في حوار منذ سنوات بعيدة مع الكاتب الكبير الأستاذ توفيق الحكيم أنني سألته, بكل ماكان لكتاباتك من تقدير واعجاب لدي الرئيس جمال عبدالناصر وماذكره بنفسه أن كتابك عودة الروح بالتحديد كان من الكتب المؤسسة لفكرة الثورة لماذا لم تقترب منه بما يكفي لتؤدي دورا مؤثرا وعميقا في تحصين العدالة الاجتماعية التي كانت من أهم سمات حكمه بالديمقراطية وقد كانت جماهيريته تزرع محبته ومكانته في قلوب ملايين المصريين, ولكن للأسف زرعت معها استبداد الحاكم الفرد وتسليم الحكم لنائب يختاره بإرادة فردية وعلي الشعب الطاعة والاذعان. وكان التسليم الي الرئيس السادات ثم بنفس المنطق الفردي الاستبدادي التسليم لنائبه مبارك حتي وصل بنا الانحدار إلي أسفل درجاته أعود لسؤالي الذي وجهته للأستاذ الحكيم لماذا آثرت الابتعاد عن الرئيس عبدالناصر بينما التف حوله الكثير من النافخين في نيران تأليه الحاكم الفرد؟! يومها قال لي الاستاذ خشيت من خطر الاقتراب من الحاكم علي الكاتب وآمنت أنني يجب أن أقف بعيدا!! ولم أقتنع يومها بمنطق الأستاذ وأحسست أنه فرط في مسئولية الكاتب التي تفرضها أمانة الكلمة. تذكرت هذا الحوار وأنا أتلقي مساء الخميس6/21 دعوة مع مجموعة من القوي الوطنية وشباب الثورة للقاء د. محمد مرسي ولم يكن قد انتخب رئيسا بعد ولكن كان في رأي المرشح الوحيد للرئاسة فلم أصدق للحظة واحدة أنه يمكن أن ينتخب المصريون مرشحا من رموز النظام الذي استذل وأهان ونهب الشعب أكثر من ثلاثين عاما, وعلي الرغم من الخلافات الجذرية علي ممارسات حزب الأغلبية في البرلمان وفي تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور والانسحابات المؤسسة للجماعة عن حماية الثوار خاصة في محمد محمود ومجلس الوزراء ناهيك عن انسحابات الأيام الأولي من الميدان!! ولم يكن وقت حسابات علي الماضي ولكن اصطفاف وطني واجب لمواجهة مخاطر ومهددات أيام من أخطر ماعاشت مصر في النصف الثاني من شهر يونيو الماضي والمصريون يواصلون تلقي ضربات موجعة تنذر بانقلاب يستكمل حلقات الثورة المضادة, والمجلس العسكري وباعلان دستوري مكمل يتراجع عن تسليم السلطة كما وعد في30 يونيو وقرار لوزير العدل يضع الشرطة العسكرية في مواجهة الشعب التي تمثل حمايته والدفاع عنه جوهر مهماتها المقدسة, وتصدر الدستورية العليا حكما بحل مجلس الشعب استنادا الي ماقيل أنه عدم الدستورية.. ورجاء ألا نعيد السؤال الذي ألح به الكثيرون لماذا التزم اساطين القانون الصمت أمام خروج الملايين لينتخبوا مجلسا غير دستوري؟!! ثم الحكم بدستورية أن ينافس علي رئاسة مصر رمز من اكبر رموز النظام الذي أسقطته الثورة؟! في مواجهة هذه الضربات المتلاحقة شهد الخميس6/21 اجتماعا بالغ الأهمية لمجموعة من القوي الوطنية والاحزاب وشباب الثورة لتكوين جبهة أو تيار شعبي يجتمع تحت لوائه هذه القوي في كتلة أو قوة واحدة تملك أهلية وشرعية تمثيل ملايين المصريين علي أن يضم هذا التحالف ممثلين لجميع التيارات ليبرالية واشتراكية واسلامية وقومية ينظمها اطار تنظيمي يضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة والدعوة التي خرجت من الاجتماع تطرح ثمارها الآن في مجموعات عمل لبناء تيار شعبي وحد صفوفها وخطط عملها ويضع نهاية لخطيئة انقسامها وتشرذمها أيضا مساء الخميس6/21 كانت الدعوة للقاء د. محمد مرسي ومجموعة من أعضاء حملته الانتخابية لتدارس المشهد الملتهب وقد حسمت قلقي في جدوي المشاركة بقرار مسئولية الكاتب خاصة في لحظات خطر تصل الي مستوي ماوصلنا اليه في النصف الثاني من يونيو2012 وسواء بالظاهر أو الخفي من الاجراءات والقرارات التي وصلت الي مستوي المذبحة التي تجهز لاستكمال القضاء علي الثورة تحت غطاء انتخابات رئاسية ومايصل الي مستوي خيانة عظمي بتقسيم شعب ونشر التخوين والترويع والفتن بين أبنائه.. ووسط مجموعة من الرموز والأمناء الذين شرفت بالعمل وسطهم وقبل قيام ثورة25 يناير بسنوات دار الحوار وتجددت الوعود والعهود التي قطعها د. مرسي طوال حملته الانتخابية كرئيس لكل المصريين لا تمييز ولا تفرقة ولا انتماء لجماعة علي حساب الكل الأعظم للوطن وأن يستمد شرعيته من اقامة جسور وروابط عميقة مع الشعب وتأكيد كرامته وسيادته وحقوقه الاصيلة في الحياة وفي المشاركة في إدارة وطنه وحماية الثورة وتحقيق مطالبها واسترداد وحدة الصف وخاصة من رفضوا ومن قاطعوا أو من خدعوا وصدقوا ما ارتكب بحق الثورة من تشويه وأن يقود مشروعا وطنيا لوحدة صف جميع القوي والتيارات السياسية وان يؤكد عدم المساس بالحريات والابداع وكل مايمثل جوهر روح مصر الحضارية والوسطية وسماحتها واستنارتها وأن يتجاوز بالشرعية الشعبية الألغام التي زرعت بالإعلان الدستوري المكمل وبحل البرلمان.. وقد بدأ بالفعل وكانت وقفته وخطابه واستقباله في ميدان التحرير خير استهلال. وياأيها النافخون في النار حتي وان احترق الوطن كله.. لاتنسوا أن الأمان وجمع الصف الوطني وتضميد الجراح واستعادة الثقة وتوحيد الصف الوطني فريضة من أجل سلامة مصر بمثل فريضة أن يظل الخلاف والاتفاق مع الرئيس والنقد والمحاسبة واجبا وطنيا. المزيد من مقالات سكينة فؤاد