الأحكام الصادرة بعدم دستورية قانون العزل السياسي, وعدم دستورية انتخاب الثلث الفردي بمجلس الشعب والذي أدي إلي حل المجلس, كانت متوقعة من قبل جموع القانونيين والنخبة المدركة لحجم العوار القانوني الذي أدي بنا إلي هذا الموقف الصعب. وقد يعتقد حزبا الحرية والعدالة والنور السلفي اللذان يمثلان كتلة الأغلبية بالبرلمان, والشوري, أن هذه الأحكام ضدهما, ولكن علي العكس تماما فالقاعدة القانونية الفقهية البسيطة أن ما بني علي باطل فهو باطل كانت ستلاحق التشريع المشار إليه والمسمي بقانون العزل, أو قانون الانتخابات لمجلسي الشعب والشوري والذي تم إعدده علي عجل ليبدأ سباق الإنتخابات البرلمانية والرئاسية قبل سباق الدستور؟ والغريب أن حكم الأغلبية وتفصيلها للقوانين أربك المشهد السياسي بالنسبة لهم, فهم من باركوا المادة 28 في الإعلان الدستوري والخاصة باللجنة العليا للإنتخابات وأحكامها التي لا تقبل الطعن, وهم من إنقلبوا عليها طعنا عندما صدرت أحكامها علي غير هواهم. حكميا الدستورية العليا يؤكدان أن مصر دولة مؤسسات, وأن التيار الإسلامي الذي خرج إلي الحياة السياسية بعد طول حرمان من أبسط الحقوق, لفضاء فسيحة, عليه الإلتزام بالقانون إذا رغب في البقاء والمنافسة. إن رفض أحكام القضاء, أو رفض إختيار الصندوق, والعودة للعمل السري هو أخطر ما يمكن ممارسته. إن وجود الإخوان وبقائهم كقوة سياسية, وكلاعب قوي, يجب أن يظل قائما ولكن عبر إلتزامهم بالعمل من داخل النظام وليس من خارجه. لقد أكبرنا تصريحاتهم عقب الثورة بأنهم لن ينافسوا علي أغلبية برلمانية أو مقعد رئاسة, ونكوصهم عن هذه الوعود أفقدهم الكثير خاصة بالنسبة للقوة التصويتية الحقيقية المتمثلة في جموع الشعب المصري التي إستشعرت القلق والخوف علي المستقبل, وفي المقابل كانت التجربة التونسية, وإلتزام راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الإسلامي بوعوده بعدم المزاحمة علي السلطة, نقيض واضح. لقد كان لهذه الأحكام تأثير قوي علي الناحية الإقتصادية, فقد إرتفعت مؤشرات البورصة وحقق رأس المال السوقي إرتفاعا بعد فترة من الإنخفاضات, وأعلن صندوق النقد إلتزامه بتعهداته تجاه مصر عقب جولة الإعادة, كما بدأت الحكومة بدورها إتخاذ إجراءات مؤثرة لضبط الأسواق خاصة فيما يتعلق بتوفير المحروقات, وبدأ الأمن يعود لربوع البلاد. لا يهم السوق من سيفوز في الإنتخابات الرئاسية, ولكن ما يهم الإقتصاد هو الإستقرار, والعمل المؤسسي, وسيادة القانون. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري