ظاهرة غياب النواب كانت من أبرز الظواهر السلبية التى ظهرت خلال دور الانعقاد الأول لمجلس النواب ،وأحدثت حالة من الارتباك وتعطيل الموافقة على العديد من القوانين خاصة التى تتطلب موافقة ثلثى عدد أعضاء المجلس ، فضلا عن تأخير موعد انعقاد الجلسات التى من المفترض أن تبدأ فى الساعة الثانية عشرة ظهرا ولكن عدم اكتمال النصاب تسبب فى تأخر بدء الجلسات لساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات فى بعض الأحيان. والغريب فى الأمر أن هذا المشهد كان يتكرر فى كل موعد لانعقاد الجلسات ويضطر رئيس المجلس أو أحد الوكيلين لتأجيل الجلسة لمدة نصف ساعة حتى يكتمل النصاب البالغ 298 عضوا وهو نصف عدد أعضاء المجلس. وقد وجه الدكتور على عبد العال خلال الجلسات رسائل للنواب لحضور الجلسات منها أن الصحافة ووسائل الاعلام ينتقدون غياب النواب ، ودعاهم إلى تحمل مسئوليتهم الوطنية والثقة التى منحها الشعب لهم ولكن هذه المحاولات جميعها باءت بالفشل واستمر الوضع كما هو عليه حتى آخر جلسة من جلسات الدورة الأولي. كما هدد رئيس المجلس بتطبيق اللائحة على النواب المتغيبين، ولكن عندما تقرأ اللائحة الداخلية للمجلس لا تجد ما هو رادع لمواجهة هذه الظاهرة, فالمادة 364 تنص على أنه يجب على العضو الذى يتغيب اخطار رئيس المجلس كتابة بذلك ، ولا يجوز أن يتغيب لأكثر من ثلاثة أيام جلسات إلا إذا حصل على اجازة أو إذن من المجلس ، كما تنص المادة 366 على أنه إذا تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير اجازة أو إذن أو لم يحضر بعد مضى المدة المرخص له فيها اعتبر متغيبا دون إذن ويسقط حقه فى المكافأة عن مدة الغياب ، وهذا يوضح أن الأمر يتعلق فقط بخصم المكافأة فقط. وقد وصف الدكتور على عبد العال،فى احدى الجلسات غياب النواب بأنه «خيانة لإرادة الناخبين» ، وقال إنه ليس مقبولا أن تتعطل القوانين كل يوم بسبب غياب الأعضاء. والعجيب أيضا أنه عندما يكتمل نصاب بدء الجلسة يبدأ الكثير من النواب الواحد تلو الأخر فى الخروج من القاعة إلى البهو الفرعونى لتناول المأكولات والمشروبات غير مهتمين بالمسئولية الوطنية التى حملها لهم الشعب المصرى فى هذا المنعطف التاريخى الخطير الذى تمر به البلاد ، وهذا الأمر كان يجبر الدكتور على عبد العال خلال الثلاثة أشهر الأخيرة إلى دمج الجلسة الصباحية مع المسائية خوفا من هروب النواب وعدم امكانية استكمال النصاب القانونى اللازم لبدء الجلسة المسائية، والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هل يستمر مسلسل غياب النواب فى دور الانعقاد الثاني، أم سيتحملون المسئولية الوطنية وينتظمون فى الحضور ؟ وهذا سنعرفه خلال الأيام القادمة. وفى سياق متصل خالف مجلس النواب الدستور بإغفاله عددا من القوانين المكملة للدستور والتى نص الدستور على أن تصدر خلال دور الانعقاد الأول وهى القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية والأحزاب السياسية والسلطة القضائية والمتعلقة بالجهات والهيئات القضائية والمنظمة للحقوق والحريات الواردة فى الدستور، ومن هذه القوانين قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، وقانون ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، وقانون العدالة الانتقالية.