مع بداية أول انتخابات رئاسية في مصر بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك, وبدء الاستعداد للجولة الثانية من الانتخابات, ومع حالة الاستقطاب في الشارع المصري إزاء جولة الإعادة بين كل من د.محمد مرسي ود.أحمد شفيق, تثار تساؤلات محددة حول آليات الرقابة علي العملية الانتخابية خاصة مع تقديم تكنولوجيا الاتصال والمعلومات حلولا جديدة لعملية الرقابة سواء في مرحلة الترشيح أو التصويت أو الاقتراع أو الفرز أو إعلان النتائج. ماهية الرقابة الالكترونية تصاعد الارتباط بين أدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والعملية السياسية في مصر, لاسيما مع وصول عدد مستخدمي المحمول في مصر إلي ما يزيد علي80 مليون مستخدم و35 مليون مستخدم للانترنت و10 ملايين مستخدم للشبكات الاجتماعية, وهو ما يوفر بيئة تكنولوجية خصبة للدعاية الانتخابية الالكترونية وتسهيل عملية المشاركة السياسية في الانتخابات وأيضا إمكانية استخدامها في تفعيل الرقابة علي العملية الانتخابية والقدرة علي كشف فساد المال السياسي والمخالفات الانتخابية, وهو ما يعمل علي نقل وقائع العملية الانتخابية وإجراءاتها بشفافية. فقد ساهمت الثورة المعلوماتية في توفير معلومات كافية عبر الانترنت حول العملية الانتخابية وكيفية اختيار المرشح والرمز الانتخابي الخاص به, ويتم متابعه عملية التصويت أولا بأول وحشد الناخبين من خلال الحملات الالكترونية لدفع الناخبين للقيام بعملية التصويت, ورفع الوعي لدي الناخب والمرشح بما يعد انتهاكا لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية وبتوفير المعلومات عن الانتخابات بسهولة ويسر وبصورة جذابة عبر الانترنت. ومن ثم فان العملية الانتخابية تصبح تحت الرقابة بنشر مجرياتها لحظيا علي الانترنت ومتابعتها من الخارج من قبل المنظمات الدولية العاملة في مجال الانتخابات أو حقوق الإنسان, ويتم ذلك عبر بث النص أو الصورة أو الفيديو عبر وسائط الإعلام الجديد. أما عن الفاعلين في استخدام الرقابة الالكترونية علي الانتخابات فيشمل أولا, المواطن العادي الذي يهتم بمستقبل بلاده ويسعي للمشاركة الايجابية. ثانيا, المرشح للانتخابات ويسعي إلي مراقبة سير العملية الانتخابية لضمان نزاهتها. وثالثا, المؤيدون لأي من المرشحين ويسعي إلي متابعة أداء مرشحه في الانتخابات وكشف التجاوزات. ورابعا أحد مراقبي مؤسسات المجتمع المدني أو إحدي المنظمات الحقوقية للكشف عن أي مخالفات أو انتهاكات. وخامسا, المدونون ونشطاء الرأي عبر الانترنت لرصد الانتهاكات. وسادسا, الإعلاميون والصحفيون الذين يتابعون أخبار الانتخابات. وسابعا, المقاطعون للانتخابات الذين يسعون للمقاطعة الإيجابية بدعم الرقابة الشعبية أنماط الرقابة الالكترونية أخذت الرقابة الالكترونية أشكالا وأنماطا متعددة مع تعدد أدوات الرأي والتعبير عبر الانترنت التي يتم استخدامها, والتي منها خرائط الانترنت التفاعلية وتدشين مواقع خصيصا لمتابعة أحوال الانتخابات وكشف التجاوزات التي تؤثر علي سير العملية الانتخابية أو تشكك في تحقيق النزاهة والشفافية المطلوبة لنجاحها, ونقل أحداث اللجان الانتخابية فوريا من خلال رسائل وفيديوهات المحمول والمكالمات التليفونية من شهود العيان والمجموعات البريدية أو من خلال الشبكات الاجتماعية كتويتر والفيسبوك عبر الانترنت. فقد يتم إنشاء مواقع خاصة علي الانترنت لرصد المخالفات الانتخابية من خلال رفع مواد في صورة فيديو أو صور تثبت تلك الوقائع, ويمكن للناخب أن يدخل بنفسه إلي الموقع ويرصد ما يراه انتهاكا لسير العملية الانتخابية, ويتم إنشاء مدونات ومواقع خاصة بالمرشحين تعمل علي تفعيل الرقابة بداخل الدوائر الانتخابية, ويتم متابعة سير عملية الاقتراع واستقبال الاستفسارات من مؤيدي المرشح وحشدهم للمشاركة في عملية التصويت, ويطلق المرشح حملته الانتخابية وقامت مواقع علي الانترنت بتوفير فرص دعم الناخبين لمرشحيهم. ويكشف ذلك عن منصة تفاعلية لتسجيل الشهادات الشعبية تجاه العملية الانتخابية عن طريق الرسائل القصيرة والبريد الالكتروني. ورصد المخالفات والانتهاكات لسير الانتخابات, وبرز موقع اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في عرض سجلات الناخبين وإمكانية المشاركة في تنقيتها عبر الانترنت. مزايا الرقابة الالكترونية تتمثل مزايا الرقابة الالكترونية علي العملية الانتخابية في النقاط التالية: أولا: قيام المواطنين بأنفسهم بممارسة عملية الرقابة علي الانتخابات وهو ما يزيد من فاعلية العمل الرقابي علي أداء العملية