لا أحد ينكر أن مصر تواجه أزمة اقتصادية حادة ولكن الأزمة الكبرى هى أزمة غياب الضمير وفساد الذمم.. أزمتنا الحقيقية أننا نتكلم بأكثر مما نعمل ثم يعلو صراخنا من تذبذب الدولار وغلاء الأسعار مع أن جانبا كبيرا من أسباب الأزمة يتحمل مسئوليته جشع التجار وطمع المضاربين فى العملة وهم مصريون مثلنا وليسوا أجانب!. ولا أحد ينكر مسئولية الحكومة بسبب تباطئها فى اتخاذ الإجراءات الصارمة التى تتناسب وظروفنا الاقتصادية الصعبة.. وإذا كان يحمد للحكومة أنها مازالت توفر رغيف الخبز بخمسة قروش وتدعم السلع الأساسية من خلال بطاقات التموين وتتحرج أن تقترب من سعر تذكرة المترو وتحافظ عليها بجنيه واحد من أول محطة إلى آخر محطة فإن من غير المعقول أو المقبول أن تغمض الحكومة عينيها عن استيراد سلع استفزازية ولا تلاحق أو تعاقب من يسيئون استخدام بطاقات الائتمان لسحب الدولارات فى الخارج مع أن أصحاب البطاقات لم يغادروا مصر ولكنهم يؤجرونها للتجار والمضاربين. ويعجب المرء عندما يقال إن طلاب الجامعة الأمريكية وذويهم سينضمون إلى ما يسمى «ثورة الغلابة» لأن ارتفاع سعر الدولار سيرفع قيمة الرسوم التى يسددونها للجامعة الأمريكية بالجنية المصرى كما لو كان من المفترض أن تدعم الدولة التعليم «الملوكى» لهواة المباهاة الذين ينسون المثل الشعبى للغلابة «إللى عايز يفنجر أو يتفشخر يفنجر ويتفشخر من جيبه». ولكن العجب الأشد أن الذين يقاومون منذ عام 1977 أى خطوة جادة للإصلاح الاقتصادى هم الذين يريدون أن يبقى الحال على ما هو عليه لتتسع مساحة فساد الذمم ويظل الموظف يرتشى ليسد احتياجاته ويستبيح التجار رفع الأسعار ليزداد رصيدهم ويستحل المدرس ما يحصل عليه مقابل الدروس الخصوصية لأبناء التجار الجشعين ولا يجد الأطباء حرجا فى رفع قيمة الكشف.. وهكذا دواليك حتى تقع الكارثة ويلحق بنا ما لحق بدول أجبرت على إعلان إفلاسها والعياذ بالله ولكن الله سيحفظ مصر وسيمكنها من عبور الأزمة. خير الكلام: ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله;