دماء علي الأسفلت.. ضحايا وإصابات.. وكثير من المخاوف والإتهامات المتبادلة.. حقائق وشائعات وفتنة نائمة في غياب سطوة القانون تهدد بالمزيد من الإشتعال. قضية قتل شقيقين بالشرقية أحدهما موسيقي أثارت الرأي العام بسبب اتهام أهل المجني عليهما عناصرمن التيار السلفي. بالجريمة بعد عدة تهديدات وفتوي اهدار دم. وفي ظل تأكيد أهل الضحايا وجيرانهم ونفي الطرف الآخر, لسنا جهة تحقيق لتحديد ما اذا كانت الخصومة ثأرية أم أنها حلقة في مسلسل عنف وفرض الوصاية من جانب بعض العناصرالتي اشتكي كثيرون من استخدامهم السلاح لفرض قانونهم الخاص, لكن المؤكد أن هناك أزمة تهدد بالإنفجار في ظل دوريبدو باهتا بل غامضا أحيانا للأجهزة الأمنية. تبدو رائحة الموت ولوعته حاضرة بقوة في حارة زهوة بأبوكبير, رغم مرورعدة أيام علي واقعة قتل الشقيقين محمد وحسن مصطفي, أثناء عودتهم من أحد الافراح بفاقوس والذي كان يشارك فيها محمد بفرقته الموسيقية. لتظل الطفلة ذكري,5 سنوات في انتظار الشيكولاته التي وعدها والدها محمد الشهير بويوي ان يحضرها لها ولم يأت.. علشان مات, كما تقول الصغيرة. لكن الموت هذه المرة يبدو مختلفا لدي سكان المنطقة الذين علقوا صورة الشابين في الشارع الرئيسي, بقدر كبير من مشاعر الخوف والقلق. مشاعر طغت علي حوار الجيران والأصدقاء وأهالي الحي ممن قدموا لتقديم العزاء. ويصحب عويل وبكاء الام المكلومة دعوات علي من كانوا سببا في موت فلذتي كبدها متسائلة أليسوا مسلمين ماذا فعلوا؟ فالجريمة هذه المرة وقعت بعد خلافات سابقة وتهديدات بالقتل كما يروي الأب مصطفي أبوحسن وعدد من أفراد العائلة المكلومة. منذ خمسة أشهر,أقام محمد حفلا لسبوع وليدته جومانه حضره عدد من فناني الشرقية والمنصورة لمجاملته. ويومها اقتحم المكان حوالي ستة اشخاص يحملون الآلي, نعرف بعضهم, ناهرين محمد عن تلك المسخرة كما اطلقوا عليها طالبين منه فضها, وهددوه ان لم يفضها ان تتحول الي بحور من الدم. وهنا قام الاب بالتدخل لإحتواء الموقف وانفض الحفل ولكنهم هددوا زوجي وقالوا له احنا حكومة البلد كما تقول نبيلة السيد زوجة محمد الذي مات تاركا خمسة اطفال وزوجة أخري حامل في شهرها الثالث وتستطرد باكية: نعيش اليوم في رعب خوفا علي بقية من لدينا, خاصة اننا حاولنا الإستنجاد بالشرطة قبل الحادث لكنهم مش قادرين عليهم. أما هبة الزوجة الثانية لمحمد فتقول أن عناصر من السلفيين بالمنطقة ذهبوا لأهلها يطلبون منهم تطليقها من محمد لانه يعمل بالموسيقي ولكنهم رفضوا. لكن القصة لم تنته بعد حوالي شهرين حدثت مشكلة أخري بين عائلة مصطفي وعائلة جيرانهم محمد وفتحي لطفي, الملتحين كما تقول نبيلة, بدأت بخلافات أطفال وسب لوالدة القتيلين لتنتهي الي جلسة صلح بين الأطراف المختلفة تحولت إلي طلق نارعشوائي أصاب يومها أحد الحضور وهو مصطفي هوجة, ينتمي للجماعة السلفية وأصيب حوالي ستة اشخاص بالمنطقة من بينهم مصطفي ابو حسن, والد القتيلين وابنه أحمد,11 سنة. بعدها توالت التهديدات علينا كما يقول والد القتيلين وقالوا لي اخرج انت و عيلتك من ابو كبير لأن الشيخ عبد المنعم الدندراوي الشهير بالفار أحل دمكم. وأرسلت تلغرافات استغاثات إلي كل الجهات لحمايتنا من وزير الداخلية, إلي النائب العام و المحافظ ووزير العدل دون جدوي. وقتل حسن ومحمد ويتساءل مصطفي ماذا جني أولادي, هل كنا في دين الإسلام وخرجنا عليه ؟ جريمة يعتبرها البعض خصومة ثأرية بين طرفين في حين يعتبرها آخرون حلقة في سلسلة من أعمال العنف والتهديد الذي انتشر في ابو كبير كما يقول أحمد خليل, أحد شباب المنطقة منذ عدة شهور يقوم به بعض الملتحين بحجة محاسبة المجرمين والسارقين ومن يرونه مخطئا. ابراهيم مصطفي,16 سنة, أخو القتيلين وكان معهما أثناء الحادث قال أنه رأي بعضا من العناصر السلفية ممن كانوا يهددوهم وهم يكسرون علي سيارة حسن و محمد ويطلقون عليهم وابل الرصاص في حين حاول الهروب حتي لا يفتكوا به. سيد مصطفي, الأخ الآخر, قال: هددوني إن لم يسحب أبي البلاغات ضده م ح نولع فيكو زي الفيران. ولكن الأب المكلوم يرفض التنازل. أحمد بخيت, أحد المنتمين للتيارات الإسلامية يقول أنه يرفض ما يصنعه هؤلاء ويعتبرهم من الخوارج ويستطرد: رأيتهم وهم يطلقون النار يوم جلسة الصلح علي مصطفي وابنه ونهرتهم كده حرام انتو بتفتروا علي الناس دي. مشيرا إلي ان ابني مصطفي لم يخرجا من دائرة الإسلام... كلمات حين حاول التدخل بها لمنعهم من الإعتداء علي الأسرة حاولوا ضرب النار عليه و ايذائه هو أيضا. ويشرح خليل ان معظم من يقوم بهذه التصرفات شباب لا علاقة لهم بالشريعة والإسلام, يمارسون البلطجة بهدف فرض السطوة مستخدمين السلاح في غياب الشرطة وسيادة القانون فيقومون هم بفرض قانونهم ويضيف أنه حين حاول عقد لقاءات مع عدد من العقلاء وكبار المركز لبحث سبل مواجهتهم, كان الخوف هو السائد. ليستطرد أخوه يحيي قائلا أن من يقومون بهذه الأعمال عدد من البلطجية الذين يتسترون بالدين ويتبرأ منهم كل من يعرف شرع الله بحق. سهير شطية, أحمد خليل, عبد العزيز سيد, أحمد رشوان, منصور العبوطة, وغيرهم من أهالي المنطقة تجمعوا في بيت مصطفي في مناقشات مستمرة عن أحوال المنطقة التي كما يقولون سيطر عليها الخوف: لتتردد جمل مثل احنا عايشين في رعب, اي حد بيزعلهم بيضربوه في رجله بالرصاص ثم يطوفون به البلد كعبرة., يأتون علي ثمانية أوعشرة موتسيكلات يحملون الأسلحة, دون أن يستطيع احد التصدي لهم ويرددون احنا الحكومة الشرطة مش قادرة عليهم, مفيش حد يحمينا محمود مغاوري كان قاطع طريق منهم من يمتهن البلطجة ليس لهم علاقة بالدين, بيداروا في الذقون.جلدوا حسيب80 جلدة البلد دي طيبة وعايزة تعيش مرددين الكثير من القصص من الصعب التمييز فيها بين الحقائق و الشائعات وإن كان البعض منهم يحمل فيديوهات مصورة علي محموله لأشخاص يحملون السلاح ويجوبون الشوارع ويطلقون الرصاص. منها قتل ربيع, مخبر الشرطة واقامة حد قطع اليد علي شادي لأنه سارق في حين اوضح العقيد أمجد فتحي, رئيس فرع البحث الجنائي بفرقة شمال الشرقية أن شادي محمد السيد قتل في مشاجرة بين بلطجية وبه قطع بالفخذ واصابة بكف يده اليمني وليست مسألة إقامة حد. وهو من يرفض أيضا تحويل الدفه نحو السلفيين في جريمة القتل قائلا أنهم لو هم من قاموا بها فهو بسبب الثأر والخلافات السابقة. لكنه اعترف بأن البلد مليانة سلاح وأن الشرطة تبذل كل طاقتها لضبطه ولكن الأمور لن تنصلح بين يوم وليلة. ونفي الإتهامات الموجهة