المسرح باشكاله المتعددة له دور مهم في انعكاس المشكلات الحياتية بصورة واضحة تكشف النقاب عن الواقع الاجتماعي وعلاقة المواطن بهذا الواقع.. ودائما ما يحدث نهضة للحركة المسرحية عقب التغيرات السياسية. والاجتماعية التي تأتي نتيجة الثورات, ولكن مع قيام الثورة المصرية وقف المسرح ساكنا بعيدا عن المشهد السياسي, لاسيما وان هناك بعض التجارب المسرحية التي تحمل الطابع الثوري ولكنها سرعان ما انتهت وظل المشهد المسرحي ساكنا لا يتحرك.. ومن هنا يطرح السؤال.. لماذا تخلف المسرح المصري عن المشهد السياسي ؟ وكيف يتفاعل مع ازمات مصر الحالية ؟ الناقد والسيناريست د.رفيق الصبان قال ان المسرح المصري كان اول المسارح العربية مواكبة للاحداث السياسية من خلال كتاب الدراما الكبار سواء كانوا مع نظام الحكم او ضده والامثلة كثيرة تمتد من عبد الرحمن الشرقاوي مرورا بسعد الدين وهبة ونعمان عاشور والفريد فرج وسواهم من كتاب الدراما الكبار, ولكن غياب هؤلاء المؤلفين وعدم تواجد كتاب في قامتهم جعل المسرح المصري يكبو كبوته, الي جانب انصراف كبار النجوم الذين وهبوا حياتهم لخشبة المسرح الي اضواء التليفزيون والسينما ولم يجد المسرح بديلا فظل فارغا.. فكيف نريد له ان يقف علي قدمية ؟ ويضيف الصبان قائلا هناك اقلام شابة بدأت ترصد الاحداث السياسية بعمق وشفافية وتحاول ان تعبر عن ارائها من خلال المسرح الذي سبق السينما في التعبير عن الثورة المصرية واحداثها والتغيرات التي طرأت علي المجتمع مؤخرا وعلي الجانب الاخرالفنانة القديرة سميحة ايوب ينتابها حالة من اليأس جراء ما يحدث في مصر من ازمات حيث قالت ان المسرح سوف يظل منتكسا طالما ان الاوضاع السياسية مضطربة ومشاهد القتل والعنف تتكرر بشكل يومي واصفة حال المسرح بانه يشبه حال البلد ولن يخرج من ازماته إلا في حالة استقرار الاوضاع في مصر.. ومن جانبها قالت الفنانة سهير المرشدي ان ما وصل اليه المسرح من تدهور وعدم قدرته علي المشاركة في المشهد السياسي انما يرجع لانعدام الوعي الذي نتج عن تجريف الثقافة طوال السنوات الماضية بجانب تدهور التعليم, واضافت ان علي المسرحيين ان يهتموا بالثقافة والتعليم وان يصبوا اهتمامهم علي المسرح المدرسي حتي يتشكل وعي الاجيال الجديدة سياسيا ليصبحوا قادرين علي المشاركة السياسية ويتمكنوا من اختيار رئيس للجمهورية. الناقد والكاتب المسرحي د.كمال يونس قال لابد من استيعاب نصوص كتاب المسرح المصريين والوقوف ضد ظاهرة البنا والمنوال لان معظم العروض التي تقدم هي لمؤلفين اجانب يتم عمل اعداد لها حتي تتاح لهم حرية الحركة والتخلص من ثقل المؤلف الفاهم الذي يمنعهم من العبث بمصر.. كما ان هناك وهما كبيرا تحت مسمي لجان النصوص فنجد معظم النصوص المسرحية التي تقدم علي مسارح الدولة تنتمي الي السبوبة نظرا لما يربطهم بالبيت الفني من مصالح تمتد لقديم الزمان وأسال نفسك ماذا قدم البيت الفني للمسرح بعد الثورة من عروض تقنعك كمتفرج ؟.. ويضيف كمال يونس ان الحركة النقدية تحتاج الي تطهير من الذين يروجون للاتجاهات المشبوهه والذين صبغوا المسرح بصبغة اعجمية مروجين لفكر شاذ مباركين اياه, ومعظم هذه الاتجاهات تسقط بعد ان تغير الزمن وانفضح امرهم. واشار المخرج الكبير احمد زكي الي ان المسرح الامريكي استخدم وصفا جديدا كمسرح متكامل لكل الصفات العامة والشرعية البعيدة عن كل سماته التجارية التي كان يتحلي بها في السنوات الاخيرة من القرن العشرين, انما علي صعيدنا المصري اختفت فرق المسرح الخاص من الميدان التي لم تكن تجد لها سوقا او نجاحا الا بانتشار المسرح العام والشرعي للمسرح المصري, والذي حدث في كلا القطاعين ان المسرح الامريكي لجأ الي مناهج سهلة ومبسطة لإحياء مسرحه المتجدد في حين فضل مسرحنا المصري العتيق الاستغراق في النوم بحيث لم يعد لمسرحنا الشرعي تلك المكانة التي تربع علي عرشها لفترة كبيرة. لقد ابتدعت ادارات المسارح الامريكية استمارات لعضوية ابناء المجتمع الامريكي وذويهم وعلي سبيل المثال عضوية رب الاسرة عضوية الاب الطالب عضوية الابناء الاخرين الي تنوع عدد من البطاقات للاقارب او الاصدقاء.. ويأتي هذا لتشجيع الاباء والابناء والاقارب الاعضاء الي التفكير فيما ينبغي ان يكون عليه المسرح وخاصة مسرح المستقبل وانتاجه الذي يتماشي مع اهدافه.. واعود الي السؤال المطروح لماذا ابتعد المسرح المصري عن المشهد السياسي الذي يمثل الشعاع الاساسي في حل مشاكل مصر الحالية وما اكثرها وهي واضحة وضوح العين لرائيها ولا تغيب عن ألبال الكبير والصغير واخيرا اقول ان الامر لا يتعلق فقط بمصر والمصريين ولكن المسرح في العالم تحل به نوبات ونوبات ثم يفوق منها ويكتشف حلولا تنتج من مصادر التجريب المسرحية او غيرها من تشكيلات المسرح الجديدة. واضاف زكي ان ما يعنيه هو ان المسرح لا يبتعد ولا يتخلف ولا يختفي لان الامر في النهاية لا يعدو ان يكون انطلاقا من نقطة نظام في البداية اذ ليست في الامر بدعة ان تخوض تجارب من تراث المسرح ايا كان موقعه حتي لو كانت البداية من محاولة تجارب للإخراج المسرحي... واقول واكرر: حرام ان تظلموا المسرح المصري.