تنسيق الدبلومات الفنية 2025 .. كليات ومعاهد دبلوم تجارة 3 سنوات وتوقعات الحد الأدنى للقبول    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 20-8-2025 صباحًا للمستهلك    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20-8-2025 في البنوك    مذكرة تفاهم للتعاون بين «قناة السويس» وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    إسرائيل تستدعي 60 ألف جندي من الاحتياط ضمن الاستعدادات لاحتلال غزة    مصر تجهز مئات الشاحنات يوميا والاحتلال مستمر في «هندسة التجويع»    القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي والقادسية في نصف نهائي السوبر السعودي 2025    محافظ القاهرة يعتمد امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية    ويجز يحيي حفلا بمهرجان العلمين الجمعة 22 أغسطس (اعرف شروط الدخول)    قبل عرض الحلقة الأخيرة من «بتوقيت 2028».. تفاصيل ثالث حكايات «ما تراه ليس كما يبدو»    مزاج المصريين.. قهوة الفلتر الخيار الأمثل وطريقة خطأ لتحضير «الإسبريسو» تعرضك للخطر    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 20 أغسطس في بداية التعاملات    الرهائن ال20 والإعمار، ويتكوف يكشف وصفة إنهاء حرب غزة    البيت الأبيض يُطلق حسابًا رسميًا على "تيك توك".. وترامب: "أنا صوتكم لقد عدنا يا أمريكا"    "تفوق أبيض وزيزو الهداف".. تاريخ مواجهات الزمالك ومودرن سبورت قبل مباراة الدوري    نجم الزمالك ينعى محمد الشناوي في وفاة والده    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك ومودرن سبورت بالدوري    تحدث بصوتك لغة أخرى، إطلاق الدبلجة الصوتية في فيسبوك وإنستجرام    صعبة وربنا يمنحني القوة، كاظم الساهر يعلن مفاجآت للجمهور قبل حفله بالسعودية (فيديو)    حمزة نمرة عن أحمد عدوية: أستاذي وبروفايل مصري زي الدهب»    د.حماد عبدالله يكتب: كفانا غطرسة.. وغباء !!    المناعة الذاتية بوابة الشغف والتوازن    31 مليون جنيه مصري.. سعر ومواصفات ساعة صلاح في حفل الأفضل بالدوري الإنجليزي    تبكير موعد استدعاء 60 ألف جندي احتياطي إسرائيلي لاحتلال غزة    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    مجلس القضاء الأعلى يقر الجزء الأول من الحركة القضائية    10 صور ترصد استعدادات قرية السلامية بقنا للاحتفال بمولد العذراء    محاكمة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان اليوم    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 ونتيجة تقليل الاغتراب (رابط)    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    خلال بحثه عن طعام لطفلته.. استشهاد محمد شعلان لاعب منتخب السلة الفلسطيني    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    حسام المندوه: بيع «وحدت أكتوبر» قانوني.. والأرض تحدد مصير النادي    ترامب يترقب لقاء بوتين وزيلينسكي: «أريد أن أرى ما سيحدث»    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    جولة ميدانية لنائب محافظ قنا لمتابعة انتظام عمل الوحدات الصحية    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    المقاولون يهنئ محمد صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي    أحمد العجوز: لن نصمت عن الأخطاء التحكيمية التي أضرتنا    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو تفسير جديد لمصطلح (الفساد)
هل الوزراء الذين جرت عمليات الرشوة فى وزاراتهم أبرياء من المسئولية السياسية عن اختيار قيادات مرتشية فى دائرة صناعة القرار؟
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 04 - 2009

سيقول البسطاء من الناس إن الغارات القاسية التى شنتها هيئة الرقابة الإدارية على الوزارات الأسبوع الماضى وكشفت عن وقائع رشوة وفساد بين الدائرة العليا من كبار مساعدى وزيرى الإسكان والسياحة تمثل عنوانا على نزاهة الحكومة وتأكيدا لعدم التستر على الفاسدين أيا كانت مواقعهم الإدارية، وستقول الحكومة لهؤلاء البسطاء من الناس إنها هى التى سمحت للرقابة الإدارية بأن تفتش وتدقق فى الوقائع والتفاصيل حتى سقط الجناة داخل مكاتبهم الوثيرة وهم يقتاتون هم وأولادهم حراما خالصا، فيما يطعمون الناس من فوق عروش مناصبهم الرفيعة ذلا وهوانا وضياعا للحقوق فى سبيل الثروة.
الوزراء لم يعلموا شيئا قبل أن تنطلق غارات الرقابة الإدارية، بل فعلها جنود هذه الهيئة الرفيعة بجدية واحتراف حفاظا على المال العام، وصونا للعدالة، وربما لو بلغ هؤلاء الوزراء نبأ الغارات من قبل لاسترحموا هيئة الرقابة الإدارية فى الستر صونا للعرض والسمعة، أو ربما استمهلوا الرقباء على المال العام فى مزيد من الوقت وقدر من الحكمة السياسية للتخلص من القيادات الفاسدة قبل أن يعرف الناس فضائح ما يجرى فى هذه الدائرة العليا لصناعة القرار فى الوزارات المصرية.
لا أميل إلى تأكيد هذا الاحتمال لكن وقائع ما جرى فى أسبوع واحد تطرح سؤالا أهم عن حجم المسئولية السياسية لهؤلاء الوزراء الذين جرت عمليات الرشوة فى وزاراتهم عما اقترفته أيدى معاونيهم من فساد؟
هل الوزراء أبرياء تماما من الناحية السياسية مما يجرى فى وزاراتهم من خلل وفساد ورشوة وتربح؟ وإن لم يكن باستطاعتهم، بالتأكيد، ضبط كل صغيرة وكبيرة فى عالم صغار الموظفين، فما هى مسئوليتهم السياسية عن فساد أصحاب المناصب الرفيعة الذين يتولون المسئولية لكونهم الأقرب والأخلص لهؤلاء الوزراء أنفسهم، مثلما الحال فى واقعة الرشوة فى وزارة الإسكان؟ إذ كان الجانى هنا من الدائرة الأقرب للوزير أحمد المغربى وتولى موقع نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية.
أغلب الظن أن المسئولية السياسية واقعة لا محالة فى مثل هذه النماذج، فالوزير يجب أن يتحمل سياسيا ما يقترفه الطاقم المعاون له من مخالفات، فإن كان الوزير قد اختار معاونيه وفريقه فى القيادة فهو بلا شك مدين باعتذار على الأقل على سوء الاختيار، ومرغم على تفسير سبب الإبقاء على رجل تعاطى الفساد جهرا حتى أوقعته هيئة الرقابة الإدارية على هذا النحو المهين.
على أن إدانة هؤلاء المرتشين جنائيا، أو إدانة الوزراء سياسيا لا تكفى وحدها لمحاصرة ظاهرة الفساد فى الإدارة الحكومية، كما أن غارات هيئة الرقابة الإدارية لا يمكن بمفردها أن تضبط الإيقاع وتحاصر جميع المذنبين، وتؤدى إلى عرقلة عجلة الفساد الهائلة فى مختلف المؤسسات، أو وقف منظومة الرشوة مترامية الأطراف التى تبدأ من بعض صغار الموظفين وتنتهى عند رأس هرم المسئولية فى السلطة التنفيذية، فكل ما يتم الإعلان عنه هنا يتضاءل كثيرا أمام حجم ما يجرى فعليا على الأرض، وكل النشاط الذى تقوم به الأجهزة الرقابية المختلفة يؤدى إلى ضبط أقل من %20 من إجمالى عدد حالات الرشوة الحقيقية فى الجهاز الحكومى، فى أعظم التقديرات تفاؤلا، والمعنى أن المسئولية السياسية للوزراء، المشار إليها هنا، لا تقتصر فقط على الحالات التى يتم ضبطها فعليا، بل تمتد إلى الحالات التى لا يتم ضبطها على الإطلاق، فالآليات التى يعمل بها الجهاز الإدارى للحكومة، والطريقة التى يتم بها اختيار الوزراء لمعاونيهم، أو التى يدير بها الوزراء إيقاع العمل اليومى داخل الوزارة هى (أصل ظواهر الفساد والرشوة) واسمح لى أن أقدم تفسيرا بسيطا من وجهة نظرى لهذا الواقع.
