فجر الخميس كان الموعد مع القصاص العادل من الإرهابي عادل حبارة، الذي شارك ونفذ العديد من العمليات الإرهابية، أبرزها جريمة مذبحة رفح الثانية التي راح ضحيتها 25 جنديا من خير أجناد الأرض، المجندين في جيش مصر العظيم، بالإضافة إلي جريمة قتل مخبر بمباحث وحدة أبو كبير بالشرقية. أخيرا آن الأوان لكي تهدأ قلوب آباء وأمهات وأسر الضحايا الذين راحوا ضحية الإرهاب الأسود من هذا القاتل المجرم وأعوانه، بعد طول معاناة نتيجة بطء التقاضي، واستمرار المحاكمات سنوات عديدة، مما زاد من الشعور بالظلم لدي أسر الضحايا. لقد ألقت قوات الأمن القبض علي عادل حبارة في سبتمبر 2013، ومعه اثنان ممن شاركوا في الجريمة، وأثبتت التحقيقات أنه شارك في قتل الجنود، ومن خلال التسجيلات الصوتية له أكد ذلك قائلا: »نعم أنا من قمت بها بفضل الله«، ورغم ثبوت الأدلة والاعترافات، استمرت محاكمة حبارة ما يقرب من أربع سنوات، صدرت خلالها 4 أحكام إعدام بحقه في القضايا المختلفة والأكثر من ذلك أنه حاول الهرب في أثناء ترحيله من أكاديمية الشرطة هو و9 متهمين آخرين في يوليو عام 2014، ونجحت قوات الشرطة في إحباط محاولة الهروب وأعادت القبض عليه، ومع ذلك استمرت المحاكمة ما يقرب من أربع سنوات نتيجة قصور تشريعي في قانون الإجراءات الجنائية يؤدي دائما إلي إطالة أمد التقاضي، وإهدار العدالة، فالعدالة البطيئة ظلم سريع للضحايا. إذا كانت محاكمة الإرهابي حبارة وأعوانه استمرت طوال تلك السنوات، وهي قضية رأي عام، وقضية إرهابيين، وقضية تخص الجيش والشرطة والشعب المصري كله، فما بالنا بقضايا القتل والاغتصاب والجرائم الجنائية الفردية، وما هي المدد التي يمكن أن تستغرقها؟! وهل من العدل أن تستمر محاكمات الإرهابيين والمجرمين والقتلة والمغتصبين كل تلك المدد الزمنية؟! ومن أين يأتي العدل في تلك الحالات؟! وكيف يشعر الجاني بالعدالة والقصاص في ظل ذلك القانون المملوء بالثقوب والثغرات؟! العدالة الناجزة تقتضي ضرورة تعديل قانون الإجراءات الجنائية بما يضمن القصاص العادل السريع للمجني عليهم، وفي الوقت نفسه أن تظل ضمانات العدالة الكاملة للمتهمين، فليس معني تقصير أمد التقاضي أن يتم »انتقاص« حقوق المتهمين في المحاكمة العادلة، فلا أحد يريد أو يتمني الظلم لأي شخص متهم، لأن المتهم بريء حتي تثبت إدانته، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن تستمر المحاكمات سنوات وسنوات حتي يفقد المجني عليهم وأسرهم الأمل في القصاص. لابد من تقصير أمد التقاضي في كل القضايا الإرهابية والجنائية، ليشعر الإرهابيون والمجرمون بالردع السريع، وهذا هو التحدي الذي يجب أن تواجهه الحكومة بإجراء التعديلات اللازمة علي قانون الإجراءات الجنائية وإحالته للبرلمان لمناقشته، ليخرج إلي النور فورا بما يؤدي إلي ردع كل من تسول له نفسه القيام بأعمال إرهابية أو إجرامية، فالإرهاب والإجرام وجهان لعملة واحدة. صحيح أن الإرهاب الأسود يلفظ أنفاسه الأخيرة، لكن لا يجب أبدا التهاون والتراخي معه، لأن عمليات الذئاب المنفردة والخلايا العنقودية للجماعات الإرهابية لا تتوقف، وآخرها ما حدث في الأسبوع الماضي حينما قامت خلية إرهابية تابعة لداعش بتفجير الكنيسة البطرسية، ذلك الحادث الإرهابي الغاشم الذي أدمي قلوب المصريين جميعا، وراح ضحيته 26 شهيدا من النساء والأطفال والرجال كانوا يعبدون الله في كنيستهم، واختار الإرهابيون القتلة يوم ميلاد النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) لارتكاب جريمتهم البشعة، في محاولة لبث سموم الفتنة الخبيثة بين أبناء الوطن الواحد، بمسلميه ومسيحييه، لكن خاب ظنهم، وانقلب السحر علي الساحر، وازداد ترابط المسلمين والمسيحيين، وجاء صوت شيخ الأزهر أحمد الطيب عاليا ليعلن أن الحادث الإرهابي أدي إلي إيذاء المسيحيين والمسلمين معا، وإيذاء النبي محمد في يوم مولده، لأنه لا يرضي أبدا عن تلك الأفعال الدنيئة والخسيسة، وعلي الجانب الآخر وجدنا أسرة منير كامل، أحد ضحايا حادث الكنيسة الإرهابي، يصر علي أن يقوم الشيخ نزيه متولي «أحد المعزين» بتلاوة القرآن الكريم في العزاء القبطي، ليؤكدوا للعالم كله صلابة الوحدة الوطنية، والنسيج الوطني المصري، فما كان من الشيخ الذي وافق تحت ضغط أفراد الأسرة، إلا الاستجابة وقراءة سورة«مريم» في العزاء. علي الجانب الآخر، أراد الرئيس عبدالفتاح السيسي إيصال رسالة عملية إلي الداخل والخارج، بأن يد الإرهاب الضالة والآثمة لن تعطل مسيرة التنمية والتقدم في مصر، فكان يوم الخميس الماضي أيضا يوم افتتاح بعض المشروعات الكبري في الطرق والكباري والإسكان والمياه. ذهب الرئيس إلي مقر الاحتفال ليفتتح محور روض الفرج الضبعة، الذي يعد جزءا من محور الزعفرانة مطروح، الذي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، بطول 537كم، بدءا من الزعفرانة علي البحر الأحمر، مرورا بطريق الجلالة، ثم طريق القاهرة العين السخنة محور الشهيد محور الفنجري، ومنه إلي محور روض الفرج الضبعة، وصولا إلي مدينة الضبعة، والمخطط امتداده حتي مرسي مطروح علي البحر المتوسط. مشروع عملاق يعطي الأمل لمصر المستقبل، وهو ضمن العديد من المشروعات في مجالات الإسكان والصرف الصحي ومياه الشرب والمرافق والخدمات، بما يؤدي في النهاية إلي علاج المشكلات المتراكمة في مجال البنية الأساسية والمجالات الأخري، ويهيئ الطريق للانطلاق نحو مستقبل أفضل إن شاء الله. رسالة مهمة في توقيت بالغ الأهمية تؤكد أن الدولة قادرة علي مواصلة البناء والتقدم، وفي الوقت نفسه اجتثاث الإرهاب الأسود من جذوره، لتأخذ مصر مكانها ومكانتها قريبا جدا، رغم أنف الحاقدين والكارهين. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة