منذ عدة أيام.. وصل وزير خارجية الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح إلى العاصمة الإبرانية طهران، فى زيارة رسمية تستغرق عدة أيام، بدأت يوم 25 يناير، حاملا رسالة من أمير الكويت إلى الرئيس الإيراني، تتعلق بالعلاقات الخليجية الإيرانية، وأتت هذه الزيارة بعد أيام من تصريح للرئيس الإيرانى حسن روحاني، ذكر فيه أن دولا منها الكويت عرضت الوساطة فى الخلافات المتصاعدة بين إيران والسعودية. ويهمنى فى هذا المقال ما صرح به وزير خارجية الكويت عن مضمون الرسالة التى سلمها إلى الرئيس الإيرانى أنها تتعلق ب«أسس الحوار بين دول مجلس التعاون الخليجى وابران التى يجب أن تكون مبنية على ميثاق الأممالمتحدة، ومبادئ القانون الدولى فى العلاقات بين الدول»، وأضاف «أننا شركاء فى المنطقة، ولدينا مصالح مشتركة، وإمكانات كثيرة، وأن الحوار سيعود بالمنفعة على الجانبين». كما أن هذه الزيارة تأتى ترجمة لقرارات قمة مجلس التعاون الخليجي، التى عقدت فى البحرين فى ديسمبر 2016، وكلفت الكويت بإجراء حوار مع إيران، ممثلة لدول الخليج الست، وتعتبر إيران الخصم الرئيسى لدول الخليج، وعلى رأسها السعودية، حيث يختلف الطرفان حول عدة قضايا، من بينها الحرب فى سوريا واليمن. وقد تابعت الزيارة والتقارير الإعلامية بشأنها، ولعل ما يلفت النظر فيها أن هناك اتفاقا بين الجانبين على التهدئة، وبحث كل الأمور المعلقة، والسعى الحثيث نحو حلها، وفى هذا السياق تبادر إلى ذهنى العديد من الأسئلة، لعل فى مقدمتها: لماذا تسعى وتبادر دول الخليج للتقارب مع إيران، وحل المشكلة السعودية الإيرانية بالأساس؟ هل كل دول الخليج العربى مختلفة مع إيران باختلاف السعودية نفسه؟ ولماذا هذا السعى الآن وليس غدا أو بعد غد؟. وبنفس المنطق أين مصر مما يحدث بين دول مجلس التعاون الخليجى وإيران؟ وهل ستظل صامتة ومتحرجة وخجولة من الانفتاح على إيران؟ وإلى متي؟ فهل قرأت مصر المشهد جيدا؟ أم أنها تتعامل وكأنها لا ترى ما يحدث وتتركه يحدث؟. أرأيتم التصريح الذى قاله وزير الخارجية الكويتية بأن مضمون الرسالة هو السعى نحو حل المشكلات بين الجانبين، على خلفية أن الجانبين (الخليجى العربى وإيران) أهم شركاء فى المنطقة، ولهم مصالح مشتركة، وإمكانات كثيرة، إلى متى تنتظر مصر لتكون طرفا فاعلا ومبادرا فى الانفتاح على الجميع، خصوصا الدول الركائز فى المنطقة، بإدارة حوار عقلانى قائم على المصالح المشتركة؟ هل ستظل السياسة الخارجية المصرية مترددة من تبعات تأثير استعادة العلاقات المصرية الإيرانية، على العلاقات المصرية الخليجية؟ هل يعلم صناع القرار فى هذا البلد أن حجم العلاقات التجارية بين إيران وبعض دول الخليج تجاوز 20 مليار دولار؟ كما أن الطيران مستمر ومباشر ويومى بالعديد من الرحلات بين إيران وعواصم الخليج. فى الوقت نفسه فإنه لا يوجد خط طيران واحد بين مصر وإيران، وهل يدرك أصحاب القرارات الاقتصادية فى مصر حجم الدخل والتدفق النقدى من وراء فتح خط الطيران المباشر بين البلدين؟ ما هى مخاوف ذلك؟. إن إقامة العلاقات بين الدول تتأسس على المصالح المتبادلة، ولا يجب بأى حال من الأحوال أن تتجمد العلاقات بين مصر وإيران، رغم أن السياسات مشتركة فى العديد من قضايا المنطقة، مثل سوريا واليمن والعراق، فلماذا لا تتطور هذه العلاقات، والبدء فى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، وتنظيم العلاقات على أسس رشيدة ومحل اتفاق وتوافق، مراعاة لمصالح أمن واستقرار الطرفين؟. الخيار الحقيقى أمام مصر أن تتصرف بحرية واستقلال وجرأة بطرح المبادرات، لا أن نقف وكأننا مكتوفو الأيدي، وغير قادرين على الحركة. إننا نشير إلى ضرورة عودة مصر الفاعلة، وقبلة العمل العربى المشترك والوحدودي، الأمر الذى ستكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري، وتحسين مستويات معيشة المواطنين، بدلا من خيارات صندوق النقد والبنك الدولي، ومن ورائهما قوى التدمير الهادفة لتحطيم مصر، وخنقها، وإذلال شعبها، وهو ما لا نقبله. لمزيد من مقالات د. جمال زهران