سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نائب رئيس جامعة الأزهر يكشف خطة تعديل المناهج: حذف كل ما يغيب العقل .. والتشدد المكتوب زمن الحروب
«25 يناير» زلزلت الأفكار .. و «30 يونيو» انقذت الأزهر
قبل عدة أعوام قضيت فى الصومال شهرا .. احتجت طوال تحركى فى مدنها وقراها لحماية ودعم خوفا من القتل أو الاختطاف، وذلك حال كل غريب .. المدينة الوحيدة التى سرت فيها مطمئنا آمنا دون حماية من أحد هى «قرطو» والسبب هو حجم الأمن والأمان والهدوء الذى عمها بسبب وجود البعثة الأزهرية فيها وما نشروه وجذروه فى نفوس أهلها من سماحة ورحمة الإسلام. فعدت فى آخر رحلتى من المطار مباشرة إلى المسجد الأزهر لأقبل بوابته وأصلى ركعتين شكر لله أن حبا مصر بهذا الكيان مؤمنا أن الأزهر هو أعظم مؤسسة فى الكون، وقد جاءت أحداث 25 يناير لتزلزل الافكار والثوابت واتبعها الشعب ب 30 يونيو فزادت الزلزلة واسرع الحراك واتجهت الانظار الى الازهر المرجعية والرباط بعد ان افقنا على محاولات سرقة دوره . وحاليا يتعرض لهجوم عنيف أكثره من الداخل ممن يريدون هدمه وإخلاء الساحة من رجاله تمهيدا لأفكار ظلامية. ويتخذ البعض ما تصوروه خطأ ببطء التحرك فى سبيل التجديد وهو أمر غير صحيح، فإن التجديد قائم فى ربوع الأزهر معاهد وجامعة وأروقة. ولكن يظل خطر الفكر الإرهابى على مصر والأزهر والإسلام قائما يتصدى له رجال الأزهر وعلماؤه ومنهم الدكتور محمد محمود أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر الذى يرى أن الخطر الحقيقى تمثل فى الركود والاحجام عن مواجهة التطرف وترك الساحة لكل التيارات المتطرفة للاستحواذ على عقول العامة سألته هل احدثت 25 يناير زلزالا فحركت الراكد؟. فقال فضيلته نعم حركت الراكد وزلزلت ثوابت ما كان ينبغى أن تكون ثوابت ثم جاءت ثورة الشعب فى 30 يونيو على الافكار الظلامية لتنبهنا جميعا الى مواجهة هذه الافكار وتياراته ومن وراءها ممن تدعمهم جهات أجنبيه معاديه لمصر والاسلام وللأسف نبت لاصحاب الافكار المتشدده مخالب للنيل من الوطن فتكالب علينا الاعداء وعمل اصحاب بعض التيارات الدينية المتشددة والتكفيرية على محاولة خطف الدين من الازهر وتسميم عقول العامة فلما نجحنا فى استعادة الوطن جاءت الدعوة الذكيه من الرئيس السيسى للتجديد لتدعم قوة الازهر وتؤكد انه المؤسسة الوحيدة المنوط بها رسالة الاسلام وانه المرجعية ولكن هناك من يحاول تشويه دوره بمهاجمة الامام الاكبر مثل ما حدث بعد مؤتمر جروزنى لبث الفرقة بين الأشقاء وإيجاد وقيعة بين مصر وأزهرها وبين دول الخليج، ولكن الحقيقة أن كلمات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب فى افتتاح مؤتمر جروزنى فى الشيشان: أن أهل السنة والجماعة هم الماتريدية والأشاعرة وأهل الحديث، ولم يخرج مذهب أهل الخليج الحنابلة من زمرة أهل السنة والجماعة لأن أحمد ابن حنبل إمام هذا المذهب هو صاحب المسند وبالتالى فهم من أهل الحديث، أما البيان الختامى فالإمام لم يكن موجودا ولم يشارك فى وضعه ومسئوليته عما قاله عكس ما يتصور البعض، وقد بدأت خطة التجديد وبصورة دقيقة فى مناص التجديد الحقيقية. ففكرة التجديد والتنوير ليست مجرد «شو إعلامي» وحديث فى الصحف أو التلفزيونات وإنما فيما يصنع العقول مما يتلقاه النشء، ولذلك عمد الأزهر إلى