عزمي: الانتخابات المقبلة ثالث استحقاق منذ دستور 2014.. ودلالة على الاستقرار السياسي    أكمل نجاتي: تعديل الدوائر قائم على العدالة الرقمية وليس التوجهات السياسية    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    وسط موجة تقلبات عنيفة.. بيتكوين تحقق ارتفاعا أسبوعيا بنسبة 5.3%    رئيس الوزراء يسلم عددا من عقود وحدات «سكن لكل المصريين» بأكتوبر الجديدة    افتتاح محطة طاقة غاز الرئيسية بمدينة الخارجة بالوادي الجديد    محافظ الجيزة: الانتهاء من رصف عدة طرق بالواحات البحرية بتكلفة 11.5 مليون    صحة غزة: كثافة النيران واستهدافات الاحتلال تعوق إخلاء المحاصرين داخل المستشفى الأوروبي    مستوطنون إسرائيليون يقطعون أنابيب مياه في منطقة العوجا شمال أريحا    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    استراحة - بيراميدز 0 : 0 صن داونز    انطلاق ورشة عمل مسابقات الناشئين    نيابة المنيا تصرح بدفن جثة سيدة لقيت مصرعها في حادث سير بمركز سمالوط    "للنظر في إعدامها".. إحالة أوراق متهمة قتلت سيدة لسرقتها في 15 مايو    وصول 1842 حاجًا من حجاج الجمعيات الأهلية إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة    النائب عمرو فهمي: محاولات جماعة الإخوان الإرهابية بنشر الشائعات هدفها إثارة البلبلة    ديو فنيّ صيفيّ يجمع بين نجمَين عربيَّين.. الشامي وتامر حسني يُفرجان عن "ملكة جمال الكون"    قصور الثقافة تطلق عروض المسرح المتنقل بمركز ناصر في بني سويف    داليا مصطفى: «كل مشكلة بتحصلي درس.. وبعيش أفضل أيام حياتي».. فيديو    أبرز تصريحات رئيس الوزراء اليوم: إطلاق «الإسعاف البحري» لأول مرة وتحديث شامل لمنظومة الطوارئ المصرية    بعد إعادة الإحلال والتجديد.. محافظ أسوان يتفقد مستشفى كوم أمبو المركزي    الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب مصر حتى الإثنين.. وطقس معتدل يبدأ من الثلاثاء    بأسلوب الخطف.. القبض على المتهمين بسرقة المواطنين بالطريق العام    محمد صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لموسم 2024-2025    إقبال كثيف على صناديق الاقتراع في الجنوب اللبناني    مقال رأي لوزير الخارجية عن انعكاسات خفض التصعيد على أمن الملاحة في البحر الأحمر    ب3 من نجوم ماسبيرو.. القناة الأولى تستعد لبث "العالم غدا"    الفرعون الذهبى يستقر بالمتحف الكبير :73 قطعة منها التاج وكرسى العرش والتابوت والقناع تنتظر الرحيل من 3 متاحف    فضائل العشر من ذي الحجة.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رئيس وزراء كوت ديفوار يستقبل وفدًا من اتحاد الصناعات المصرية لبحث التعاون    وزير الثقافة يوجه بوضع خطة مشتركة لعرض مونودراما «فريدة» بالمحافظات    «فركش».. دنيا سمير غانم تنتهي من تصوير «روكي الغلابة»    «لافروف» يكشف عمل موسكو على وثائق متطلبات تسوية الحرب الروسية الأوكرانية    بعد توليها منصبها في الأمم المتحدة.. ياسمين فؤاد توجه الشكر للرئيس السيسي    مطالبًا بتعديل النظام الانتخابي.. رئيس«اقتصادية الشيوخ»: «لا توجد دول تجمع بين القائمة والفردي إلا ساحل العاج وموريتانيا»    الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان استعدادا لبدء التطبيق الفعلي للمنظومة في المحافظة 1 يوليو المقبل    "الشيوخ" يبدأ مناقشة تعديل