«وراء كل بطل رياضى من ذوى الإعاقة .. مدرب»، نعم، فالمدرب هو الجندى المجهول فى حياة الأبطال الذين يعتلون منصات التتويج، والمدرب هو الذى يصبر ويوجه ويشجع ويتعامل بمختلف الطرق مع أشخاص لهم طبيعة خاصة .. وفى قصة هذا الأسبوع استطاع مدرب كاراتيه آمن بموهبة فتاة مصابة بإعاقة ذهنية أن يجعلها تحصل على الحزام الأسود، و9 ميداليات مختلة. تقول والدة يارا جابر (14 عاماً)، قال لنا الطبيب بعد ولادتها فى عام 2002، إنها طفلة «داون» وتحتاج إلى رعاية ومعاملة خاصة، فبدأت فى رعايتها والاهتمام بها منذ هذا التاريخ، ولم أفرق فى معاملتها بينها وبين إخواتها الثلاثة الأكبر منها، وهى بدورها كانت طفلة طبيعية فى مختلف تعاملاتها المنزلية وتميل إلى الانطواء وقلة التحدث مع الأخرين، ولكن عندما وصلت إلى سن دخول الحصانة، ظهرت عليها بوادر عنف تجاه زملائها من الأطفال، ومنذ هذا الوقت وهى تعامل «كطفلة منبوذة» من أولياء الأمور في كل مكان يكون فيه اختلاط بالأطفال مثل المدرسة أو النادى. وتضيف: عندما وصلت يارا إلى عمر 6 سنوات قمت بإدخالها مدرسة التربية الفكرية بالعياط، وحصلت هذا العام على الشهادة الابتدائية منها، وسأقدم لها هذا العام فى مدارس الإعدادى المهنى حتى تكمل تعليمها، وهى تهوى الرسم والتلوين، وتتعامل مع مواقع البحث على شبكة الإنترنت بشكل جيد. وتكمل: فى عام 2011 عندما وصلت يارا إلى عمر 9 سنوات، قررنا اشراكها فى لعبة رياضية تخرج فيها طاقتها، فذهبت بها إلى مركز شباب العياط القريب من المنزل، ووجدت أن الألعاب الموجودة فى ذلك الوقت تناسب الشباب أكثر من الفتيات مثل كرة القدم والكاراتيه وغيرها، فلم أجد أمامى سوى اختيار الكاراتيه لانه يناسب الشباب والفتيات فى الوقت نفسه، وذهبت بها إلى المدرب، فوجدته متحمسا لها ووعدنى بأن يهتم بها ويؤهلها لأن تحصل على بطولات كثيرة، بالطبع أخذت هذا الكلام من باب المجاملة ولم اعره اى اهتمام، لدرجة أننى قلت له « هى لو تعلمت حركة أو حركتين يكون كويس»، وكان تدريبها مع الأطفال الأصحاء، وهى الوحيدة التى كانت ذات إعاقة، ولكن المدرب صدق فيما قال، واهتم بها اهتماما كبيرا، حتى حصلت على الحزام الأسود، ونالت العديد من البطولات. دور المدرب وهنا ننتقل من دور الأم إلى دور المدرب الكابتن فرج عبدالكريم، حيث قال: منذ 5 سنوات تقريباً، رأيت الفتاة يارا جابر للمرة الأولى فى مركز شباب العياط بمحافظة الجيزة بصحبة والدتها، التى طلبت منى تدريبها ضمن فريق الكاراتيه الخاص بالمركز، وكنت أشعر بداخلى أن تدريب فتاة مصابة بمتلازمة «داون» أمر صعب، ولكنى قبلت التحدى. وأضاف: بدأت مع يارا من الصفر، وحاولت جاهدا أن أجعل «تأخرها العقلى» سلاح بيدها ذخيرته الإصرار والوصول للنجاح، وهى بدورها ساعدتنى كثيرا لأنها تتمتع بذكاء «خارق» وكانت تستجيب بسرعة كبيرة،وفى البداية علمتها أساسيات اللعبة من خلال تدريبات منفردة، الخاصة بقبضة اليد والحركة، وكنت أقوم بتدريبها بطريقة منفردة ثلاثة أيام فى الأسبوع، وكان التدريب يستغرق فى حدود ساعتين، وبعد ثلاثة أشهر دخلت يارا أول اختبار واجتازته بتفوق، وحصلت على الحزام الأصفر، واستمر التدريب والتشجيع منى ومن أسرتها حتى حصلت على الحزام البرتقالى بعد 3 أشهر أخرى، ومن بعده الأخضر ثم الأزرق، إلى أن وصلت لمرحلة أهلتها لتحصل على الحزام البنى من الاتحاد المصري للكاراتيه التقليدي فى نوفمبر 2013، وكانت المفاجأة عندما حصلت على الحزام الأسود من الاتحاد الدولي للكاراتيه الموحد «جنرال» فى فبراير 2016. حصد البطولات ويوضح الكابتن فرج أن يارا تؤدى كل فنون الكاراتيه ما عدا «الكوميتيه» أو الاشتباك، وهى حققت المركز الثالث في البطولة العربية الدولية للكاراتيه بمشاركة 7 دول عربية (مصر - السودان - تونس - الجزائر - فلسطين - موريتانيا - عمان) التقليدي التى أقيمت فى مدينة السادس من أكتوبر فى 30 ابريل عام 2015 وهي ليست بطولة خاصة لذوي الإعاقة، إنما للأصحاء أيضا وقد أشاد عدد من أعضاء لجنة التحكيم والتنظيم مثل مستر «ريتشارد جورجينسن» رئيس الاتحاد الدولي، إبراهيم المرحومي» رئيس الاتحاد المصري والأفريقى فى ذلك الحين بمستوى يارا، حيث وصفوا المستوي التي وصلت إليه ب «معجزة تدريبية» للكابتن «فرج عبد الكريم»وقد وعدها مسئولون الاتحاد المصري بضمها للمنتخب حال بلوغها السن المناسبة للانضمام. وعلى المستوي المحلي حصلت على المركز الثالث مكرر في بطولة قطاع الجيزة في 29 من نوفمبر عام 2014، وفى بطولة القاهرة الكبرى حصلت على المركز الأول فى شهر ابريل الماضى، بالإضافة للعديد من الميداليات والشهادات طوال ال 5 سنوات الماضية.