إن الإرهاب الذى يقاتله جيشنا المصرى فى سيناء منذ أربع سنوات وتقوده جماعة داعش وأخواتها، ليس هو فى تقديرى ز الإرهاب ز الأخطر، إنما الإرهاب الأخطر فى ظنى هو ذلك الذى فى أماكن ومواقف وسياسات أخرى لقوى وتيارات، تعمل بداخلنا، يقول ظاهرها أنها مع الدولة فى حربها ضد ز الإرهاب ز الذى فى سيناء ويقول فى باطنها أنها تؤدى إلى النتيجة نفسها التى تبتغيها داعش، استنزاف الوطن (جيشه وشرطته، إعلامه وقضاه، أزهره وكنيسته.. إلخ) فى معارك فرعية وتؤدى إلى الأهداف الداعشية نفسها ، هذه الفتوى توصف أحياناً ب(القوى المدنية) يعنى غير الدينية، وإذا أضفنا إليها قوى أخرى من اتجاهات دينية أبرزها الاتجاه السلفى لاتزال تمثل بفتاواها البيئة المفرخة والحاضنة لفتاوى داعش، .. ولنأخذ أمثلة :أولاً : كيف يتسنى لنا أن نفصل بين داعش التى تحرق المسلمين السنة وتفجر المسلمين الشيعة وتقتل المسيحيين كما فعلت مع المسيحيين المصريين منذ أكثر من عام مضى على شواطئ ليبيا وفصلت رءوسهم عن أجسادهم بعد أن كفرتهم، كيف نفصل كل ذلك عن تلك الفتاوى السلفية التى لاتزال قائمة ومنتشرة لدى العديد من التيارات السلفية فى بلادنا وفى دول الخليج، كيف نفصل موقفهم وفكرهم التكفيرى والسلبي تجاه (الأقباط المصريين) عن (فعل) داعش الدموى ؟! لنتأمل على سبيل المثال لا الحصر صحف ومواقع الدعوة والجبهة السلفية وحزب النور و(موقع أنا السلفى) وفتاوى ياسر برهامى وأبو إسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب، سعيد عبد العظيم، التى لاتزال تحرم السلام على المسيحى وتحرم بناء الكنائس وتكفر من يهنئهم بأعيادهم وضرورة فرض الجزية عليهم، وتحرم توليهم للمناصب العليا فى البلاد، وكفر من يتناول طعامهم، وغيرها من الفتاوى التى تمثل زاداً فكرياً وفقهياً لداعش وأخواتها، تبرر من خلاله حرق وقتل المسيحيين، وقبلهم الشيعة والسنة ممن ليسوا على مذهبهم التكفيري الذى أسسته مثل تلك الفتاوى والأفكار الضالة !!. إن مثل تلك الفتاوى، التى لم يعتذر هؤلاء الشيوخ عنها حتى لحظة كتابة هذه السطور ولاتزال موجودة على مواقعهم وفى مساجدهم وعلى منابرهم التى لايزالون يبثون فيها ترهاتهم الخارجة عن صحيح الدين والمسيئة للنبى صلي الله عليه وسلم وللقرآن العظيم.. ثانياً : ثمة فريق داعشى آخر بيننا وإذا أردنا الإشارة بوضوح إليه، فإن من يقفون مع الغرب وإسرائيل، أو يتبنون مواقفهم تجاه مصر أو يتمولون منها ويوجهون مراكزهم وصحافتهم لنقد المواقف والسياسات جميعها خاصة ما يتعلق هنا بدور الجيش المصرى فى بناء الوطن دون تفحص وتمعن؛ يؤدون بذلك الرسالة نفسها التى تؤديها داعش التى فى سيناء. إن صحيفة خاصة على سبيل المثال، وغيرها دأبت على تبنى مواقف قوى عربية مناوئة لمصر وجيشها واقتصادها، تحت دعوى (الموضوعية) و(الحياد) ورغم محاولاتها ادعاء الوطنية فى بعض المواقف،فإن المجرى الرئيسى لرسالتها هو رسالة داعش نفسها؛ المتمثلة فى ملف الإرباك والفوضى والقلق وبث روح الإحباط والكراهية لدى جموع الشعب تجاه جيشه ووطنه، إنها ذات الرسالة التى تتبناها داعش التى فى سيناء، أو تلك التى فى ليبيا وسوريا والعراق؛ فباسم الحرية تشيع الفوضى، وباسم السبق الصحفى تزرع الإحباط والتفكيك، وباسم زالديمقراطيةس تمارس الاستنزاف المادى والروحى للبلاد . هذا لا يعنى أن الأمور فى مصر (عال العال) فمن المؤكد، أن بلداً مثل مصر، به مشاكل متراكمة ذ لأكثر من 40 عاماً يحتاج إلى إستراتيجية إنقاذ وطنى تتضافر فيها القوى وتتحدد فيها المطالب دون توسع وسوء تخطيط يؤدى إلى إهدار الموارد، كل هذا صحيح ولكن أن يتم إحباط الناس، وخلق القلق بداخلهم باسم حرية الإعلام، فإن هذا هو الهدف الأكبر لداعش التى تقاتلها!! . ثالثاً : خلاصة ما نريد قوله هو أن أخطر من داعش التى فى سيناء أو فى بعض بلادنا العربية، هى داعش التى تعيش بيننا سواء كانت دينية سلفية متطرفة وتكفيرية، أو إعلامية وسياسية (أحياناً علمانية) تذهب بنا إلى ذات المسار نفسه والمصير نفسه، مسار الهدم للوطن ومصير تفككه ورهنه لإسرائيل والغرب، هذا يعنى ببساطة ووضوح أن أى مواجهة لداعش المسلحة والقاتلة للأبرياء (داعش الخشنة) بمعنى أدق لن تنجح، دون مواجهة ل (داعش) ذات الفتاوى والصحافة والسياسة (داعش الناعمة)، بل لا نبالغ فى القول أنها باتت اليوم (2016) فى مصر وغالب بلادنا العربية؛ إن الفتاوى التكفيرية للتيارات السلفية ضد المذاهب الأخرى وضد المسيحيين، وإن بعض صحف رجال الأعمال المطبعين مع الإسرائيليين والهائمين عشقاً بهم؛ وبعض الهيئات والسياسات (التى تساير الأجنبى) تمويلاً وتكفيراً؛ لهى البيئة الحاضنة لداعش التى فى سيناء، ولن تستقيم أو تنجح (للأسف) عملية المواجهة الدائرة اليوم، دونما الاستدارة والمواجهة بقوة المنطق والسياسات وليس الأمن وكتم الأصوات، مواجهة قوية لتلك الحاضنة الخطرة والدائمة لداعش التى بداخلنا، تلك مسئولية المثقف والمجتمع قبل ان تكون مسئولية الدولة. لمزيد من مقالات د. رفعت سيد أحمد