تعديل وتطوير المناهج لأنها هى التى تصنع الفكر الدينى والثقافة الدينية وهما أساس التجديد لأن الإنسان يلقى خطابه الدينى بناء على ثقافته، وعندما طلب رئيس الجمهورية من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب التجديد عمد فضيلته إلى تطوير المناهج الدينية فى المعاهد الأزهرية بمراحلها الثلاث لأنها هى التى تؤسس ثقافة علماء الدين وشكل فضيلته لجانا لتعديل المناهج وتطويرها بما يتناسب مع معطيات الحال واقتضاء الضرورة والتطور الفكرى فى عالمنا المعاصر ويشرف فضيلته بنفسه على مراجعة الكتب المرشحة للتدريس يوميا قبل بدء عمله فى مكتبه، وبالفعل تم تعديل وهناك تعديل آخر على قاعدة استمرار التطوير الذى لا يقف عند حد معين. ولكن المناهج الدراسية فى المعاهد لم تشهد تغييرا حتى الآن؟. التعديل فى المناهج بدأ وبسبب الوقت، لم يتم طرح الجديد ولا طباعته لتدريسه فى العام الدراسى الحالى وسيبدأ من العام القادم والتطوير لا يتم بين عشية وضحاها. فالأمر عظيم ومجهد واللجان التى شكلها فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب التى قامت بتعديل المناهج عهد بنتائجها إلى لجان أخرى للنظر فى التعديل وتعديل ما يستوجب منه ومراجعته بدقة حتى لا يتسرب فيها ولا منها ما يحتمل التأويل. وما هى فلسفة هذا التعديل؟. أولا هو ليس تنقيحا ولكنه تعديل لاختيار مناهج تناسب المرحلة والفهم والوعى الإنسانى وفلسفتها روح الإسلام وسماحته ومرونته القابلة للتحقق فى كل عصر، وبالتالى فقد انصبت فلسفة التعديل على مناسبة المناهج للوقت بمعنى أن ما كان مناسبا لعصر مضى ظروفه ومعطياته تختلف عن ظروف ومعطيات عصرنا لم يعد مناسبا لوقتنا هذا من حيث غموض بعض المرويات والمدونات أو هذه النصوص المكتوبة مما تصادفه عدم القدرة على فهمها أو قد يساء فهمها، وأيضا من حيث الأفكار المتشددة التى أنتجت وكتبت فى زمن الحروب الصليبية مثلا وما تضم من فتاوى عمد البعض الآن إلى محاولة تلبيسها لواقعنا الحالى وتطبيقها عليه فتم إبعادها أو بالأحرى توضيح أسباب صدورها فى سياقها التاريخي. وهناك أيضا نصوص كانت تعطى قوة لبعض الفئات وبعض ضعف لفئات أخرى ونصوص تتحدث عن الدولة الإسلامية تحمى رعاياها ومن يعيش على أرضها، فكانت هناك ضرورات لقيام الأكثرية بحماية الأقلية. تقصد فضيلتك أمر الجزية على غير المسلمين؟. نعم .. وهذا الأمر كان فى أزمان بعيدة عندما كانت الدولة الإسلامية تحمى رعاياها فيدفعون الجزية الآن. المسيحيون ليسوا رعايا ولكنهم مواطنون لهم وعليهم ما على المسلمين ولهم ويشتركون معا فى حماية أوطانهم سواء كمجندين أو كضباط وقادة عسكريين، فضلا عن أن الجزية نفسها لم تعد موجودة أو معمولا بها وبالتالى لا تصلح أن تضمها مناهج. وفى المجمل فإن فلسفة التغيير هو مناسبة ما يقدم للدارسين من مناهج تتفق وروح العصر والمواطنة لمواجهة التشدد لأن عددا من التيارات المتطرفة تطوع النصوص الدينية لتتفق ورغباتهم المنحرفة كما يعمدون إلى كتب مال أصحابها إلى التشدد فى الآراء وابتعادا عن روح وسماحة الإسلام ورحمته إلى التضييق والتطرف ويصدرونها للمجتمع على أن هذا هو الدين وشريعته، وبالتالى فقد درست هذه الكتابات وموضوعاتها بعناية وكتبت بعناية للرد على هؤلاء الذين يزعمون أن للتطرف والذبح والإرهاب جذورا إسلامية، وأن