استمرارا لجهود الدولة فى التخطيط الاستراتيجى للمشروعات التنموية والخدمية العملاقة على ارض مصر ، يعمل المئات من العمال والفنين والمهندسين والمختصين من المصريين، فى مشروع لا يقل أهمية عن مشروع قناة السويس الجديدة. مشروع يعيد الحياة على أرض سيناء ويعمل على توفير المقومات الرئيسية لعمل تنمية حقيقة ومستدامة لابناء هذا الجزء العزيز من أرض مصر، سواء كانت التنمية زراعية أو صناعية أو سكنية أو اقتصادية. ولأن «الماء» مصدر الحياة، كان لزاما على الدولة المصرية، سرعة التفكير فى كيفية نقل المياه العذبة، من الضفة الشرقية لقناة السويس، إلى الضفة الغربية، مرورا بقناتين، وهما قناة السويس القديمة والجديدة، لذلك اتخذت القيادة السياسية قرارها بإنشاء «سحارة سرابيوم»، لنقل المياه إلى الضفة الغربية للقناة الجديدة إلى الضفة الشرقية للقناة الجديدة، لرى من 70 إلى 100 ألف فدان زراعي، لتحقيق التنمية المستدامة فى تلك المنطقة. وعلى الفور، قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بالتعاون مع الشركات الوطنية المصرية، على رأسها شركة «كونكورد» للهندسة والمقاولات، ومعها عدد من الشركات الوطنية المصرية الأخري، فى تنفيذ الحلم، ونجحت بالفعل فى تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع العملاق ، وتم افتتاحه للتشغيل. وتعتبر سحارة سرابيوم، أحد أهم مشروعات مصر القومية ويعد أكبر مشروع بالشرق الاوسط لنقل المياه العزبة أسفل مجري ملاحى وهو قناة السويس، والتى بدأت منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية، مشروعات عملاقة على طريق التنمية التى تنشدها مصر خلال السنوات المقبلة، و يعد مشروع سحارة سرابيوم والتى يعبر من خلالها رافدا من روافد النيل ليمنح سيناء الحياة.. للإنسان والأرض معا.. حيث تستقبل مياه النيل من الغرب لتعبر بها لأرض الفيروز فى الشرق، والآن وبعد افتتاح المرحلة الأولى من المشروع فى ابريل الماضي، قامت «الأهرام « بزيارة موقع العمل بالمشروع والتقت مديرى المشروع من الشركات العاملة فى مشروع سحارة سرابيوم وسحارة المحسمة . المهندس أحمد سعد زغلول مدير قطاع سحارات سرابيوم والمحسمة ومدير إدارة المشروعات بشركة كونكورد وهى إحدى الشركات المسئولة عن تنفيذ مشروع سحارة سرابيوم، قال إن المشروع استهدف عند بدء تنفيذه توصيل المياه من الجانب غرب قناة السويس إلى شرقها، مشيرا إلى أن حجم المياه التى ستعبر السحارة الى شرق قناة السويس يصل إلى مليون و700 الف متر مكعب مياه يوميا . وأوضح سعد أن العمل بهذه السحارة بدأ فى 4 إبريل 2016 بحضور وزير الرى والموارد المائية محمد عبدالعاطى واللواء أركان حرب كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والفريق مهاب مميش رئيس مجلس إدارة شركة قناة السويس، مشيرا الى ان المستهدف هو زراعة 70 ألف فدان، ستصل فى المستقبل القريب الى زراعة 100 ألف فدان من المحاصيل المختلفة بنظام «الصوب الزراعية « ،وكشف أنه تم تمرير 700 ألف متر مكعب من المياه بالفعل ، وذلك فى المرحلة الأولى التى تم افتتاحها فى إبريل 2016، وأن المرحلة الثانية من سحارة «سرابيوم» سينتهى العمل بها فى النصف