للمركز بأنه يغلق ابوابه في وجه من يستعين به وان السلفيين يستقوون علي الشرطة. وقال أنهم ذهبوا لضبط واحضار السلفيين المتهمين في القضية لكنهم لم يجدوا احدا في المنازل. في الوقت الذي استطاعت فيه الاهرام مقابلة عبد المنعم الديدموني, أحد المتهمين في بيت أخيه محمد الديدموني( الشهير بالفار) من اجل التعرف علي الجانب الآخر من الحقيقة, وقال لنا أنه لا علاقه له بالقضية وأنه لم توجه له اتهامات رسمية ولا طلب ضبط واحضار.وقال في جلسة حضرها عدد من الشباب المنتمين للتيار السلفي, أن حرمة الدماء أشد من حرمة الكعبة. وأن من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها, فمن يستطيع قتل نفس وتعريض نفسه لأن يكون في النار؟ خاصة أن اول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هو الدماء. وقال ان اتهام السلفيين في هذه القضية به طرف ثالث لن يكشف عنه لآن لكنه يتمني سرعة القبض علي الجناة. في حين أكد عبد الله البديل أن الشيخ عبد المنعم الديداموني كان أحد القضاة العرفيين في الصلح ولا علاقة له بالقتل واتهم عبد الله, أحد شباب السلفيين, الشابين القتيلين بانهما بلطجيان وسيئا السمعة وانه تم ضبط احدهما من قبل بحوزته قنابل. وهو ما نفاه جيران الفقيدين وأصدقائهما مثل ابراهيم عبد الودود, كلنا نعرف عنه واولاده حسن السمعة وطول عمرهم في حالهم ومحبوبين ممن حولهم. وتساءل عبدالله والشيخ محمد إبراهيم مسئول جمعية مفاتيح الخير, عن سبب الهجوم وتكسير مقرالجمعية التابعة للحركة السلفية قائلا: ايه اللي الجمعية عملته, اعذر اهل الميت لكن ما ذنب جمعية تقدم الإعانات للفقراء والمقبلين علي الزواج. مضيفا انه رأي من بين المحرضين شخصين كانا يعملون مع جهاز امن الدولة السابق يقفان بين المحرضين علي التعدي علي الجمعية مؤكدا وجود طرف ثالث. ويرد أحد جيران مصطفي: أن التكسير والهجوم كان رد فعل تلقائيا من بعض شباب المنطقة ممن حرقت قلوبهم لموت محمد و حسن. وفي الوقت الذي ألقي كثير من أبناء المنطقة باللوم علي الشرطة التي لا تتمكن من حمايتهم يقول عبدالله الناس عندها ثقة في السلفيين أكثر من المركز, لذا نخرج لنجدتهم لأن الشرطة لا تقوم بدورها. مستطردا: اسألوا عن دور السلفيين بعد الثورة هم من حموا مركز الشرطة وقاموا باللجان الشعبية لحماية اهل ابو كبير من البلطجية اثناء الإنفلات الامني والمجرمين موقف وصفه البعض مثل احمد خليل استقواء بالسلفيين لكن هل يمنحهم ذلك الآن الحق في فرض سطوتهم؟ رد احد شباب السلفيين قائلا: لا نفرض سطوتنا لكن نحمل السلاح لحماية من يطلبون منا التصدي للبلطجية ولا نتدخل من تلقاء أنفسنا. ليضيف عبد المنعم الفارأنه كلما ذهب أحد بشكوي لقسم الشرطة يرسلونه إليه لحل المشكلة. فهل يصبح ذلك مبررا للبعض لترديد جمل انا الحكومة في مواجهة أهالي أبو كبير كما يقول يحيي بخيت؟ ويمنحهم حق التدخل في شئون البعض وتجريم و تحريم بعض السلوكيات؟ وهو ما ينفيه عبدالله قائلا لو نحن نفعل ذلك لكان الأولي أن أقيم الشرع علي أخي الذي يتعاطي المخدرات!! إلي هنا انتهي دورنا الصحفي لتبقي الأمور في يد جهات التحقيق للوصول إلي الحقيقة ومحاولة وأد الفتنة قبل المزيد من الإشتعال. تصوير: محمد مصطفي