التعنت مع أهل الديانات الأخرى من الإسلام وهذا فهم خاطئ عمدت لجان التعديل إلى مواجهته. وماذا عما يقدم فى الجامعة؟. اتخذ فضيلة شيخ الأزهر المنهج ذاته، فقد اجتمع معنا رئيس الجامعة ونوابه وعمداء الكليات للحض على تطوير المناهج وحذف كل ما يميل إلى التشدد أو المغالاة. وكانت توجيهات فضيلته واضحة فى ضرورة مراجعة كل الكتب التى تدرس بالجامعة، وقد بدأنا بالفعل فى تنقيح كل الكتب وحذف كل ما يغيب العقل أو يجمده أو يميل بالدارس إلى التشدد والمغالاة، وكانت التوجيهات واضحة فى مسئولية رئيس كل قسم ومسئولية القسم مجتمعا عما يدرس فيه، حتى لا تتسرب أى أفكار متطرفة أو ظلامية. ولكن بعض الأساتذة ممن عملوا فى عدد من الدول العربية ويؤمنون بمثل هذه الأفكار يسربون فى محاضراتهم ذلك شفاهة، فكيف ستتم مواجهة ذلك؟. صحيح هناك أساتذة ممن أعيروا للتدريس فى بعض الدول العربية تاثيرا أثناء إعارتهم بأفكار تشديدية أو بالمذهب الواحد، مالت نفوسهم إلى التشدد فى بعض الأحكام، وهذا التشدد هو ما كان ينضح بأفكار متطرفة فى كتبهم، وهذه الكتب تم استبعادها واستبدالها بمناهج تحوى الفهم الواضح لصحيح الدين وسماحة ويسر الإسلام، وتم توجيههم لعدم الخروج عن المنظومة أو الحض على التشدد. ولكن على المستوى العام لا يشعر المواطن بشىء رغم ترديد كلمة التجديد على مسامعه ليل نهار؟. هذا صحيح بالفعل، الناس لم تشعر بالتجديد لعدة أسباب أهمها أن الإعلام فى مصر لم يهتم إلا بترديد النقد للمؤسسة الدينية ولم يبرز خطواتها فى اتجاه التنوير والتجديد، وكان على الإعلام أن يبرز ذلك للناس بل ويتبنى أفكارا وطروحات تنويرية ويناقش أمور الدين وتجديد خطابه بأعمق مما عليه الآن وبطرق تعمل على مساعدتنا فى تجذير الفكرة وترويجها وسط العامة. وهناك سبب آخر وهو أن بث الأفكار للتنوير وبذرها فى المجتمع تحتاج إلى فترة كى تنضج وتؤتى ثمارها لمواجهة التطرف. كما أن التطرف نفسه والإرهاب بذرت بذوره فى المجتمع وعمل أصحابه على تنميته وتوسيع دائرة انتشاره لسنوات حتى وصلنا إلى هذه الحال. وبالتالى نحتاج إلى وقت تعتمل فيه وتنتشر الأفكار التنويرية المناهضة للتطرف وضمن حوارات عديدة مجتمعية تشارك فيها مؤسسات كثيرة وأهمها كما قلت الإعلام الذى يتخذ – باستثناءات قليلة – موقفا من الأزهر الشريف ومشايخه وعلمائه ويهاجمهم فى كل وقت وحين. ولكن الأزهر ومؤسساته وآليات الدعوة لديه يملك ما يملك الإعلام وهذا دوره؟. لا .. فالإعلام يملك أكثر لأنه يصل إلى كل الناس فى بيوتهم وليس كل الناس تذهب لبيوت الله للصلاة ولا لسماع الخطب فى الجمع أو حلقات التدريس فيها. والأزهر يقوم بدوره كاملا فى ذلك، فإن كانت فكرة التجديد تعتمد منهجيا على تعديل وتنقيح ما يدرس فى الجامعة والمعاهد، فإن هناك محاور أخرى تدعم ذلك وهى اللقاءات الفكرية فى المحافظات التى يقودها وكيل الأزهر الشريف بتنظيم لقاءات عامة ولقاءات مع الشباب لمحاورتهم. وأيضا داخل الجامعة هناك «الموسم الثقافي» والذى يتم من خلال لقاء فكرى يوم فى كل أسبوع للطلاب مع أساتذة العقيدة والفلسفة والأخلاق داخل كليات جامعة الأزهر لشرح صحيح الدين ومناقشة تاريخ الفرق فى الإسلام ونشأتها والخلافات بينها والتيارات والمذاهب، وأثمرت هذه اللقاءات وساهمت فى تعديل أفكار الشباب وتغليب سماحة الإسلام ورحمته