الثانى من عام 2017 . وأوضح سعد أن هذه السحارة تتكون من 4 بيارات بقطر 18,5 متر داخلى و22 مترا خارجيا، بعمق 120 مترا تحت الأرض بواسطة معدات ألمانية الصنع ، صنعت خصيصا لمصر وبمواصفات حفر محدودة لتناسب طبيعة عمق السحارة التى تخدم المشروع القومى لقناة السويس، مشيرا إلى انه تم الاستعانة بخبراء من ألمانيا لتركيب هذه الماكينات لمدة 30 يوما فقط ، إلى أنه تمت القضاء على غالبية المعوقات والتى كان أغلبها فنية. ويقول المهندس علاء عبد السميع مدير مشروع سحارة سرابيوم والمحسمة إن هذا المشروع الوطنى من أكبر المشروعات الإستراتيجية فى منطقة الشرق الأوسط، من الناحية الفنية والهندسية، لافتا الى انه تم عمل دراسات فنية وهندسية لقياس مدى قوة ضغط المياه ، لتجنب أى تسريب قد يحدث خلال العمل بالمشروع، لافتا الى أن إنفاق سحارة سرابيوم سيتم الانتهاء منها كاملة فى شهر أبريل من العام المقبل، مشيرا إلى أن حجم العمالة فى هذا المشروع الضخم يصل الى 2000 عامل منهم 600 مستمرون بشكل دائم « عمالة مباشرة والباقى عمالة غير مباشرة، وأكد أن هناك معايير توضع للعمالة والفنين والمختصين للعمل فى المشاريع الكبرى لافتا الى أن هناك 3 شركات كبيرة تعمل بشكل أساسى وهى « كونكورد، باور إيجبت، ريليناس للخرسانة «بالإضافة إلى 26 شركة مقاولات، وأكد عبد السميع قائلا «إنه برغم كل العقبات خلال تنفيذ مراحل المشروع فإننا ملتزمون بالجدول الزمنى لتسليمه ،مع العمل على تسليم كامل المشروع قبل موعده « ، لافتا إلى أن نظام العمل فى المشروع يتم بنظام « الوردتين « بحيث يستمر العمل فى موقع المشروع على مدى اليوم ليلا ونهارا . من جهته قال المهندس هانى إبراهيم مدير شركة «ريلينياس للخرسانة الجاهزة» إن الشركة تنفذ مشاريع كبُرى فى مصر، كمشاريع أنفاق الإسماعيلية الجديدة، وشرق التفريعة ببورسعيد، وسحارة سرابيوم ، مؤكدا أن الخرسانة التى العمل بها هى خرسانة من نوع خاص، لها خط إنتاج خاص فى «عتاقة» بالسويس، ويتم إضافة بعض المواد التى تتفق مع التربة والطبيعة، موضحا أن الأسمنت المستخدم فى المشروع مقاوم للكبريتات، وبمواصفات قياسية خاصة.
◙ سحارات المحسمة وعن مشروع سحارات «المحسمة»، فهو عبارة عن أربع بيارات، على جانبى القناة، يمر الماء من خلال نفقين، أسفل القناتين ، على عمق 60 مترا، تحت الأرض، ويستطيع النفقان تمرير مليون متر مكعب من مياه الصرف الزراعى فى بحيرة التمساح، كان يتم تصريفها فى قناة السويس، لكى يتم معالجتهما معالجة ثلاثية فى محطة سيتم إنشاؤها على بعد 13 كيلومترا من مشروع سحارة المحسمة، وسينتهى العمل بهما فى منتصف 2018. من جهته، قال المهندس شريف كامل، رئيس الإدارة المركزية لسحارة المحسمة، والتابعة لوزارة الرى والموارد المائية، إن المياه التى كانت فى مصرف المحسمة تبلغ يوميا مليونا و700ألف كيلو متر مكعب، يتم الاستفادة من 700 ألف متر مكعب من المياه، عن طريق دخول مساحة المياه إلى محطات معالجة لكى تستخدم فى عدة أشياء، ويتم هدر مليون متر مكعب من مياه المصرف فى بحيرة التمساح. وأضاف أن سيتم تحويل المليون متر مكعب من المياه إلى سحارة المحسمة، وسيتم نقلها إلى الجهة الأخرى