علي عكس الكثيرين, أري أن العام ونصف العام التي تلت ثورة يناير لم تذهب هباء. لقد طورت قدرات جموع المصريين في فهم أساسيات الدراما. فالدراما التي تعتبر العمود الفقري للأفلام والمسلسلات قد تجلت ابهي صورها في المرحلة السابقة. فقواعدها التي تعتمد علي الحبكة والصراع والتغير والانقلاب واللغة طبقت مؤخرا بشكل فعال, حتي أنني أجد من حولي يصفون الاحداث السياسية بشكل درامي علمي. ورغم الاهتمام الكبير بالأعمال الفنية في بلادنا الا أن ضعف الدراما كان طابعها الأساسي. وعندما هجمت علينا المسلسلات التركية بامكاناتها الدرامية الدقيقة وأدخلت في سحابتها العميقة الآف المتفرجين, ظن البعض أننا أمام فن درامي جديد ولكنه ما كان إلا فهما للأشكال العتيقة من الدراما التي ترتكز علي الصراع وتستخدم التشويق وتستهدف المتابعة التي تصل الي درجة الاستلاب أو التنويم المغناطيسي. من فتح السجون يوم28 يناير, ماذا يقصد أحد السياسيين عندما يهاجم خصمه, وماذا يقصد عندما يتحالف مع نفس الخصم لاحقا, ما هي الثغرات الموجودة في مواد دستورية معينة: كل تلك الأسئلة وغيرها طورت الاحساس الدرامي عند المصريين. ان الدراما التي وضع قواعدها الفيلسوف الاغريقي ارسطو في كتابه( فن الشعر) تفجر ملكات الانسان وتفتح افاق عقله وروحه وتصل به الي لحظة تطهير مدهشة تمكنه من فهم العالم والنفس البشرية المركبة. لقد عشنا سنوات طوال في جدب درامي سياسي أفقد أي انسان طبيعي قيم الدهشة والايجابية والايمان بالامل في الغد. وفيماعدا بعض الناشطين والكتاب لم يكن يتصور أحد أن المصريين سيقومون بثورة. كنا نحتاج للتفاعل والثورة وما بعدها جعلت الحياة تدب في الجميع مرة أخري. كنا في انتظار عودة الروح ودراما الثورة وما بعدها سمحت لنا بذلك. فاصبحنا نعيش مايمكن أن نطلق عليه الجمهورية الدرامية الثانية. رباعية: لابد تتفتحي يازهرة البستان قدرك تطيري لفوق مع كل طيف فتان مين اللي يقدر دا يمنع حلم م الطيران لو طفوا كل النور برضه الأمل هيبان المزيد من أعمدة احمد عاطف