الانتخابية. ثانيا: من شان إتاحة الفرصة أمام عدد واسع من المراقبين ان يعمل علي تحقيق نوع من الحيادية والمصداقية بدلا من سيطرة جهة وحيدة علي عملية الرقابة وما يزيد في الوقت نفسه من الوعي السياسي العام. ثالثا: سرعة الكشف عن التجاوزات والانتهاكات في توقيت حدوثها وهو ما يساعد الإعلام الجديد في توثيق ما يجري في العملية الانتخابية وهو ما يساعد في كشف الضالعين في عملية الانتهاكات وملاحقتهم قانونيا. رابعا: إتاحة الفرصة لتوفير مادة صحفية هائلة تستخدماها الصحف في التغطية لعملية الانتخابات وهو ما يساعد علي اتساع تأثير ما يتم بثه عبر الانترنت. خامسا: إتاحة الفرصة أمام المنظمات الدولية المعنية بالرقابة علي الانتخابات من متابعتها من خلال ما يتم نشره عبر وسائل الإعلام وخاصة الانترنت. سادسا: إمكانية عدم الكشف عن شخصية المبلغ مما يحميه من انتقام المنتهكين للقانون وتعدد وسائل التبليغ من إرسال رسائل لرقم محمول معين أو إرسال تقرير إلي موقع الرقابة علي الانترنت بالايميل أو الفيس بوك أو تويتر. عيوب الرقابة الالكترونية تتمثل عيوب الرقابة الالكترونية علي العملية الانتخابية فيما يلي: أولا: يدفع اعتماد الرقابة الالكترونية علي الانتخابات علي الطابع الفردي في إنتاج المادة الإعلامية إلي احتمال علو التحيز الفردي في نقل الأحداث. ثانيا: اعتماد الرقابة علي الانتخابات علي الانترنت يمكن أن يتيح المجال إلي التدخل من جانب جهات خارجية غير معلومة. ثالثا: إن ما قد يتم نقلة عبر وسائل الأعلام الجديد قد يعمل علي التضخيم من حالات فردية لتبدو كما لو كانت ممارسات ممنهجة. رابعا: افتقاد الرقابة الالكترونية علي الانتخابات الصلة بالمؤسسات الشرعية الموجودة المعنية بالانتخابات بما يفقدها التواصل والمصداقية. خامسا: أن وعي من يقومون بعمليات التزوير أو الانتهاكات في الانتخابات قد يعمل علي إبطال مفعول تلك الأدوات بما يجعلها خارج إطار الحدث. سادسا: افتقاد عدد من المواطنين إلي ثقافة الرقابة علي الانتخابات وكشف التجاوزات وهو ما يشكل عائقا أمام تفعيل دورهم في عملية الرقابة الالكترونية عليها. سابعا: أما مسألة الاعتماد علي شهود العيان فربما يكون أحدهما مبالغا فيما يقول أو يحاول البعض الآخر دس معلومات غير صحيحة للتأثير علي الرأي العام وإقناعه بفشل العملية الانتخابية. ثامنا: قد يتم اختلاق مشاهد أو إعادة عرض لمشاهد قديمة علي أنها حديثةويمكن إخراج مشهد علي نحو عمدي بهدف تشويه احد المرشحين من قبل منافسين. فرص تفعيل المصداقية إن تفعيل أداء الرقابة الالكترونية علي الانتخابات يتطلب توافر فريق من المحققين ذوي الخبرة في العمل الصحفي للتأكد من عدم ظهور أي أخبار متحيزة أو غير حقيقية, وأن يتم التأكد من الاخبار والصور والتعليقات قبل أن يتم نشرها بوجود فريق من المسئولين عن استقبال التقارير والتأكد من حياديتها وصحتها, وأظهرت تجربة الجولة الأولي من الانتخابات أن الرقابة الالكترونية قد افتقدت العلاقة الوثيقة مع اللجنة العليا للانتخابات ومع منظمات المجتمع المدني القائمة علي الرغم من قيامها بدور هام في تغطية الانتخابات من خلال المشاهدات والتي لم تتسع أو تعبر عن الواقع الفعلي للناخبين. ويرجع انخفاض نسبة المشاركات عبر آليات الرقابة الالكترونية لاعتبارات تتعلق بضعف المشاركة السياسية علي الرغم من التصاعد الكبير في عدد المشاركات, كما لم تقم مواقع الانترنت المعنية بالرقابة بالجهد الكافي للتوعية والإعلان عن نشاطها. وتعاني قضية تفعيل المواطن الصحفي وربطه بالانتخابات من قصور مهني يحتاج لتدريب من يقوم بعملية الرقابة وان تكون مواقع الانترنت المعنية بذلك تخرج من رحم المؤسسات الوطنية القائمة أو بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المعنية بالرقابة واللجنة العليا للانتخابات باعتبار الأخيرة هي الجهة الوحيدة المخولة دستوريا إدارة العملية الانتخابية وهي من الأمور التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار. ويتم تعزيز دور نشطاء الانترنت في الكشف عن أي مخالفة انتخابية والعمل علي إصدار تقارير دورية لحظة بلحظة عبر مواقعها علي الانترنت والاهتمام بعامل الوعي الانتخابي اللازم لسير الانتخابات وبالعمل علي تنسيق الجهود الطوعية لتسهيل وصول الناخبين إلي مقار الاقتراع داخل دوائرهم واستخراج أسمائهم من السجلات. ويتطلب ذلك تعاون الناخب والمرشح واللجنة العليا للانتخابات والمجتمع المدني والأجهزة المعنية لتوفير بيئة ملائمة لانتخاب حر ونزيه ويمثل بدوره خطوة هامة في سبيل ترسيخ القيم الديمقراطية.