن إحساسنا بالانبهار كان السيد، بفعل تلك الإضاءة الهادئة المسلطة على جسد التمثال الممشوق. نهارا عدنا من جديد لحبيبة آمون.. أبوها الملك رمسيس الثانى وأمها نفرتارى جميلة جميلات الدنيا.. ميريت هو اسمها، أما «العروسة» فهو الاسم الذى أطلقه عليها أهالى مدينة أخميم، حيث تقف بشموخ. التمثال الذى يعد الأطول من نوعه لإمرأة فى مصر وربما فى العالم 11 مترا تم اكتشافه بالصدفة أثناء حفر الأرض لاقامة معهد دينى فى ثمانينات القرن الماضي، ومع استكمال الحفر تم استخراج تمثال جالس لوالدها رمسيس الثاني، بالاضافة الى بقايا تمثال آخر له،لم يتم تجميعه بعد، كما تم العثور على تمثال من العصر البطلمى يعتقد أنه لفينوس» إله الجمال»، حيث وجد بلا رأس. تفاصيل تمثال ميريت آمون غاية فى الدقة والجمال والأنوثة، حتى إنه قد يساورك الشك للحظة أنه قد صنع من حجر أصم ، ولن تصدق أن شفاهها على سبيل المثال لا تزال محتفظة باللون الأحمر. وكما علمنا من مفتشى آثار الموقع، فإن جزءا من الساقين وانتهاء بالقدمين والقاعدة قد تمت إضافتها أثناء الترميم لتعويض الجزء المفقود . لو كان لميريت أى حبيبة آمون أن تنطق، لجأرت لنا بالشكوى من موقعها. أعينها شاخصة على مشهد قبيح لبيوت منطقة «الكوم» العشوائية، بينما يحوطها من الخلف سوق المدينة المكتظ، وخاصة يوم الأربعاء من كل أسبوع، فأضحت محاصرة من جميع الجهات بما اقترفته أيدى أحفادها. لا تستجدى منهم سوى بعض الاحترام والهدوء، وهو ما طلبه مرارا مسئولو آثار الموقع من المحليات بلا جدوى!