من مسجد مصطفى محمود ودع المسرحيون فى مصر والوطن العربى أمس «أيقونة النقد» المسرحى د.نهاد صليحة إلى مثواها الأخير، فى مشهد مؤثر لم يشهده المجتمع المسرحى منذ سنوات طويلة، نظرا لحالة القرب الإنسانى الشديدة بينها وبين كل المسرحيين خاصة شباب الموهوبين، وعشقها الدءوب للتجارب الجادة والمبتكرة، حتى إن الكثيرين كانوا يعتبرونها أما لهم. وبكلمات موجعة عبر المسرحيون عن ألمهم لفقدانها، فقال المخرج خالد جلال: لا توجد كلمات تعبر عن مدى فقدى لك يا من كنت حائط الصد الأعظم لحماية أبنائك، أنت صاحبة الفضل فى استمراري، لا نزكى عند الله أحدا ولكننى أعرف انك بما قدمت واحببت واحتضنت وحميت وحنوت، سيكون لك مكانك فى جنة الله. وقال المخرج ناصر عبدالمنعم: خسارة فادحة، فراغ كبير ستتركه د.نهاد صليحة فى ساحة النقد المسرحى فى مصر والوطن العربي, لم أر متابعا لعروض المسرح المصرى على اختلافها، مثلها، ولا انحيازا لحركة المسرح خارج المؤسسة الرسمية كانحيازها، ولا عطاءً نقديا لأجيال مختلفة من المبدعين يناظر عطاءها، كنا نعتمد عليها فى التحكيم واختيار العروض فى المهرجانات المختلفة، وكان الكل يحترم ما تنتهى اليه من أحكام. كانت أمنيتها قبل الرحيل أن يصبح صندوق دعم الفرق المستقلة حقيقة ملموسة، وأن ينشط المركز المصرى للهيئة العالمية للمسرح ويلعب دورا مؤثرا فى الحركة المسرحية. وفى وداعها قال المخرج عصام السيد: عندما سافرت إلى الخارج فى بداياتى عرفت قيمة هذه الناقدة، رأيتها تتحدث فينصت الجميع لغزارة علمها ولموهبتها الرائعة فى قراءة العروض واطلاعها على كل جديد بلا ادعاء أو حزلقة، فلا تتربص بالعرض لتذبحه أو تستعرض ثقافتها العريضة، ولكنها تقرأ العرض لتقيّمه - ولا تقوّمه - وتلك مهمة النقد الأساسية. وأذكر أننا فى مهرجان مسرح بلا إنتاج بالاسكندرية، وكانت إقامتنا بفندق تجرى فيه بعض الاصلاحات مما حرمنا النوم فى اليوم الاول، واذا بها فى هدوء تنتقل من الفندق وتقبل الاقامة فى مكتب خاص بمدير المهرجان «د.جمال ياقوت» ملحق به غرفة نوم صغيرة ورفضت أن تغادر المهرجان بسبب سوء الاقامة، فى حين كان آخرون يقيمون الدنيا ويقعدونها أمام مشكلات أقل بكثير من تلك المشكلة. وفى شجن قال د.حسن عطية استاذ النقد بمعهد الفنون المسرحية ورفيق جيلها: أضافت للمكتبة العربية كنوزا معرفية، و لوجداننا حضورا لا ينضب معينه، وتركتنا وبالقلب محبة، وبالعين دمعات صارخة. كانت تؤمن بأن دور المثقف ليس تخزين المعلومات، والمباهاة بما يملك من معارف، بل إن دوره الحقيقى إثارة الوعى فى الطرقات، والاحتكاك بالفعل الثقافى بين الناس. وأكد الفنان أشرف عبدالباقى أنه كان متابعا جيدا لمقالاتها منذ بداياته وأنه تعلم منها الكثير من خلال آرائها حول حرفية الأداء التمثيلى وعلاقة الممثل بالشخصية التى يلعبها.. اللهم ارحمها واغفر لها وتقبلها فى جناتك.