رئيس جامعة أسيوط يتفقد لجان امتحانات الجامعة الأهلية ويتابع انتظام العمل بالمرافق الإدارية    تهديد مستقبل وريثة العرش في بلجيكا بعد قرار ترامب ضد «هارفارد».. ما القصة؟    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رسمية ناجحة إلى فرنسا    «الداخلية»: إحباط محاولة تشكيل عصابي جلب «حشيش اصطناعي» ب70 مليون جنيه    طارق الشناوي ينعى المخرج الجزائري محمد الأخضر حامينا: يغادر الحياة يوم عرسه    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    نائب وزير الصحة تبحث مع وفد الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    صدقي صخر عن فيلم "ولا عزاء للسيدات": "جريء ومختلف"    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم 24-5-2025    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    خلاف على «انستجرام» بين مراهقات يتحول إلى عنف خارج أسوار المدرسة    رفع درجة الاستعداد القصوى خلال عيد الأضحى لتأمين المصطافين بالإسكندرية    ترامب يقيل العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي    الضفة.. الجيش الإسرائيلي يقتحم نابلس ويعتقل ثلاثة شبان    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز بذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    مواعيد مباريات السبت 24 مايو - نهائي دوري أبطال إفريقيا.. والزمالك ضد بتروجت    ماجد سامي: زيزو فقد لقب أسطورة الزمالك.. وإمام عاشور لا يُشبه الأهلي    تشكيل الزمالك المتوقع أمام بتروجت في الدوري    توفير فرص عمل بالأردن برواتب تصل إلى 290 دينارا شهريا    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بطريق بحيرة قارون السياحي بالفيوم    أخبار الطقس في الإمارات اليوم السبت.. أجواء غائمة على هذه المناطق    رئيس بعثة الحج: وصول 6720 حاجا للمدينة المنورة    مكافأة وعتاب.. محمد رمضان يمنح طالب 50 ألف جنيه ويوجه له رسالة مؤثرة    وزير الإسكان: غدًا.. بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات "سكن مصر" بمدينة القاهرة الجديدة    فركش فيلم "روكي الغلابة" ل دنيا سمير غانم وعرضه بالسينمات بموسم الصيف.. صور    مسئولو "الإسكان" يتابعون المشروعات الجاري تنفيذها بالقرى السياحية    غرفة المنشآت السياحية: 30 يونيو آخر موعد لتوفيق أوضاع العائمات النيلية    وزيرة البيئة: نسعى لاتفاق عالمي عادل لمواجهة التلوث البلاستيكي يراعي خصوصية الدول النامية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يزور مستشفيات جامعة جنيف    «التأمين الصحي» تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    أحمد عيد يعود لتقديم الكوميديا السوداء في فيلم الشيطان شاطر    ضربات روسية غير مسبوقة على كييف: 14 صاروخًا باليستيًا و250 مسيّرة تُشعل سماء العاصم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    انخفاض أسعار البيض في الأسواق اليوم 24-5-2025 (موقع رسمي)    تشكيل بيراميدز المتوقع لمواجهة صن داونز في نهائي دوري أبطال أفريقيا    موسم تاريخي ل"رجال يد الأهلي" بعد التتويج ب6 بطولات والابطال يتحدثون    13 لاعبا ولاعبة يتأهلون لربع نهائي بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    نتيجة الصف الثاني الابتدائي بالجيزة 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام ومواعيد الامتحانات    ضبط عاطل بتهمة الاعتداء على طفل جنسيا في الحوامدية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين فى واقعة انفجار خط غاز الواحات    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    اليونيسف: إنشاء كيانات جديدة لإغاثة غزة إهدار للموارد والوقت    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    بينهم الشرع، الخزانة الأمريكية تصدر ترخيصا عاما بالتخفيف الفوري للعقوبات على سوريا    سباق سيارات ينتهى بحادث تصادم فى دمياط وإصابة 3 أشخاص    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهم القضاء على الجذور الفكرية للإرهاب
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 12 - 2016

نردد كثيرا تعبير ضرورة اجتثاث جذور الإرهاب وكيف أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي؛ وينصرف الذهن عادة إلى تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب.
وقد نمضى خطوة أبعد من مجرد التصدى للأفكار وتحديث الخطاب الدينى للحديث عن ضرورة تنمية المجتمع والقضاء على الفقر والعشوائيات وتطوير التعليم ومحو الأمية إلى آخر قائمة طويلة من العلل الاجتماعية التى لا جدال فى ضرورة التصدى لها ولكن السؤال يظل قائما: ترى لو تحقق كل ذلك رغم صعوبته سوف نشهد نهاية للفكر الإرهابي؟ أشك فى ذلك كثيرا.
ينبغى التفرقة بحسم بين «الفكر الإرهابي» و«الفعل الإرهاب» لفهم طبيعة العلاقة بينهما. يضرب الفكر الإرهابى بجذوره بعيدا فى التاريخ البشري؛ فلم تخل حقبة من حقب التاريخ البشرى من مفكرين يدعون لفكرة ضرورة تغيير المجتمع بالقوة؛ وهى الفكرة الأساسية التى تقوم عليها كل الأبنية الفكرية الإرهابية. ولدينا العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية والتاريخية التى تحدد ملامح التفكير الإرهابى كما تكاد تجسد ملامح ممارس العمل الإرهابي. وثمة العديد من الدراسات التى خلصت إلى أنه لا جدوى من البحث فى علم الأمراض النفسية الفردية لفهم سبب انخراط الناس فى الإرهاب، وأننا لن نكون مبالغين إن نحن جزمنا بأن الإرهابيين أشخاص «طبيعيون» نفسيا، بل إن الجماعات والمنظمات الإرهابية تعزل من بين صفوفها الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية باعتبارهم يمثلون مخاطرة أمنية، وأن المعلومات المتوافرة عن مرتكبى الجرائم الإرهابية لا تكشف عن وجود سمات مشتركة نمطية ثابتة تساعد فى تحديد من يمكن أن يكون معرّضا لأن يصبح إرهابيا.
ويبدو لنا أن ذلك المأزق إنما يرجع إلى الخلط بين الفكر الإرهابى والفعل الإرهابي، فثمة فكرة سيطرت على كثير منا مؤداها أن الفكر يؤدى إلى الفعل مباشرة أو بعبارة أخرى أن تبنى فكرا معينا يؤدى تلقائيا إلى ممارسة فعل يتسق مع ذلك الفكر؛ وبناء على ذلك التصور مضينا ننقب فى العوامل تهيئ المرء لاعتناق الأفكار الإرهابية باعتبار أن اعتناق الأفكار يؤدى بالضرورة إلى ممارستها؛ ومن ثم بذلنا جهدنا ومازلنا تحت شعار تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب نحو تنقية مناهج التعليم من أساليب التلقين والحفظ التى ترسخ اليقينية، وتوعية الدعاة وخطباء المساجد إلى آخره؛ وكل ذلك وغيره واجب لازم لتطور المجتمع وتحديثه سواء كانت هناك جرائم إرهابية أو لم تكن؛ ولكن القول إنه ينبغى تحديث المجتمع من أجل القضاء على الإرهاب أو أن الإرهاب يختفى فى المجتمعات المتقدمة الحديثة، فهو قول لا يقوم عليه دليل بل ثمة العديد من الأدلة والوقائع التى تتناقض معه.
يبدو للكثيرين أن عقل المواطن كما لو كان صفحة بيضاء محايدة يتعرض لمصادر فكرية متنوعة تتنافس فى التأثير عليه وتتفاوت من حيث قوة تأثيرها ومنطلقاتها الإيديولوجية؛ وأن ذلك المواطن يفاضل بين تلك التيارات الفكرية ليختار أقدرها على إقناعه؛ ومن ثم فلو حجبنا عنه المصادر المتطرفة و أحسنا عرض مصادرنا الوسطية المعتدلة انتهت المشكلة أو كادت. والأمر فيما نرى ليس كذلك على الإطلاق من الناحية العملية على الأقل حيث لم يعد فى مقدور أحد فى عالم الفضائيات المفتوحة حجب فكر معين مهما يكن رفضنا له؛ ومن ثم فإن حلم اجتثاث الفكر الإرهابى يظل مجرد وهم. صحيح أن الفعل الإرهابى لا يمكن أن يتحقق عمليا دون فكر إرهابى ولكن العكس غير صحيح وذلك هو مكمن المشكلة؛ بمعنى أنه سوف يوجد دوما من يحملون فكرا إرهابيا يقينيا متطرفا؛ وقد يظلون بأفكارهم الإرهابية يحلمون بأن تتاح لهم الفرصة لترجمة أفكارهم إلى أفعال؛ أما التحول من الأفكار الإرهابية إلى الممارسة الإرهابية فإنه يتطلب توافر شروط موضوعية عديدة منها تجمع أولئك الأفراد فى مجموعات حيث العمل الإرهابى عمل جماعى بطبيعته وقد شهدنا أخيرا إمكانية ما أطلق عليه «التجنيد عن بعد» أى عبر الإنترنت؛ ولكن على رأس تلك الشروط الموضوعية توافر مصادر تمويل تكفل توفير مقرات للتدريب والإقامة والتسليح والممرات الآمنة لنقل السلاح والمقاتلين إلى آخره، وكلها أمور عالية التكلفة فى عالم اليوم بحيث يصبح فى حكم المستحيل أن توفرها جماعة اعتمادا على قدراتها المالية الذاتية متمثلة فى استثماراتها وتبرعات أعضائها؛ ولا بد من توفير علاقات بدول داعمة ومخابرات قادرة. هكذا تقول لنا على سبيل المثال خبرة إقامة أسامة بن لادن لتنظيم القاعدة، حيث لم تكن ملايين بن لادن وحدها ولا سيل التبرعات و المتطوعين المتدفق من شتى أنحاء العالم بقادر على إقامة تنظيم القاعدة لولا دعم دولة باكستان التى كفلت غطاء إسلاميا دينيا لتعاونها سرا مع المخابرات الأمريكية فى توفير السلاح اللازم للقاعدة. ولنا أن نتساءل ترى هل نكف إذن عن نقد ونقض الأسس الفكرية للإرهاب مادمنا فى النهاية لن نستطيع القضاء تماما على التفكير الإرهابي؟ العكس صحيح تماما. إن النقد الموضوعى العاقل للفكر الإرهابى كفيل بتقليص مساحة القابلين للتجنيد ومن ثم تقليص حجم من يمكن أن يجتذبهم الفكر الإرهابي.
خلاصة القول: نقد الفكر الإرهابى ونقضه فريضة. اجتثاث الفكر الإرهابى وهم. القضاء على الجرائم الإرهابية ممكن من خلال تضافر المواجهة الأمنية مع تجفيف مصادر التمويل.
لمزيد من مقالات د. قدرى حفنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.