فاز السير سوما تشاكرابارتي( وهو بريطاني الجنسية) في الانتخابات التي تمت يوم الجمعة الماضي بالرئاسة للدورة الحالية للبنك الأوروبي للتعمير والتنمية وهو بنك متخصص في التنمية داخل أوروبا ولكن في اجتماعه الأخير تقرر أن يمتد هذا التعاون إلي الدول خارج أوروبا وعلي رأسها دول شمال إفريقيا. وقد تم تخصيص مبلغ مليار يورو لمساندة عملية التحول في دول الربيع العربي. ولذا كان من المهم وأنا في رحلة عمل صحفية إلي بولندا اللقاء بالسيد جان بيليسكي عضو مجلس إدارة البنك وكان أحد المرشحين الأربعة لرئاسة البنك, حيث ان جولة في عقل وقلب الرجل يمكن ان تعطينا تصور لمستقبل التعاون مع البنك. كان من الطبيعي أن ينقسم الحوار إلي عدة محاور, الأول يتعلق بفرص التعاون والاستفادة من البنك الأوروبي للتعمير والتنمية والثاني مستقبل التعاون المصري البولندي اقتصاديا خاصة ان الرجل يشغل منصب رئيس المجلس الاقتصادي التابع لرئيس الوزراء والثالث الاستفادة من التجربة البولندية في التحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي, حيث يشغل أيضا منصب رئيس المعهد البولندي للسياسة الخارجية. دور بنك التعمير الأوروبي بداية كان للبنك الأوروبي للتعمير والتنمية دور كبير في التحول الاقتصادي للعديد من الدول الأوروبية مثل بولندا وجمهورية التشيك واتخذ القرار بالعمل في المناطق المهمة من العالم مثل شمال افريقيا واسيا ومن المنتظر أن يتم التعامل مع مصر قريبا, حيث سيسمح لمصر الاستفادة من نشاط البنك لأول مرة, ولكن البنك له شروط أساسية في التعامل مع أي بلد أولها وجود نظام ديمقراطي وان يسهم نشاط البنك في عملية التحول إلي اقتصاد السوق الحرة, ويركز البنك علي إقامة بنية أساسية لنظام مالي وتمويلي صحي ونشيط والاهتمام في المقام الأول بالانشطة الصغيرة والمتناهية الصغر, حيث إنها الوسيلة الأفضل لخلق وظائف جديدة في مصر وسيكون تركيز البنك علي إنشاء المؤسسات التي تهتم بإقراض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر, وبرغم مخاطر هذا النوع من التمويل إلا انه الأفضل, والاقتصاد المصري يحتاج إلي توفير هذه النوعية من القروض, وأضاف ان التمويل المطلوب لهذا التحول لايحتاج إلي مليارات من الدولارات, كما قد يتصور البعض ولكنه يحتاج إلي مئات من الملايين. التعاون مع مصر وبالنسبة للمحور الثاني والمتعلق بالتعاون الثنائي بين مصر وبولندا تحدث رئيس المجلس الاقتصادي التابع لرئيس الوزراء وقال ان هيئات ضمان المخاطر التجارية البولندية توفر الآن ضمانات للشركات التي ترغب في التعامل مع مصر وعند زيارته الأخيرة لمصر في نوفمبر الماضي انبهر علي حد قوله بالشباب المصري خاصة القادة منهم, حيث انهم متعلمون بدرجة عالية تفوق درجة التعلم التي كان يتمتع بها الشباب البولندي عند بداية مرحلة التغير والتحول في بولندا منذ22 عاما والمهم عدم فقد الرغبة أو الحماس في التغيير أو إفساده. وأضاف ان ما تحتاجه مصر الآن هو التعاون الفني وتبادل الخبرات مع جهات متعددة للتعلم منهم وهذا لايعني بالطبع تطبيق التجربة الخارجية بحذافيرها ولكن الاستفادة منها وحاليا في بولندا عندما نقوم بتجربة جديدة ننظر إلي أفضل تجربة عالمية في هذا المجال ونقارن مشروعنا بها للاستفادة القصوي منها. وأكد ان أهم مجالات التعاون بين مصر وبولندا تتركز في قطاع السياحة, حيث تعتبر بولندا حاليا رابع او خامس أكبر مصدر للسياح في مصر, كما أن هناك فرصا كثيرة للتعاون في مجال الصناعات الغذائية والسلع البيضاء( المنتجات المنزلية مثل الثلاجات والغسالات والأجهزة الأخري) وتعتبر بولندا الآن أكبر منتج في أوروبا لهذه السلع. الاستفادة من تجربة بولندا وحول المحور الثالث والمتعلق بالاستفادة من تجربة بولندا كان برنامج الخصخصة البولندي هو أهم موضوع, حيث أكد أن أهم بداية لبرنامج خصخصة ناجح هي خصخصة قطاع المال والتمويل وجذب خبرات أجنبية لهذا القطاع وحاليا70% من البنوك في بولندا أجنبية, لانه من المستحيل تنمية الأعمال دون وجود إطار هيكلي تمويلي مناسب واستطعنا الاستفادة من المعرفة المتوافرة للبنوك والشركات الأجنبية. وفيما يتعلق بالجانب السياسي أوضح أهمية تجنب الأخطاء التي وقعت فيها بولندا وأهمها تعدد الأحزاب بشكل كبير جدا وتفتتها وهو الأمر الذي يدعو إلي وضع حد أدني لعضوية المجالس النيابية للأحزاب ولتكن5% علي سبيل المثال وتشجيع التحالفات السياسية وان يكون الحد الأدني لتمثيلها بالمجالس النيابية7 أو8% ويجب الأخذ في الاعتبار ان أي تحول اقتصادي لابد أن يرتبط بالتحول السياسي. وفي نهاية الحوار, أكد ان هناك تماثلا وتشابها بين مصر وبولندا مهم جدا وهو أهمية الدين في البلدين فيوجد في بولندا أحزاب ذات مرجعية تنبع من القيم المسيحية مثلما توجد في مصر أحزاب ذات مرجعية تنبع من القيم الإسلامية ولكنه في نفس الوقت أكد تماما الأهمية القصوي في العيش بين الجميع في مجتمع مدني.