ليس لدى ما أقوله لمن يحاولون نشر اليأس والإحباط والادعاء بأن مصر لن تستطيع النهوض من أزمتها الاقتصادية الراهنة سوى ورقة صغيرة أحتفظ بها منذ سنوات عن خواطر وانطباعات ما بعد الاغتيال المشئوم للرئيس السادات. كانت مصر فى أكتوبر 1981 قد أصبحت على حافة الإفلاس بسبب الحروب المتتالية التى دمرت كل شيء وأعقبها انفلات جامح تحت مظلة الفهم الخاطئ لسياسة الانفتاح الاقتصادي.. وكانت البنية الأساسية للمرافق والخدمات قد تهالكت ولم يعد يجدى معها أى جهد للترميم فالتليفونات لا تعمل والقطارات لاتنتظم والمصانع متوقفة بسبب ندرة العملات الصعبة وشبكات المجارى تطفح إلى الشوارع وتحولها إلى برك من المياه المتعفنة... كانت مصانع القطاع العام تعانى الخسائر بسبب الترهل الإدارى وتكدس العمالة ونقص الإنتاج وكان القطاع الخاص مازال هامشيا ومحدودا.. وكانت أعباء الديون الخارجية تتضاعف عاما بعد عام نتيجة العجز عن سداد أقساط الديون وفوائدها.. كان التضخم النقدى قد بلغ حدا مذهلا مع انخفاض سعر الجنيه المصرى واضطرت الدولة فى بعض الأحيان إلى استجداء تجار العملة لتوفير المطلوب لتمويل عمليات استيراد العديد من السلع التموينية الأساسية.. كان عجز الموازنة قد بلغ درجة مخيفة لم يعرفها اقتصاد مصر منذ كساد حقبة الثلاثينيات الذى دهم العالم كله.. كان الحصول على السلع التموينية من المجمعات الاستهلاكية مشهدا يبتعد عن الآدمية نتيجة بلطجة الدلالات وتجار السوق السوداء. باختصار شديد كان الوضع فى أكتوبر عام 1981 وضعا بالغ الصعوبة ولكن مصر كانت على قدر التحدى اعتمادا على روح حرب أكتوبر عام 1973 وتحمل الشعب بشجاعة عبء معالجة المشكلات من جذورها وأصم أذنيه عن أصوات الغربان التى كانت ترى أن الطريق شائك والإمكانات معدومة والمهمة شبه مستحيلة بمثل ما يقول بعض الغربان هذه الأيام الذين يتعامون عن رؤية ورش البناء والتشييد المنتشرة على طول البلاد وعرضها باتجاه قهر المستحيلات وتخطى العقبات وفتح نوافذ جديدة للأمل فى بناء مصر الجديدة! خير الكلام: من يجهل مكامن قوته يوفر لخصومه معرفة نقاط ضعفه! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله