تنسيق الجامعات 2025.. 100 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    "أمانة إدارة الأزمات" بحزب الجبهة الوطنية تضع خطة استراتيجية لدعم مرشحي الشيوخ    وزير الخارجية يفتتح مصنع سيلتال المصري لإنتاج الأدوات الكهربائية في السنغال    الجيش الإسرائيلي يستبدل 7 كتائب احتياط في الضفة الغربية بجنود مظليين    خبراء: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة مستمرة.. وعودة وفدي أمريكا وإسرائيل مناورة إعلامية    بداية المرحلة الثالثة لمعسكر تدريب حكام رخص ال VAR    النيابة العامة تُباشر التحقيقات في وقائع منصة «VSA»    تامر حسني يحيي ثاني حفلات مهرجان العلمين الليلة بمشاركة الفنان السوري الشامي    بالانفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    غدا.. ضعف المياه بحى شرق وغرب سوهاج لأعمال الاحلال والتجديد    افتتاح مسجدين جديدين بالفيوم وسط استقبال شعبي واسع    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    سباق اللحظات الأخيرة.. أوروبا تتحرك لتفادي سلاح الصين المعدني| فما القصة؟    «الجبهة الوطنية» يضع خطة استراتيجية لدعم مرشحيه بانتخابات «الشيوخ»    ثلاثي وادي دجلة إلى نصف نهائي بطولة العالم لناشئي الاسكواش    استقرار سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 25 يوليو 2025    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    ترامب يطلب من رئيس الفيدرالي خفض أسعار الفائدة من جديد    وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعوهم لتعزيز الهوية وصون التراث    مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها" تحتفي بالتراث في أوبرا دمنهور    ب"فستان قصير"..أحدث ظهور ل نرمين الفقي بمنزلها والجمهور يغازلها (صور)    هل يقبل عمل قاطع الرحم؟ د. يسري جبر يجيب    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    وكيلة "الصحة" توجه بتوسيع خدمات الكُلى بمستشفى الحميات بالإسماعيلية    طريقة عمل الكيكة، هشة وطرية ومذاقها لا يقاوم    الكابتشينو واللاتيه- فوائد مذهلة لصحة الأمعاء    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    رحيل هالك هوجان| جسد أسطوري أنهكته الجراح وسكتة قلبية أنهت المسيرة    مصرع شخصين وإصابة آخرين إثر حادث تصادم في الطريق الزراعي بالشرقية    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    مسيرة إسرائيلية تلقى قنبلة صوتية في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    انخفاض أسعار الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احترام إرادة الشعب
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 06 - 2012

أكتب هذا المقال يوم الإثنين‏18‏ يونيو بعد أن أعلنت المؤشرات الأولية لانتخابات رئاسة الجمهورية‏,‏ والتي تشير إلي حصول الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة علي نحو‏52%‏ من الأصوات في الوقت الذي حصل فيه الفريق أحمد شفيق علي نحو‏49%‏ من الأصوات‏.‏ ولذلك- وقبل الإعلان الرسمي للنتائج النهائية عقد الدكتور محمد مرسي مؤتمرا صحفيا أعلن فيه فوزه برئاسة الجمهورية, ووعد بأن يكون رئيسا لكل المصريين من أعطوه أصواتهم ومن صوتوا لمنافسه. وفي الوقت نفسهانطلق عشرات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلي ميدان التحرير في مظاهرات احتفالية بهذا الفوز المبين لمرشح الجماعة والحزب.
وإذا تأكدت هذه النتيجة رسميا عن طريق بيان اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة, فعلينا جميعا مهما تكن توجهاتنا الإيديولوجية, وسواء كنا معارضين لجماعة الإخوان المسلمين أم متحفظين علي الأداء السلبي لمجلس الشعب الإخواني السلفي, والذي قام بممارسات سياسية محبطة تكشف عن الرغبة في الاستحواذ علي كل شئ, أن نعلن احترامنا للإرادة الشعبية التي عبرت عنها صناديق الانتخابات, التي كانت نزيهة وشفافة بالرغم من بعض التجاوزات الطفيفة هنا أو هناك, وهي تجاوزات تحدث في أي انتخابات حتي في أعرق الدول الديمقراطية.
ما هي أهمية الانصياع لكلمة الصندوق والتي هي أشبه بالحكم الذي هو عنوان الحقيقة؟
تكمن هذه الأهمية في أنها تشير إلي احترامنا ليس فقط لآليات الديمقراطية والتي أبرزها هي الانتخابات النزيهة, ولكن أيضا لقيم الديمقراطية. وأبرز هذه القيم علي الإطلاق الإيمان بمبدأ تداول السلطة, والحوار مع كل الأطراف السياسية, والحرص علي التوافق وعدم الاستئثار بصنع القرار, استنادا إلي الأكثرية أو الأغلبية.
والواقع أنه وفق مؤشرات متعددة كمية وكيفية- فقدت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة كثيرا من مصداقيتها لدي عديد من الجماهير الشعبية, وقبل ذلك لدي النخب السياسية الليبرالية واليسارية.
ولم يأت فقدان هذه المصداقية من فراغ, بل إنه كان صدي لنزوع جماعة الإخوان المسلمين وحزبها إلي الاستئثار بكل المؤسسات السياسية. بدأت بالهيمنة علي غالبية لجان مجلسي الشعب والشوري, وثنت باحتكار أغلبية مقاعد اللجنة التأسيسية, مما أدي بمحكمة القضاء الإداري إلي إلغاء هذه اللجنة المعيبة.
وبعد مشاورات وحوارات مجهدة مع جميع الأحزاب السياسية والتيارات المدنية, أصرت الجماعة علي إصدار قانون من مجلس الشعب يتضمن معايير تشكيل اللجنة, وشكلت اللجنة للمرة الثانية تشكيلا معيبا إذ قسمت إلي تيارات مدنية وتيارات دينية, مما جعل المفكر الإسلامي المعروف سليم العوا يصف هذه القسمة بأنها طائفية وهذا لا يجوز.
وأخطر من كل ذلك اتجاه حزب الحرية والعدالة لإعادة تشكيل المحكمة الدستورية العليا, ومعني ذلك أنه يريد السيطرة علي المؤسسة القضائية وهذه هي أولي الخطوات, قبل أن يحاول تنفيذ مشروعه لتوحيد القضاء والغرض منه الهيمنة الكاملة علي السلطة القضائية.
وقد أوقف حكم المحكمة الدستورية العليا الخاص ببطلان مجلس الشعب هذا الزحف الإخواني المنظم للنفاذ إلي كل مؤسسات الدولة, وإعادة صياغتها وفق منظور الجماعة وتوجهاتها الدينية, وخصوصا المؤسسات الاقتصادية.
ويكفي أن نشير بهذا الصدد إلي أن مجلس الشعب الإخواني السلفي اعترض علي اقتراح حكومة الجنزوري بالحصول علي قرض ضخم من البنك الدولي, علي أساس أن الفوائد التي سيحصل عليها البنك فيه شبهة ربا! وهكذا أوقف مجلس الشعب إجراءات الحصول علي هذا القرض بالغ الأهمية بناء علي تأويلات منحرفة للنصوص الدينية الخاصة بالربا, والتي تم تفنيدها منذ عشرات السنين, بناء علي فتاوي أصدرها عدد من كبار الفقهاء.
غير أن حكاية القرض المحرم لم تكن سوي هامش بسيط إذا ما قورن بالمتن الأصلي المتعلق بمحاولة المجلس الإخواني السلفي السيطرة الكاملة علي البنك المركزي بتعديل اختصاصاته, وإقحام مشاريع البنوك الإسلامية بما فيها من مشايخ يفتون في الحلال والحرام الذي يتعلق بالمعاملات المالية, علي أساس أن فتاواهم ملزمة.
وهذا الاتجاه من شأنه أن يرجعنا إلي الوراء عشرات السنين. فقد ثبت من تجربة البنوك الإسلامية في مصر وغيرها من الدول العربية أن تشكيل ما يسمي غرفة الرقابة الشرعية المشكلة من عدد من المشايخ الذين تعرض عليهم معاملات البنوك المالية كانت تجربة عقيمة حقا!
ولكن الغرض مرض كما يقولون, لأن التوجهات الدينية التي يراد فرضها علي كل مجالات الحياة لنظرية الدولة الدينية التي تتدخل في السياسة والاقتصاد والتعليم والفكر والأدب والفن وفي كل شئ, وفقا للقياس الخاطئ والتأويلات المنحرفة للنصوص الدينية, ليس من شأنها سوي أن تفرض التخلف فرضا علي جنبات المجتمع. وهذا مضاد في الواقع لشعار النهضة التي ترفعه جماعة الإخوان المسلمين الذي يقوم في الواقع علي تزييف فكر النهضة الحقيقي الذي صاغه رواد النهضة العرب في بداية القرن العشرين.
وهذا الفكر النهضوي الأصيل تأمل رواده وتدبروا أسس ومنطلقات الحداثة الغربية, ووقفوا طويلا أمام المبدأ الحاكم لهذه الحداثة, والتي مبناها أن العقل هو محكم الحكم علي الأشياء وليس النصوص الدينية التي عادة ما تؤول تأويلات مختلفة ومتعارضة, تجعلها لا تصلح لتوجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات العصرية.
وهكذا في ضوء التجربة القصيرة لمجلس الشعب الإخواني السلفي يمكن القول بغير مبالغة أنه لم يكن يسير في طريق التقدم, ولكنه خضع خضوعا أعمي لتوجهات دينية مفارقة لروح العصر, كان بصدد جر المجتمع إلي الوراء.
ومع كل هذه التحفظات التي سبق لي وغيري من الباحثين أصحاب التوجه الليبرالي واليساري أن أبدوها بشأن المشروع الإخواني في تأسيس الدولة الدينية, فقد رحبنا بنتيجة انتخابات مجلسي الشعب والشوري احتراما لقيم الديمقراطية, وانتظرنا تحقيق الجماعة لشعارها مشاركة لا مغالبة. غير أن المجتمع المصري بكل طوائفه فوجئ بأن الشعار انقلب ليصبح مغالبة لا مشاركة! وترتب علي ذلك محاولة إقصاء كل التيارات السياسية, والهيمنة الكاملة علي مجمل الفضاء السياسي المصري تماما كما كان يفعل الحزب الوطني الديمقراطي المنحل!
ومع كل ذلك ينبغي علينا وهذا الخطاب موجه إلي كل التيارات السياسية الفاعلة وإلي كل الجماهير- أن نحترم نتيجة الصندوق, وإذا أصبح الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية فعلينا أن ندعم جهوده في مجال النهضة, لو آمن فعلا بأنه لا يمكن لهذا المشروع أن يتحقق إلا بتكاتف جهود كل النخب السياسية والفكرية والعلمية, لأن الهدف ينبغي أن يكون تقدم المجتمع ورقي الشعب الذي ثار في25 يناير, بحثا عن الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية.
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.