«المشخصاتي» فى اللغة الدارجة هو الممثل الذى يتقمص الشخصية، ويؤديها كما رُسِمَت على الورق، والتشخيص يكون غالباً فى الأعمال المسرحية، وقد كان يُطلَقُ على الممثل المسرحى قديما «المشخصاتي». وحينما يكون هذا التشخيص على مسرح مكشوف، يكون أكثر تأثيراً، وأشد وقعاً على المتفرج الذى يرى العمل من جميع جوانبه دون حواجز. وانكشاف المسرح أدعى لوجود أكبر عدد ممكن من المتفرجين، فهل هذا ما قصده «محمد على عزب» من عنوان ديوانه الجديد «تشخيص على مسرح مكشوف»؟ يقول الشاعر: كل ما تقعد ويَّاهم/ بتبص من الشباك/ وتقول: آه يا شوارع/ ياللى بقيتى مسارح مكشوفة/ وطول اليوم شغالة/ فيها الأزياء/ والإكسسوار/ والماكياج/ بيقوموا بكل الأدوار/ وتاريخنا اللى اتحول/ سِلِّيوة/ فى بُق مهرج/ بيمثل على مسرح مكشوف. تلامس نصوص هذا الديوان الواقع وتلتحم به، وتصوره أحداثاً على مسرح الحياة المكشوف، من خلال عين «المشخصاتي/ الشاعر» الذى يحمل كاميرا تلتقط أدق المشاهد فى هذا الواقع، وتعيد تقديمها إلى المتفرج بلغة تتنوع بين المباشرة والرمزية: قطر بضاعة/ وسيرك وسوق/ من تحت لفوق/ من شرق لغرب/ العالم/ رايح جاى حواليك/ كاميرات/ ماكياج/ مونتاج/ وانت ف نفس البرواز. ولا تعتمد نصوص الديوان على التأمل قدر اعتمادها على التصوير الفني، ورسم اللوحة بإتقان، عاكسةً تأرجح الإنسان بين الحياة والموت، والسؤال والرفض، ربما فى محاولة للبحث عن يقين: وف عز هروبك/ من بين الشوك اللى ف شرايينك/ طلعتْ من قلبك وردة/ على هيئة بنت/ ساعة صوابعها النونو/ ما لمست إيدك/ حسِّيت/ اتأكدت/ إنك من لحم و دم و حلم/ مش صورة/ اترسمت بالفحم. فى نصوصه التى تشبه اللوحات الفنية، يحاول محمد على عزب أن يستبطن المشاعر الإنسانية، فى محاولة لإعادة تشكيل العالم وفق رؤيته، للإفلات من أسر الواقع المُضْني. ونرى أن الذات فى هذا الديوان هى محور الكون، يطرح من خلالها الشاعر قضايا العدل والحرية والحق فى الحياة، من خلال رؤيته الشعرية الشاجبة لكل أنواع القهر والتهميش والاغتراب الإنساني.