بعد تبين حجم الظلم الذى يتعرض له الدين والتشويه من جراء التطرف والإرهاب. كما وجه فضيلة الإمام الأكبر مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء لوضع عدد من الأبحاث حول قيم شهدت لغطا حولها مؤخرا وتتسرب من هذا اللغط الأفكار المتشددة، مثل تهنئة غير المسلمين بأعيادهم وتحديد بدايات الأهلة وتولى المرأة للقضاء وقوانين الأحوال الشخصية. وقد تم بالفعل دراسة ذلك وقام عدد من العلماء المعتبرين بكتابة أبحاث عن ذلك مؤيدة بالأسانيد الشرعية من الكتاب والسنة حول هذه الإشكاليات، فمثلا انتهت الأبحاث إلى استحباب ووجوب تهنئة الأقباط وغير المسلمين بأعيادهم ماداموا يشاركونهم الوطن والمصير والحياة بكل تفاصيلها. وقال تعالي: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ...». لماذا لا توجد آليات الدعوة كلها من أوقاف وإفتاء تحت راية الأزهر .. وأقصد من خلاله بضم الأوقاف والإفتاء إليه ليكونا قطاعين من قطاعات عمله؟. هذا الاقتراح طرحه البعض، ويصعب حاليا لأنه غير عملى لا يمكن يتم دون دراسة لأن الأمور الإدارية معقدة وكبيرة، وعلى الأقل فى الوقت الحالى صعب لأنه يحتاج دراسة وتنظيما، هذا على مستوى إلحاق وزارة الأوقاف ودار الإفتاء بالأزهر إداريا، أما على مستوى الدعوة فإنها تتم بالفعل من خلال الأزهر وهو المخول له إدارتها وتنظيمها. ووزير الأوقاف عضو فى المجلس الأعلى للأزهر الذى يرأسه فضيلة الإمام ويعمل بتوجيهاته فى الدعوة، وذلك بحكم القانون والدستور. وبذلك فإن كثيرا من المهتمين بشأن الدعوة يهاجمون الأزهر وشيخه؟. البعض يهاجم الأزهر لأهداف تبتعد عن أمر الدعوة والتجديد، فقط لمهاجمة الإمام أو الأزهر لأهداف خبيثة، إما بهدف محاربة الوسطية وسماحة الإسلام المتمثلة فى الأزهر وإفساح المجال لدعوات ظلامية وفكر واحد متشدد ولإظهار مؤسسات ودعوات وتيارات فكرية منحرفة، والبعض يهاجم الأزهر وإمامه كى يحصل على مكانة، أو هكذا يتصور ولكن هيهات فإن الله حافظ الأزهر بحفظه للقرآن، قال تعالي: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» صدق الله العظيم، ولأن الأزهر هو الكيان الذى قيضه الله لحفظ علوم الشريعة ووحى السماء، فإنه محفوظ وسيظل الأزهر منارة ورباط وسيظل شيخه هو إمام المسلمين فى العالم، والدكتور أحمد الطيب يتمتع بمصداقية وحب واحترام ليس فى العالم الإسلامى فقط، بل وفى العالم الغربى وأوروبا، ولن يثنيه هذا الهجوم ولا يلتفت إليه لانشغاله عن هذه السفاسف بأمر المسلمين ومواصلة الليل بالنهار للنهوض بالأزهر وتأكيد رسالته العليا فى العالم. فلو تفرغ للرد على هذا وذاك فلن يعمل، أما الأهم فإن مقامه وقامته أعلى وأسمى من أن يرد على نابح عليه. ولكن الانتقاد لشيخ الأزهر غالبا بسبب بعض من حوله وخصوصا مستشاره القانوني؟. لا ليس لذلك ولكن هناك حقد دفين ورغبات مكنونة لدى البعض لهدم الأزهر كى تخلو لهم الساحة وينفردوا بعقول المسلمين لتسييرهم جماعات نحو الظلام ورجال الأزهر وخاصة شيخه ومنهم المستشار محمد عبد السلام رجال أشداء فى الحق، اختارهم الشيخ بعناية، فالمستشار محمد عبد السلام يؤدى دورا مهما بجوار فضيلة الإمام الأكبر وله رسالة يحافظ عليها خصوصا أنه من أبناء الأزهر الشريف، فهو خريج كلية الشريعة والقانون بطنطا ومجهوداته ملموسة لكل من حول الإمام.