قانونه.. ووكيل "التشريعية" يستعرض التفاصيل    احتفاء بتاريخ عريق.. رئيس الوزراء في جولة بين عربات الإسعاف القديمة    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي والمصري في الجولة الثامنة للدوري    في ذكرى رحيل إسماعيل ياسين.. أحمد الإبياري يكشف عن بوستر نادر ل مسرحية «الست عايزة كده»    13 لاعبة ولاعبًا مصريًا يحققون الفوز ويتأهلون للربع النهائي من بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    كواليس إحالة المتهمة بسب وقذف الفنانة هند عاكف للمحاكمة    لحظة أيقونية لمؤمن واحتفالات جنونية.. لقطات من تتويج بالأهلي ببطولة أفريقيا لليد (صور وفيديو)    مستقبل وريثة عرش بلجيكا في خطر.. بسبب أزمة جامعة هارفارد وترامب    جامعة سوهاج: اعتماد 250 مليون جنيه لفرش وتجهيز مستشفى شفا الأطفال    3 تحديات تنتظر بيراميدز أمام صن داونز في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    بعقارات وسيارات.. ضبط 3 أشخاص بتهمة غسل 60 مليون جنيه في المنوفية    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    طرح خراف وأبقار حية بشوادر الشركة القابضة للصناعات الغذائية.. اعرف الأسعار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبى    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نواجه الإرهاب
نشر في البوابة يوم 02 - 10 - 2013

لعل أول ما يتبادر إلى الذهن هو أن الحل المثالي هو أن تبني أسلوب المواجهة الشاملة العاصفة, والاحتكام إلى القوة في التصدّي للإرهاب، وليس من شكّ في أن الطرف الأقوى سوف يحرز نصرًا على المدى المنظور على الأقل، ومن ثَمّ فإن تراجع موجة ذلك الإرهاب أمرٌ متوقعٌ ومفهوم, دون أن يعني ذلك بطبيعة الحال أنه تراجعٌ منظمٌ، كتراجع الجيوش النظاميّة المهزومة.
ولكن تبقي عدة تساؤلات:
أولًا: وماذا عن الإطار الفكري السياسي العقائدي للإرهابيين؟ هل يمكن للقوة أن تقضي على فكرة مهما كانت سخافتها؟ إن المؤسسات والنظم والتنظيمات لا بد أن تنتهي يومًا، بل ويمكن إنهاؤها، وتستمر بعدها الحياة، فلكل فعلٍ نهاية، أما الأفكار فإنها تتجدّد وتتطوّر، قد تجمد وتنغلق، وقد يعلو صراخها، وقد يخفت همسها، لكنها أبدًا لا تموت حتى ولو مات أصحابها. تستوي في ذلك أسخف الأفكار، وأروعها: النازية، الشيوعية، الصهيونيّة، الاشتراكيّة.. إلي آخره.
إن الأفعال ترتبط بحياة أصحابها وتنتهي بموتهم، وكذلك المؤسسات تنتهي بانتهاء الحاجة إليها، أو بتدهور أدائها، أما الأفكار فما دامت قد خرجت من أفواه أصحابها أو من أقلامهم فإنها تظل باقية ولو مختزنة.
ثانيًا: هل صحيح أن اجتثاث جذور الإرهاب أو تجفيف منابعه, يقتضي القضاء قضاء مبرمًا على التطرف؟ وهل صحيحٌ أن ثمة تطابقًا بين التطرف والإرهاب؟ وهل صحيحٌ أن إطلاق التعبير العلنيّ عن الأفكار المتطرّفة يمكن أن يؤدّي تلقائيًّا إلى تزايد موجة الإرهاب؟ ليس ثمة ما يؤكّد في إطار علم النفس الاجتماعيّ على الأقل، أن التعصّب أو التطرّف الفكريّ، مهما بلغت درجته، يمكن أن يؤدّي تلقائيًّا إلى ممارسة عنفٍ من أيّ نوع. صحيحٌ أنه يؤدّي إلى عديد من التشوّهات الانفعاليّة والفكريّة، ومنها على سبيل المثال: الكراهية للآخر، والنفور منه، بل وتمنّي اختفائه من الوجود, كما يؤدّي كذلك إلى العجز الفكريّ عن رؤية الجانب الآخر من الصورة، ومن ثَمّ العجز عن الرؤية الموضوعيّة.
إن مثل هؤلاء المتطرّفين المتعصّبين، قد تفيض أحلام نومهم، بل وأحلام يقظتهم أيضًا برؤى بالغة العنف والدمويّة، لكنّ شيئًا من ذلك -رغم خطورته- لا يؤدّي وحده إلى ممارستهم الفعليّة للعنف، إن تحوّل الأفكار والانفعالات إلى ممارسات سلوكيّة، يتطلّب أن يتوافر إلى جانبها العديد من الخصائص والسمات النفسيّة والاجتماعيّة والموقفيّة. فكراهية الآخر مهما بلغت شدّتها لا تكفي وحدها للتنبؤ بممارسة العنف حيال هذا الآخر، بل إنها قد تؤدّي عمليًّا إلي الانسحاب كليّةً من مواجهة هذا الآخر المكروه. وفضلًا عن ذلك، فإن حقائق التاريخ، البعيدة والقريبة، تؤكّد ما نذهب إليه, فالتطرّف الفكريّ والتعصّب المذهبيّ، كثيرًا ما يؤدّيا، على المستوى السلوكي إلى أقصى درجات السلبيّة، بل وحتى الاستسلام.
ونستطيع أن نشير على سبيل المثال إلى جماعات الطرق الصوفيّة الإسلاميّة.
خلاصة القول، إن محاولة القضاء على الأفكار بدعوى اجتثاث الجذور الفكريّة للعنف، أو للعنف المضاد، ليست سوى أوهام تدحضها حقائق العلم والتاريخ معًا، فحين تحاول السلطة ذلك، فإنها لا تنجح، في المدى البعيد في القضاء على أيّ من الفكر أو السلوك، وكذلك حين يحاول المتمرّدون على السلطة توجيه رصاصاتهم إلى مَن يعتبرونهم بمثابة رموزها الفكريّة، فإنهم يغامرون بتعريض مجمل مسعاهم للانتكاس.
إن مهمّة تقديم وصفة جاهزة للتخلّص من آلام الإرهاب، إذا لم تكن مستحيلة، فإنها تخرج قطعًا عن حدود التخصص الدقيق في علم النفس، ولكن لو حاولنا الامتداد برؤى هذا العلم إلى ما يخرج عن تلك الحدود الدقيقة، فلعلّ لي أن أقول إن الحلّ الأنسب قد يكمن في تبنّي شعارين محوريين:
- الشعار الأول: “,”رصاصة مقابل رصاصة، وفكرة مقابل فكرة“,”، ويعني ذلك الدعوة إلى التفرقة بين الفكر والسلوك، بين العنف والتعصّب، ومواجهة كلّ بما يناسبه. إنّ إدانة الدعوة لمواجهة الفكرة بالرصاصة، لا تقل أهميّة عن إدانة الدعوة لمواجهة الرصاص بمجرّد الحوار.
- الشعار الثاني: “,”لا حدود للحريّة الفكريّة“,”، ويعني ذلك الدعوة إلى القبول بحق الأفكار جميعًا في التعبير عن نفسها، مهما كانت درجة الاختلاف معها، أو النفور منها، بما يتضمّنه ذلك القبول من تسليمٍ واعٍ، بما سوف ينجم عنه من فوضى فكريّة. إن فوضى الأفكار أقل ضررًا من إرهاب العنف، وضجيج الكلمات، مهما كان ما يسبّبه من إزعاج، أهون كثيرًا من صوت لعلعة الرصاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.