أحدث مقالنا السابق قصيدة الفصحى غناء أم كلثوم وكبار الشعراء والملحنين ردود فعل طيبة وإيجابية لدى كثير من المثقفين والكتاب والشعراء تمثلت فى رسائل واتصالات هاتفية تلقيتها أشادت جميعها بهذا اللون من الشعر الغنائى باعتباره أكثر بقاء ً فى إثراء وجدان المواطنين والارتقاء بالذوق العام لديهم خاصة قصائد الفصحى التى كتبها جيل الرواد ولحنها أساطين الموسيقى فى زمن الفن الجميل ومنها رائعة شاعر النيل حافظ إبراهيم «مصر تتحدث عن نفسها .. وقف الخلق ينظرون جميعاً.. كيف أبنى قواعد المجد وحدى» ورائعة كامل الشناوى «على باب مصر.. تدق الأكف ويعلو الضجيج .. أنا الشعب لا أعرف المستحيلا .. ولا أرتضى للخلود بديلا» لحن الموسيقار عبد الوهاب وأيضاً «مصر التى فى خاطرى وفى فمى .. أحبها من كل روحى ودمى « لشاعر الشباب أحمد رامى ، وغيرها من قصائد الفصحى التى تغنى بها مطربون آخرون فى حرب56 مثل « نشيد الله أكبر .. فوق كيد المعتدى» لحن محمود الشريف وكلمات عبد الله شمس الدين غناء المجموعة ورائعة فايده كامل»دع سمائى فسمائى محرقة .. دع قناتى فمياهى مغرقة .. وأترك الأرض فأرضى صاعقة «فقد بقيت مثل هذه القصائد ويحفظها جيلنا رغم مرور أكثر من خمسين عاما ً على إنتاجها، كما أن قصيدة حافظ إبراهيم لا زلنا نرددها حتى يومنا هذا وكأنها مكتوبة الآن وكانت قناة الأولى بالتليفزيون موفقة وهى تطالعنا كل يوم بمطلع هذه القصيدة « وقف الخلق ينظرون جميعاً .. كيف أبنى قواعد المجد وحدى» تغنيها أم كلثوم مصحوبة بلقطات حية للمشاريع الكبرى التى أنجزتها الدولة فى الوقت الحاضر مثل شبكة الطرق الهائلة التى تحدث لأول مرة فى مصر وكذلك قناة السويس الجديدة ومشروع المليون ونصف مليون فدان وآلاف الوحدات السكنية التى أنجزتها الدولة لمحدودى الدخل فى جميع المحافظات وغيرها من المشاريع الأخرى الضخمة التى تطالعنا بها الدولة كل يوم على شاشة التليفزيون.. وأعود لقصائد الفصحى التى قيلت فى حب الوطن أيضاً وتأكد استمرارها باعتبارها الأفضل من ألوان الشعر الأخرى التى أنتجت فى زمن مراقب الموسيقى والغناء محمد حسن الشجاعى والتى انطلقت من مبنى الإذاعة القديم فى شارع الشريفين وسط البلد ويحسب له اهتمامه بقصيدة الفصحى أيضاً، ولا ننسى الحملة التى نشاهدها على شاشة التليفزيون كل ليلة والمخصصة لإنقاذ النيل ( النيل مسئوليتنا.. ح نحميه ونحافظ عليه) بصوت نخبة من الفنانين وكبار رجال الدين الإسلامى والمسيحى بقصد حماية النهر ووقف الاعتداءات والانتهاكات التى يتعرض لها من جانب بعض المواطنين الذين لا يدركون قيمة ومكانة هذا النهر الذى قامت علي ضفافه أعظم حضارة عرفتها الانسانية .. وقد ذكرتنى هذه الحملة برائعة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب التى غناها بصوته «النهر الخالد» وكتبها الشاعر الكبير ابن صعيد مصر محمود حسن إسماعيل وأنتجتها الإذاعة فى زمن الشجاعى أيضاً صانع هذا الفن الغنائى الراقى ولا زالت أجيالنا تحفظ عن ظهر فلب هذه القصيدة التى نسجها الشاعر باللغة العربية الفصحى وغناها عبد الوهاب بصوته الرائع الجميل وباقتدار نشعر اتجاهه بأنه أفضل من غنى للنيل فى هذه القصيدة التى نعرض لبعض المقاطع الثرية منها «مسافر زاده الخيال.. والسحر والعطر والظلال.. ظمآن والكأس فى يديه.. والحب والفن والجمال» واستطاع الشاعر أن يجسد تاريخ النهر الخالد منذ الأزل وحتى الآن وعطائه المستمر على مر التاريخ فى المقطع الذى شدا به عبد الوهاب وكان فى قمة إحساسه المعبر «شابت على أرضه الليالى.. وضيعت عمرها الجبال» إلى أن نصل إلى قوله «آه على سرك الرهيب.. وموجك التائه الغريب» ويبلغ أداء موسيقار الأجيال قمته عندما يكرر بحلاوة صوته وإحساسه بالنيل العظيم ويردد أكثر من مرة المقطع الذى يقول « سمعت فى شطك الجميل .. ما قالت الريح للنخيل .. يسبح الطير أم يغنى .. ويشرح الحب للخميل .. وأغصن تلك أم صبايا .. شربن من خمرة الأصيل» وكنت فى زمن الفن الجميل كلما قابلت الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل فى أروقة شارع الشريفين مبنى الإذاعة القديم أننى أمام شاعر قدير أنجبته مصر، ولو أمد الله فى عمره لقدم لنا روائع أخرى فى حب النيل والوطن ،والذين عاصروا هذه اللجنة الموقرة يتبين لهم أنها أنتجت روائع الغناء لشعراء كبار وملحنين نابغين وكان كل شاعر من جيلنا يعرض إنتاجه على هذه اللجنة يراجع ما أبدعه أكثر من مرة ويدقق فيه حتى يفوز بموافقتها .. ولعلى بهذه المناسبة ومن أجل الحفاظ على النهر الخالد ووقف الانتهاكات التى يتعرض لها من بعض المواطنين أقترح ما يلى: أن يكلف رئيس القناة الأولى سمير سالم المخرجة المبدعة سميحة الغنيمى صاحبة الإنجازات المبهرة فى إخراج الأعمال الغنائية أن تضع رؤية إخراجية متميزة لقصيدة النهر الخالد التى أبدعها محمود حسن إسماعيل ولحنها وغناها محمد عبد الوهاب بحيث تعكس هذه الرؤية المواقع المتميزة للنهر العظيم ومواطن الجمال التى منحها لمصر عندما قامت على ضفافه هذه الحضارة العظيمة ومواطن الجمال فى صوت عبد الوهاب التى تجسدت فى هذه القصيدة مثل «سمعت فى شطك الجميل ما قالت الريح للنخيل .. يسبح الطير أم يغنى .. ويشرح الحب للخميل» فإن إخراج هذه القصيدة بالصورة التى نتمناها وإذاعتها ولو مرة كل شهر أفضل من عدة مؤتمرات وندوات تنفق عليها آلاف الجنيهات من أجل حماية النيل والحفاظ عليه، كما يغرس فى نفوس الأجيال الجديدة حب النيل بقدر حبهم للوطن وهذا هو الأهم.