إذا كنت لا تفرق بين الشهداء وتراهم كما رآهم رب العزة في محكم التنزيل: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون, فرحين بما آتاهم الله من فضله آل عمران. أن تعرف أن الشهداء لا ينتظرون تعويضات لأنهم عند ربهم يرزقون, ولا يريدون الانتقام لأنهم فرحين بما آتاهم الله من فضله. الفرق شاسع بين الانتقام والقصاص. فالشهادة غاية نبيلة وهدف عظيم يضحي من أجله الناس بأرواحهم حتي يتحقق ما استشهدوا من أجله. والتضحية هنا إنكار للذات, ومثل عظيم للأحياء, فلا يوجد شهيد واحد قرر أن يضحي بنفسه كي تصرف أسرته بعض الأموال الزائلة. الشهداء يذهبون إلي الشهادة من أجل العزة والكرامة والشرف, وهذا قرار نابع من إرادة حرة وعزيمة صلبة وإيمان لا يلين. تكريم الشهداء لا يأتي إلا بتحقيق أهدافهم, فأهداف شهداء حرب أكتوبر العظيمة هي تحرير الأرض, وقد تحررت أرضنا بالكامل,رغم أننا لم نقتل من الإسرائيليين عدد ما قتلوا من أبطالنا, ولو أردنا القصاص لكل شهيد ما توقفت حربنا مع الكيان الصهيوني لحظة واحدة. وتكريم شهداء الثورة يتحقق حين تتحقق أهدافهم وهي: العدل الذي لا يأتي إلا في ظل دولة قانون, لا انتقام فيها ولا قصاص إلا بالعدل, ثم إن الحرية لا تطبق, أو لا تسود وسط كراهية الناس لبعضها البعض, ولا يأتي العيش الكريم إلا في مجتمع مستقر. هذه بعض أهداف الشهداء وليس التعويض أو الثأر كما ترتفع الحناجر. فالمطالبة بالحرية والعدل أقل بمئات المراحل من المطالب الخاصة ب حقوق الشهداء. الأخطر أننا نفرق بين الشهداء, ويزايد بعضنا علي الذين لا عمل لهم سوي الاستعداد الدائم للشهادة. ليس في مصر مؤسسة ولا حزب ولا هيئة قدمت شهداء مثل المؤسسة العسكرية. ولا توجد جهة مستعدة دائما للشهادة في سبيل الوطن مثل المؤسسة العسكرية. ولم تتوقف هذه المؤسسة الوطنية العظيمة عن تقديم الشهداء علي الحدود وحتي في مطاردة تجار السموم عبر حدودنا. شهداء حروبنا مع إسرائيل لم يكرمهم أحد بما يليق بانجازهم العظيم, لأنهم ليسوا في حاجة إلي شيء من زائل الدنيا, فالشهداء يقدمون أرواحهم ليعيش الوطن وليس لكي يموت الناس من أجلهم, وليس لكي يقبض ذويهم الأموال, فكل أموال الدنيا لا تكفي الشهيد الذي يشفع في سبعين من أقاربه..( صحيح: الترمذي), لأنهم صبروا علي فراقه وعانوا في غيابه, فكان أجرهم عند الله. بما أننا نعرف أن الشهادة شرف تمناه الرسول صلي الله عليه وسلم, فلا يجوز تدنيسه بمطالب وبيانات حكومية وطلبات إحاطة وبرامج تليفزيونية ومشاهد تمثيلية في البرلمان, أو مظاهرات واعتصامات. وإذا كان الشهداء هم أكرم من فينا, فلا ينبغي أن نفرق بينهم إلا كما فرق ديننا الحنيف ووفقا لما قاله الرسول صلي الله عليه وسلم: من مات دون ماله فهو شهيد, ومن مات دون دمه فهو شهيد, ومن مات دون أرضه فهو شهيد.. ثم أكمل ومن من قتله بطنه فهو شهيد, من قتل في الغرق أو الهدم فهو شهيد, من قتل بداء السل فهو شهيد,.. المرأة الجمعاء تموت في نفاسها فهي شهيدة فلماذا يا سادة فرقتم بين شهداء معاركنا مع العدو الصهيوني, وبين شهداء الثورة؟