هل هنالك حقاً جهود فى الساحة ترمى لإحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ وهو سؤال يقفز تلقائياً بمجرد قراءة هذا المعنى فى البيان الصادر من وزارة الخارجية أمس الأول (الثلاثاء)، تعليقاً على مصادقة الكنيست على قانون يسمح بتقنين أوضاع المستوطنات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية. ثم تتداعى عشرات الأسئلة: أين هى هذه الجهود؟ ومن يتولاها؟ وما هى المسائل المطروحة؟..إلخ. ويشير البيان أيضاً، وفى لغة منضبطة حَذِرة، إلى أن موقف الكنيست عامل مقوِّض لفرص حل الدولتين! فهل حقاً وعملاً لا يزال هنالك أى إمكانية لحل الدولتين؟ حتى بعد أن أقرَّ جون كيرى فى آخر تصريحاته بمسئولية إسرائيل عن تدمير أى إمكانية لهذا الحل، بالذات بسبب الإصرار على بناء المستوطنات؟ بل وإفصاحه دون موارَبة على أن العقلية اليمينية التى تحكم إسرائيل هى التى أدت إلى هذا التدمير! المؤكد أن إسرائيل فى أسعد حال، لأنها تستفيد إلى أقصى حد من تحرير سياستها العلنية، قولاً وفعلاً، من أى التزامات بأى سلام، وفى نفس الوقت، وبدلاً من أن تتصدَّى لها سياسة عملية أو حتى خطاب قوى رافض، فإن الفلسطينيين منقسمون على أنفسهم، كما أن السائد هو التمسك بوهم غير موجود اسمه «عملية السلام»! طيب، إذا كان للسياسيين حساباتهم المعقدة التى تكبّلهم عن التصريح بما يجب أن يُقال، فأين الموقف الفكرى المتبلور الواضح القادر على فرض نفسه بالتنبيه إلى خطر الانزلاق فى الأوهام، والذى ينطلق من واقع فرضته إسرائيل بأنه ليس هنالك عملية سلام، كما أن حل الدولتين قد تقوّض بالفعل، وأن المسار العملى سوف يؤدى إلى انفجار يصعب تحديد وقته ومداه، وأن أمن مصر مهدَّد عملياً من تطاير الشظايا، وأنه من المفروض أن تُعبِّر البيانات الرسمية عن يقظة مصر، كما لا يصح أن تقلّ فى وضوحها عما أعلنه كيري، وأن تستفيد بكل ما يتيحه الموقف العالمى ضد المستوطنات؟ وكل هذا من أجل مصر قبل أى شئ آخر! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب