فى واشنطن، لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات، ومع اقتراب المعركة الانتخابية الطويلة من إسدال ستار النهاية، فقد كشفت عن وجه آخر لصنع سياسات القوة العظمى, ومن بين الحقائق التى كشفتها وثائق مسربة سواء نشرها موقع ويكيليكس أو قراصنة آخرون أن الملياردير الأمريكى جورج سوروس هو الحاكم بأمواله فى السياسات الأمريكية. 2500 وثيقة جديدة نشرها موقع «دى سى ليكس» تكشف عن أن سوروس 86 عاما هو رئيس الظل للولايات المتحدة، صانع سياسات سواء فى أمريكا و فى أكثر من 100 دولة أخرى حول العالم لفرض أجندة سياسية يؤمن بها ويحارب بكل قوته من أجل فرضها سواء فى الداخل أو الخارج, الوثائق تكشف مدى نفوذ سوروس سواء داخل البيت الأبيض أو داخل الحزب الديمقراطى أو حتى فى الشارع الأمريكى عبر أذرعه العديدة ومؤسساته مثل «مجموعة الأزمات الدولية»، «المجتمع المفتوح»، أو «التقدم». سوروس يتحكم فى اختيار الرئيس الذى يدخل البيت الأبيض، يدعم الديمقراطيين بكل قوته، ويكره الجمهوريين ويحاربهم. سورس، الذى تبلغ ثروته حوالى 26 مليار دولار، ألقى بكل ثقله وراء باراك أوباما ليصبح أول رئيس أسود فى التاريخ الأمريكي، والآن يدعم هيلارى كلينتون بأكثر من 25 مليون دولار، رجاله فى المؤسسات التى يمتلكها يتحولون مع الوقت إلى رجال الرئيس سوروس أكد فى أحد هذه الوثائق أن النظام السياسى الأمريكى انهار بسبب أن الحزبين الجمهورى والديمقراطى تحولا إلى محافظين، يسيطر عليهما المتدينون وأصحاب المصالح. وأضاف أن المشكلة أصبحت أكثر سوءا بسبب «التحالف الشرير» بين الجمهوريين والمحافظين الجدد، وأنه بعد أحداث 11 سبتمبر حاولت الولاياتالمتحدة استخدام قوتها العسكرية لفرض إرادتها على العالم، وأن هذه القوى غير الديمقراطية نجت على الرغم من فشل الحرب على الإرهاب والأزمة الاقتصادية العالمية فى 2008. سوروس يكره الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، وتعهد فى مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» نشرت فى 11 نوفمبر 2003، بأنه مستعد لدفع ثروته كلها مقابل الإطاحة ببوش، وفى 28 سبتمبر 2004، تعهد بدفع مزيد من الأموال لمن يضمن له عدم انتخاب بوش لولاية ثانية، كما أنه يكره المرشح الجمهورى دونالد ترامب وجند كل أذرعه الإعلامية لمهاجمته, المضارب الدولي، الذى ربح مليار دولار عام 1992 من عملية مضاربة كبدت الاقتصاد البريطانى خسائر فادحة، يتحكم أيضا فى مظاهرات الشارع الأمريكى عبر تبرعاته لحركة «احتلوا وول ستريت»، وهى الحركة التى انتشرت فى كل أنحاء العالم، أو لحركة «حياة السود تهم» من أجل إعادة هيكلة الشرطة الأمريكية، وهو ما كشفت عنه التسريبات. سوروس دائما ما يحاول تصوير أنشطة مؤسسته «المجتمع المفتوح» على أنها جهود خيرية، إلا أن المؤسسة ترفع شعار «مجتمعات حية ومتسامحة تكون حكوماتها قابلة للمحاسبة ومفتوحة على مشاركة كل الناس». لكن وثيقة عن هذه المؤسسة تقول : «التشهير والفضح أصبح مشكلتنا، نحن نعمل على تحويل أموال لدول أخرى من أجل أغراض سياسية». جاء الاعتراف النادر من قبل المؤسسة الشهيرة فى شكل طلب تمويل داخلى من فرع المؤسسة الأوروبى من أجل تأسيس آلية لجمع معلومات عن النفوذ الروسى فى أوروبا، وهو الطلب الذى تمت الموافقة عليه فى 5 أبريل 2015, ويوضح طلب التمويل ما تعتبره مؤسسة سوروس «مشكلة روسيا» حيث ساقت عدة أسباب لمحاولات موسكو فرض نفوذها فى أوروبا، وأشارت إلى أن روسيا تدعم الأحزاب المتطرفة من اليسار واليمين فى فرنسا والنمسا وبلغاريا واليونان والمجر. وثيقة أخرى كشفت أن المؤسسة حاولت استغلال أزمة اللاجئين فى أوروبا حيث اعتبرت أن قضية المهاجرين تقدم فرصة للتحكم فى سياسات الهجرة على المستوى العالمي. وثيقة أخرى تكشف عن أن مؤسسة سوروس حاولت التضخيم من ظاهرة الإسلاموفوبيا عبر استغلال الهجمات الإرهابية التى يرتكبها إرهابيون من تنظيم داعش. وأظهرت الوثيقة أنه لابد من توقع انتكاسة ضد المسلمين وتراجع المدافعين عن الهجرة خصوصا بعد أحداث سان برناردينو بكاليفورنيا، وأن الهدف هو الحد من هجرة الأجانب من دولة إسلامية، وتشديد إجراءات منح تأشيرات السفر. سوروس، الذى تمكن من أن يصبح مليارديرا بعد أن عمل كبائع متجول وحمال وجرسون فى بريطانيا، هو الممول الرئيس لمنظمات المجتمع المدنى فى العالم، وذكرت الوثائق أن الهدف يتمثل فى استخدام ثروة ضخمة لنشر فوضى عالمية وذلك لتحقيق أجندته التى تؤمن بسياسات النيوليبرالية. المعروف أن سوروس لعب دورا كبير فى دول وسط وشرق أوروبا منذ عام 1979 بتمويل أحزاب المعارضة، وبسؤاله حول دوره الحاسم فى الثورات الوردية، رد سوروس بأن هذا الكلام «مبالغ فيه». الملياردير الأمريكى يقف أيضا لروسيا بالمرصاد، فهى «الحوت الأبيض» الذى لا يستطيع إخضاعه، بعد أن أغلقت كافة مؤسساته، إلا أن الوثائق تكشف عن دعمها القدرات القتالية للجيش الأوكراني. وأظهرت وثيقة «آفاق قصيرة وبعيدة المدى للإستراتيجية الشاملة لأوكرانيا الجديدة» عن أن صندوق سوروس قام بتنظيم استشارات قدمها عدد من الجنرالات والخبراء الغربيين للرئيس الأوكرانى بيترو بوروشينكو بشأن تعزيز قدرات البلاد القتالية من أجل الالتفاف على اتفاقات السلام فى مينسك، بالإضافة إلى محاولاته التدخل فى ألبانيا، حيث وجه سوروس تعليمات، خطوة بخطوة، لكلينتون إزاء كيفية التصدى للاحتجاجات الحاشدة على التلاعب بنتائج انتخابات 2009. وفى مصر، حاولت مؤسسة «المجتمع المفتوح» دفع أجندة سياسية عبر «مبادرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» فى 2010، ودعا سوروس وقتها إلى دعم الإخوان والتغيير السياسي، وما نتج عن ذلك من أحداث تالية. وبالتأكيد خلال إدارة أمريكية تترأسها هيلاري، فإن سوروس وأذرعه ستصبح أقوى، ليواصل الأخطبوط نظرياته وهندسته للفوضى فى العالم.