فى حى المعصرة، الكائن على ضفاف نهر النيل، تمت إقامة عشرات الأبراج من العقارات المخالفة والمبنية على أراضى الدولة، والمقامة بطريقة عشوائية وجائرة على حقوق المواطنين وآدميتهم، تستهدف تحقيق مكاسب مالية ضخمة لمجموعة من الخارجين عن القانون، وتعلن عن قيام عشوائية جديدة، أماكن الإقامة فيها ليست عششا سكنية أو بيوتا مهملة بل أبراج فارهة تقوم أجهزة المحليات مضطرة بإدخال المرافق اليها بعد تسكينها من قبل ضحايا تم استدراجهم وبيع الشقق المخالفة لهم. ففى محيط منطقة ترعة الخشاب بمنطقة المعصرة، تمكنت عصابات الأراضى من الاستيلاء على مساحة نحو 21 فدانا كانت تسمى بأرض الشوك، لعدم وجود حياة فيها، خاصة وأن نسبة كبيرة منها كانت ومازالت مملوكة على الورق فقط لإحدى جمعيات الإسكان التعاونى، والجزء المتبقى مملوك للدولة لتقسيمه إلى شوارع وميادين لتلك المنطقة المتميزة المطلة على نهر النيل بحى المعصرة. خلال عامين تحولت تلك المنطقة إلى مدينة سكنية ضخمة، أقيم فيها نجو 150 برجا سكنيا ارتفاع كل منها يتراوح بين 10و14 دورا، وعندما حاول المتضررون من سكان تلك المنطقة وأصحاب الأراضى تقديم الشكاوى والمحاضر، فوجئوا بعد مرور أكثر من 25 شهرا بأن المحاضر التى كانوا يقدمونها، يتم فيها استبدال اسماء المتهمين بأشخاص آخرين متوفين، ليس هذا فحسب، بل امتدت العمليات الإجرامية فى البيع إلى تقديم مستندات مزورة لراغبى اقتناء شقق سكنية ومحال تجارية فى تلك الأبراج، على قانونية وصحة البنايات، وتتكشف الحقيقة بعد عمليات البيع والشراء وأثناء محاولة تسجيل الضحايا للشقق والمحال التجارية، ليجدوها مخالفة للقوانين والتصريحات، ولا سبيل لهم إلا انتظار إما ضياع أموالهم فى عمليات إزالة، أو الرضوخ للابتزازات «المحلية» لإدخال المرافق بطريقة تتم بالتحايل على القوانين وفى غفلة من أجهزة الدولة! «الأهرام» واجه المسئول الأول عن تلك المنطقة، اللواء ايمن عبدالقادر رئيس حى المعصرة، ورداً على سؤال حول مسئولية أجهزة المحليات عن ترك تلك العقارات المخالفة دون تنفيذ قرارات إزالة لها، أشار إلى أن أجهزة الحى لا تستطيع أن تنفذ القرارات إلا بعد الموافقة الأمنية والتى دائماً ما تتعثر أمام ما يسمى بالدراسات الأمنية حول العقارات المخالفة، وكل ما تقوم به أجهزة المحليات هو الخطوة الأولى فى تحرير محاضر مخالفة البناء وإحالتها إلى الجهات الأمنية والقضائية للبت فى تنفيذها!، وأوضح أن أجهزة المحليات تستطيع أن توقف عمليات البناء، إلا أنها تفاجأ بإتمامها فى جنح الليل، ليشرق شمس يوم جديد وتجد البنايات تعلو بطريقة غير منتظمة لا يمكن رصدها أو وقفها. وعلى الصعيد الأمنى والقضائى، لوحظ وجود عشرات القضايا المحررة ضد العقارات المخالفة، ولكن تقيد فيها يد أجهزة الشرطة بسبب تحرير تلك المحاضر بأسماء أشخاص متوفين(!)، مما يستحيل معه استدعاء الطرف المشكو فى حقه واستجوابه، وتنتهى جميعها عند مرحلة «حفظ المحاضر» دون التعامل معها! وبالاستفسار عن مسئولية تحرير المحاضر بأسماء المتوفين، أكد رئيس حى المعصرة أن مهندسى الأحياء المسئولين عن متابعة العقارات المخالفة، يتوجهون إلى محل العقار المشكو منه، ويقومون بسؤال المواطنين الموجودين بمحيطه عن صاحب تلك البناية، ومن هو مسئول عنها، ويتم تجميع البيانات من قبل اقوال الشهود والمتضررين، ولا توجد آلية قانونية واضحة لمعرفة المسئول الحقيقى إلا طلب أجهزة المحليات من ضباط البحث الجنائى لدائرة قسم الشرطة الذى يقع العقار المخالف فى نطاق عمله لتحديد الشخص المسئول عنه، وتبقى الأمور عالقة لحين ورود نتيجة التحريات التى تقدم إلى الجهات القضائية بعيداً عن مسئولية أجهزة المحليات! وهكذا تضيع الحقوق ويضيع حق الدولة والمواطن أمام بيروقراطية الإجراءات القانونية وثغراتها، فهل من مغيث؟!