فجريمة الرشوة أو التربح أو الإهدار لا تقع بمحض الصدفة أو بفعل القضاء والقدر، لكنها تقع حين تتوافر حالة من الضعف الإدارى والرقابى الداخلى فى الوزارات أو الهيئات، وتقع أيضا حين تتجمع سلطة اتخاذ القرار فى يد شخص واحد فقط دون غيره، وتقع حين يكون الشخص المنوط باتخاذ القرار من المقربين للوزراء فيطغى الخوف على من دونه من الموظفين فى الهيكل الإدارى فيصير كل ما يأمر به مطاعا، وكل ما يقرره حقا لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه.
الفساد هنا هو نتاج آلة العمل العملاقة التى تعتمد ذوى القربى والإخلاص فى دائرة القرار، والفساد هنا فى مركزية اتخاذ القرار، والفساد فى الافتقار إلى المتابعة الداخلية الدقيقة، والفساد هنا أيضا فى التفاوت الهائل بين الرواتب داخل الوزارة الواحدة والهيئة الواحدة بل وبين ذوى المناصب الواحدة، والفساد هنا غياب القواعد واللوائح القانونية التى يتساوى أمامها الجميع فيكون لمن يدفع أكثر فرصة لكى يصل أسرع إلى حقوقه، أو إلى مغانمه داخل كل وزارة.
نحن فى حاجة إلى إعادة تعريف مصطلح الفساد مجددا، تعريفا يفسر لنا المنابع والمنطلقات، لا يقدم لنا الضحايا والجناة فقط ليحتلوا مكانة بارزة على صفحات الحوادث، الراشى والمرتشى هنا ليسوا سوى الحلقة الأخيرة فى سلسلة بالغة التعقيد من الظروف الإدارية والروتينية والسياسية والشللية تقود إلى هذه النتيجة، الراشى والمرتشى هنا هما نهاية القصة وليسا بدايتها، الراشى والمرتشى هنا هما النبت الأسود الذى يطل فى أرض خصبة لنمو هذه الظواهر الفاسدة، الفساد ليس قضاء وقدرا، وليس حالات فردية محدودة تصطادها الرقابة الإدارية، بل هو فقدان للقواعد والتنظيم، وتصعيد لمن لا يستحق، وتقريب لذوى القربى، وتغييب للمعايير وللمتابعة والمساواة.
الفاسدون فى الجهاز الحكومى إما موظفون صغار محبطون من ضياع الحقوق فقرروا اقتسام الكعكة، حراما، على جثة البلد، أو أنهم مقربون، حراما أيضا، ملأتهم الثقة بأنفسهم لكونهم فوق القانون واللوائح فظنوا أنه لا رقيب ولا حسيب، أو تصوروا أنها أموالهم وأموال آبائهم، فأداروها كما تأمرهم أهواؤهم الرخيصة، ها هنا تحديدا منابع الفساد، ومن ثم فإننى أؤكد حتما مسئولية الوزراء سياسيا عن هذه المنظومة الفاسدة ومسئوليتهم أدبيا عن هذه الجرائم التى تجرى على أبواب مكاتبهم ومن أخلص خلصائهم.
لو كان العدل قائما، ولو كان التصعيد الوظيفى وتولى المواقع الإدارية العليا نزيها، ولو كانت القربى من الوزراء على أساس العمل والخبرات، ولو كانت المساواة فى الأجور أساسا بين العاملين، ما وقع الفساد صغيره أو كبيره.
لو كان القانون هنا من البداية ما غيبه الناس فى ضمائرهم عند تلقى الرشوة.
جريمة مَن هذه سياسيا سوى الوزراء أنفسهم؟!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.