◙ عبدالحميد شرف: لأول مرة نقوم بتعميم الخرائط الجغرافية لكل مبانى الجمهورية ..وملتزمون بآداب التعداد ◙ د. أيمن زهرى: مصر فى حاجة لتعداد المساكن والمنشآت أكثر من حاجتها لتعداد البشر ◙ د. هبة الليثى: الوعى الإحصائى فى مصر ضعيف جدا ومسئولية ذلك يتحملها الجهاز والإعلام معا
ربما يتساءل البعض: لماذا التعداد السكاني، ونحن نعرفه؟ ولماذا كل هذا الإنفاق عليه؟ ( 800 مليون جنيه) ولماذا أيضا كل هذا العدد الكبير من الموظفين؟ ( 45 ألف موظف). الإجابة: ربما لا يعرف البعض أن التعداد الحالى هو رصد لكل مناحى الحياة فى مصر، هو رصد لكل خصائص السكان، من حيث حجمهم وتوزيعهم وخصائصهم المختلفة، ومعرفة الجنس والحالة الزوجية و التعليمية والعملية والسكنية، وعدد المنشآت، وكل ذلك من أجل التخطيط السليم والعلمى لمعرفة كل مشكلاتنا، ووضع الحلول المناسبة لها. عبدالحميد شرف، رئيس الإدارة المركزية للتعداد فى الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، قال: إن هناك فرقا بين العدد والتعداد، فالموجود على اللوحة أعلى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء هو عدد السكان المطلق فى الداخل نحو 92.4 مليون بالإضافة إلى 8 ملايين خارج مصر، أما التعداد فوفقا للأمم المتحدة يجب أن يتم فى كل دول العالم كل 10 سنوات، وآخر مرة تم فيها التعداد فى مصر كان فى 2006، كما أن التعداد الحالى هو التعداد الرابع عشر، ونحن حتى الآن نعتمد على هذا التعداد من خلال إضافة المواليد وحذف الوفيات، وهى معادلة تتغير طبقا للزيادة للمواليد والحذف للوفيات. وأشار إلى أن هذا التعداد الذى بدأ أخيرا سيتم فيه لأول مرة تعميم الخرائط الجغرافية فى كل من الريف والحضر فى جميع أنحاء الجمهورية، أو ما يسمى التحزيم والتخطيط والترقيم ،وقد استغرق التحضير لهذا العمل ثلاث سنوات، والهدف أن يكون هناك شمول، ولا يسقط شيء لجميع مبانى الجمهورية، وقد تم الانتهاء من هذا الحصر فى نهاية يناير الماضي. ويضيف شرف أن البعض قد يتساءل: ما أهمية التعداد برغم أن غالبية الشعب المصرى يمتلك رقما قوميا؟ الإجابة، أن هذا التعداد يسمى تعدادا للسكان والإسكان والمنشآت، إذ الهدف أننا لانريد عددا للسكان فقط، بل خصائصهم وظروفهم المعيشية وطبيعة الوحدة السكنية، ومدى توافر المرافق بها من عدمه، وما تملكه الأسرة من سيارات إلخ، وذلك حتى نحدد المستوى الاقتصادى والاجتماعى للأسرة، ونضع أيدينا على كل خصائصها من فقر وغيرها، وحتى يتم ذلك لابد من رصد جميع مبانى الجمهورية من سكنية وغير سكنية، وما بها من مرافق وما تحتاجه منها. ويؤكد رئيس الإدارة المركزية للتعداد فى الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أننا لا يمكننا الاعتماد على السجلات الإدارية فى هذا الإحصاء، فالولايات المتحدةالأمريكية لديها أقوى السجلات الإدارية، ومع ذلك تقوم بالتعداد العقدي، ولا يمكن الحصول على أى بيانات إلا بالتعداد، فحتى نقوم بتخطيط سليم لابد أن يكون مبنيا على معلومة موثقة لاتخاذ القرار السليم. ويضيف أن من مميزات هذا التعداد - الذى تم رصد 800 مليون جنيه له، منها 500 مليون أجور لفرق التعداد هو حصر للشقق المغلقة ومعرفة عدد المنشآت على مستوى الجمهورية، ومعرفة الحالة الزوجية، العنوسة، والطلاق، الحالة التعليمية، حجم التخصصات الموجودة، التسرب، الفقر، فالتعداد بصفة عامة يرصد الظواهر والواقع من أجل التخطيط السليم. ويشير إلى أن الفرق التى تم تدريبها على جمع البيانات التزمت بأدبيات التعداد، فلا تسأل الشخص عن دخله أو يسكن فى مبنى مخالف أم لا ، ولا تسأل صاحب المنشأة عن تأمين المكان أو الأفراد أو غير ذلك، مما يؤثر على البيانات بشكل عام، إذ إن الفرق يهمها المعلومة من أجل الحصر فقط، كما أن هذه الفرق تحمل ما يثبت أنها تقوم بجمع البيانات وأنها تابعة للجهاز، خاصة أنه كانت هناك شكوى فى البداية من بعض المواطنين ولكن تم التغلب على هذه المشكلة وإنهائها تماما. وأضاف أن النائب العام أصدر تعليمات محددة بتعاون النيابات مع أعضاء الجهاز فهم لهم حق الضبطية القضائية إذا كذب المواطن أو رفض التعاون وذلك وفقا لقانون 35 لسنة 1960 المعدل بقانون 28 لسنة 1982، حيث ينص أن الممتنع عن إعطاء البيانات يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. د.أيمن زهرى خبير السكان ودراسات الهجرة، قال : إن التعداد السكانى الآن ليس له قيمة، لأن الإحصاءات الحيوية والتسجيل المدنى يكفي، الاختلاف قد يكون فقط فى تغيير محل الإقامة، وهناك دول كثيرة سوف تتوقف وتعتمد على السجلات السكانية، ومنها السويد، فلا تقوم بالتعداد بالسجلات السكانية، بينما فى مصر نحن نتبع النمط العام فى كل الدول الذى يعتمد على عد جميع الأفراد من المواطنين والأجانب الموجودين على قيد الحياة. ويشير د. زهرى إلى أننا نجرى هذا التعداد منذ 140 سنة، حيث أصبح عرفا، وهو وسيلة لإقناع الناس بأن ذلك يتم من أجلهم ومن أجل أبنائهم للتخطيط لمستقبلهم، من حيث عدد المدارس والمستشفيات والكثافة فى المدارس وغيرها، وأن الخطأ فى التعداد وارد بنسبة من 3 إلى 4% وهى نسبة مقبولة. وأضاف أن القيمة الحقيقية والملموسة لهذا التعداد هو تعداد المنشآت، وهو نظام أوروبي، يهتم بالمكونات العقارية، وعدد المساكن والمنشآت، ومصر فى حاجة كبيرة لهذا التعداد أكبر من حاجتها لتعداد البشر، إذ لابد من معرفة خصائص الثروة العقارية فى مصر، سواء كانت بيوتا خشبية أو عشوائية أو تحتاج مرفقا ما، والجهاز المركزى هو أفضل من يقوم بذلك وليس الأحياء والمحافظات. ويثنى د. أيمن على استخدام التابلت فى التعداد، برغم أن دولا عربية سبقتنا إلى ذلك منذ عشر سنوات، ولكن استخدام التابلت سوف يقلل من الأخطاء والقصور الناتج عن الاستخدام الورقي، والفائدة هنا أنه بعد الانتهاء من التعداد سيكون أمامنا خلال أيام قليلة نتائج هذا التعداد. بدورها رأت الدكتورة هبة الليثي، أستاذ الإحصاء بجامعة القاهرة أن تاريخ التعداد فى مصر يعود إلى عصر الفراعنة حين كانوا يعدون رءوس الماشية، وأن وجود الرقم القومى لا يغنى عن التعداد، فنحن فى حاجة إلى معرفة النوع، السكن، المنزل، المؤهل، إمكانات المكان، يملك سيارة أم لا ، كل ذلك مهم من أجل أن نقوم بالتخطيط السليم ومعرفة المشكلة وحلولها، بغض النظر عن تنفيذ هذه الحلول، فلا بد من رصد كل جوانب الحياة، ولكل الأشخاص وهو أمر مكلف ماديا جدا، ومن ثمّ يتم عمله كل عشر سنوات. وتشير د. هبة إلى أن التعداد هو أداة تخطيطية، ودائما ما يتم تحديث البيانات الصادرة عنه كل فترة، وهو يسمى خط أساس، أو خط مرجعي، يتم البناء عليه فى كل مناحى الحياة، وللتعرف على حالة البلاد والعباد. وتضيف أن الوعى الإحصائى فى مصر ضعيف جدا، ومن يتحمل مسئولية نقص الوعى هو الجهاز فى المقام الأول ثم الإعلام فى المقام الثاني، فحتى الآن كثير من الناس لا يعلم قيمة الإحصاء والتعداد ويتخوف منه، ومن ثمّ يدلى بمعلومات غير صحيحة، فالتهديد بالحبس ليس حلا، ولكن الوعى هو الحل، وأن التعداد هو من أجلهم ولمصلحتهم، ومعرفة الناس أن بياناتهم سرية لن يطلع عليها أحد ولن يستخدمها أحد ضدهم مهم جدا، فعلى الإعلام ومعه الجهاز تغيير ثقافة المجتمع تجاه التعداد والإحصاء.