من القناة، وسيتم إنشاء محطات رفع فى الاتجاهين، وسيتم إنشاء محطة معالجة ثلاثية جديدة، لمعالجة المياه التى كانت تهدر فى بحيرة التمساح. وأكد أن المشروع عبارة عن 4 بيارات، قُطر كل البيارة، 18.40م من الداخل، وقد تم تنفيذ البيارة رقم 4، وتم تنفيذ 70 % من البيارة رقم 3. وكشف عن أن المشروع بلغت تكلفته 46 مليون دولار، موضحا أن مدة تنفيذ المشروع 3 سنوات، لكن تم ضغط العمل والوقت لكى يتم تنفيذ المشروع قبل الميعاد، موضحا أن العقد تم توقيعه فى 1 / 6 /2016، وينتهى التنفيذ فى 1 / 6 /2019، مشيرا الى انه يتم بشكل متواصل لإنجازه قبل الموعد المحدد . وكشف المهندس محمد عبدالحميد مسئول هيئة التوسع الأفقى بوزارة الموارد المائية النقاب عن دور سحارة الطوارئ التى تستخدم كبديل لنقل المياه من ناحية غرب قناة السويس الى شرقها ليتم رى كل الاراضى الخاصة بسيناء، بواسطة «طلمبات عامة» يصل طولها الى 4 أمتار مكعبة. مقدما الشكر للهيئة الهندسية للقوات المسلحة التى نفذت هذا المشروع لانها تعتبر من أصعب المشروعات التى نفذت خلال العامين الماضيين، مشيرا الى ان هناك عددا من الشركات العالمية رفضت إقامة هذه السحارة، نتيجة الصعوبات التى واجهت المشروع من تربة وأشياء أخري، لكن الشركات الوطنية قررت التحدى والعمل فى المشروع. وأكد أن بعض المعدات المهمة، التى تعمل فى الموقع، تم نقلها من الدول المصنعة، من أسبوع لعشرة أيام، وذلك بدلاً من أشهر، مؤكدا أن المشروع كان يواجه بعض الصعوبات، لكن الجميع اتفق على مواجهة التحديات، وبالفعل، تم التغلب على التحديات، وبدأت بشائر الخير، وأهالى سيناء شعروا بالفرق الكبير. وأضاف ان المياه الزائدة سيتم تجميعها فى هذه السحارة لزيادة الرقعة الزراعية التى سيتم استصلاحها ، وأن سحارة الطوارئ تضخ من 10الى 12 مترا مكعبا من المياه فى الثانية الواحدة بما يعادل مليون متر مكعب من المياه يوميا . وأشار الى أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة نفذت محطة معالجة صحية لمياه الصرف الصحى فى منطقة المحسمة، موضحا أن سحارة الطوارئ فى البداية كانت بديل سحارة سرابيوم لحين الانتهاء من تصميمها وتنفيذها على ارض الواقع، ومن ثم أصبحت حاليا سحارة احتياطية فى حال قامت هيئة قناة السويس بإقامة توسعات فى الحفر. وأكد عبد الحميد ان العمال يعملون بجد ويواصلون الليل بالنهار مشيرا الى أن خزان المياه تم تركيبه فى 21 يوما فقط، بما يعنى أننا فى ملحمة وطنية بأيادى عمال قادرين على تنفيذ المستحيل. يتزامن المشروع مع العديد من الجهود التى تبذلها القوات المسلحة وباقى أجهزة ومؤسسات الدولة لإعادة الأمن والاستقرار وتوفير المقومات والمناخ الملائم لتنمية وتعمير سيناء وإقامة العديد من المدارس والتجمعات السكانية ومحطات تحلية المياه وشبكات من الطرق والمحاور الطولية والعرضية وذلك لخدمة أبناء سيناء ، إيماناً منها بأن الدفاع عن الوطن وتأمينه من الارهاب والتطرف يمتد ليشمل توجيه الجهود والطاقات لتحقيق التنمية الشاملة فى كل ربوع مصر وخاصة فى سيناء ورد الجميل لابنائها الذين قدموا العديد من ملاحم البطولة والتضحية جيلا بعد جيل لحماية أمن مصر القومى .