انتصف النهار، صلى لربه ركعات فريضة الظهر، ثم هوى بجسده المتعب، يتقلب ذات اليمين وذات الشمال، يتلمس بعض الراحة، عله يتمكن من مواصلة عمله فى خدمة «الرفاعي». . هى أعمال بسيطة لكنها أضحت ثقيلة على جسده الواهن، بعد أن اشتعل الرأس شيبا.. انفصل عن العالم حوله، لا يسمع ضوضاءه، فهؤلاء جاءوا للصلاة على عجل لينصرفوا إلى شئونهم.. بينما تطوف تلك المجموعات الزائرة أرجاء المسجد العريق، يقودها عدد من المرشدين السياحيين بأصواتهم الشارحة المتداخلة، فى حين تومض «فلاشات» الكاميرات عند التقاط الأجانب لبعض الصور التذكارية .. ابتعد واتخذ لنفسه مكانا قصيا، بجوار أحد أبواب المسجد الضخمة، ربما ليشعر بالحماية المعنوية، أو ليستمد من خشبه العتيق طاقة تنفذ إلى أعماقه فتملؤها، تتسلل معها نسمات من الهواء الرطب تعينه على الحر القائظ.. هى لحظات يستعيد فيها هدوءه النفسي، يتجاهل همومه ، يستجمع قواه، ولسان حاله يبتهل إلى المولى: « إنى ببابك قد بسطت يدى .. من لى ألوذ به.. إلاك يا سندى..من لى سواك .. ومن سواك .. يرى قلبى ويسمعه..هل يرحم العبد بعد الله من أحد .. مولاى إنى ببابك .. قد بسطت يدي..من لى ألوذ به .. إلاك يا سندى!»