هناك مؤشر خطير يؤكد زيادة واضحة فى انتشار الرشى بين كبار الموظفين فى الدولة بحيث شملت الظاهرة الوزراء ونواب الوزراء وكبار المسئولين فى الدولة.. كل يوم تطالعنا الصحف بجريمة رشوة جديدة لأسماء متعددة فى أكثر من موقع من مواقع المسئولية .. كانت ظاهرة الرشى مقصورة على صغار الموظفين فى الإدارات الحكومية خاصة الوظائف الخدمية التى تتعامل مع المواطنين وكان حجم الرشوة بضعة جنيهات يضعها المواطن فى درج صغير فى مكتب الموظف حتى يوقع الأوراق أو يحيلها لموظف آخر لديه هو الآخر درج صغير.. لكن هناك تطور غريب فى ظاهرة الرشوة فى مصر الآن أن نجد وزيرا يحاكم أمام العدالة أو نائب وزير يُلقى القبض عليه متلبسا فى قضية رشوة أو مدير مشتريات لديه خزائن من المال فى بيته . هذا يؤكد ان قضايا الفساد لم تعد مقصورة على موظف صغير يبحث عن حلول لازمة مالية أو زيادة دخله ولكن رشوة الوزير أو نائبه أو وكيل الوزارة تعنى ان هناك خللا كبيرا فى الجهاز الادارى للدولة.. لقد ألقت الرقابة الإدارية القبض على أكثر من مسئول كبير وهم فى حالة تلبس فى قضايا رشوة بملايين الجنيهات ولا شك ان الظاهرة تحتاج إلى دراسات أمنية ونفسية واجتماعية للوصول إلى أسبابها وهل كانت موجودة والمجتمع غافل عنها ام انه نشاط الأجهزة الرقابية التى تحركت أخيرا لتواجه هذه الانحرافات.. ان الرقابة الإدارية تقوم الآن بجهد كبير فى مطاردة الفساد ويبدو ان اوكار الفساد قد كبرت واتسعت وتحولت إلى خلايا منظمة لا تقل خطرا عن قضايا الإرهاب لأن اخطر ما تواجهه مصر الآن هو الإرهاب والفساد.. ان الإرهاب يقتل المواطنين ويطاردهم والفساد مثل السوس يأكل خلايا المجتمع ويدمرها ولا شك ان الفساد الحكومى هو اخطر أنواع الفساد خاصة إذا انتشر بين كبار المسئولين.. ان الأجهزة الرقابية لا تكفى وحدها ولكن علينا ان نتتبع هذه الظاهرة ونبحث عن أسبابها النفسية والأخلاقية والاجتماعية التى تجعل المسئول الكبير يبيع قدسية المنصب وأمانة المسئولية من اجل المال وينهى حياته بلقب المرتشي. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة