لا أظن أن هناك وزارة سابقة شهدت جوا انتحاريا مثل الذي مارست فيه وزارة الدكتور كمال الجنزوري عملها منذ7 ديسمبر الماضي. فقد تسلمت المسؤلية والأمن مفقود والوضع الاقتصادي يتردي والمليونيات تملأ الميدان. وما إن جاء البرلمان حتي أصبح هدفه إقامة العراقيل في طريق الوزارة كما لو أنها حكومة دولة معادية! في تقرير وزعه مجلس الشعب عن أعماله قبل انتهائه بحكم الدستورية أن نوابه وجهوا الي الحكومة119 سؤالا و8118 طلب إحاطة و614 بيانا عاجلا و69 طلب مناقشة الي جانب169 استجوابا, وكل هذا في ظروف كان الشعب يتنسم فيها تعاون الحكومة والمجلس لحل مشاكله المتراكمة! ورغم أن الاستجوابات في البرلمانات السابقة كانت تنتهي إلي قرار الانتقال الي جدول الأعمال وهو ما يعني وأد الاستجواب, فقد كان تقديم الاستجواب الواحد يهز الحكومة ويشغلها لأنه في معناه كان يحمل مدلولا خطيرا أمام الرأي العام خاصة مع نواب معارضين أشداء شهدهم المجلس مثل ممتاز نصار ومحمود القاضي وعلوي حافظ وغيرهم, وقد كان كل منهم مؤسسة برلمانية تعرف كيف تقدم الاستجواب وتجتذب المواطنين. اليوم يغادر مجلس الشعب تاركا169 استجوابا في مائة يوم لم تلفت النظر أو اهتم بها احد لأن هدفها كما كان واضحا خلع الحكومة لتحل مكانها وزارة من حزب الأغلبية. وسبحان الله, فالذي جري خلعه هو البرلمان!. ورغم هذا الجو العاصف الذي صمد فيه الجنزوري ووزارته فقد استطاعت في ستة أشهر استرداد عافية الشرطة والسيطرة الي حد ما علي الأمن, والتعامل بأعصاب باردة مع المحاولات الاستفزازية, وزيادة موارد الدولة22 مليار جنيه, وخفض الدين الخارجي ملياري دولار, وزيادة احتياطي العملات الأجنبية أكثر من400 مليون جنيه. وأيا كان مستقبل هذه الوزارة بعد الرئيس الجديد, فهي تستحق التحية, ليس فقط لأعمالها, وإنما أيضا للنفس الهاديء الذي تعمل به في ظل الأزمات المشتدة وهذه هي قيمة الخبرة! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر