«حزب الله منظمة إرهابية»، جملة قالتها واشنطن مطلع هذا العام، وتبعها مجلس التعاون الخليجي ،ثم وزراء الداخلية العرب، ثم جامعة الدول العربية، حيث أقر الكونجرس الأمريكي قانون تجفيف منابع تمويل حزب الله،وأصدرقائمة ب95 شخصا ومؤسسة مطلوب محاصرتها ماليا لدعمها حزب الله، وبمجرد إقرار القانون الأمريكي بادرمصرف لبنان وجمعية المصارف اللبنانية بتطبيق القانون الأمريكي ضد حزب الله، فهدد الحزب المصارف بسحب ودائع المقربين منه والتي تبلغ حوالي 52 مليار دولارحسب الخبراء الإقتصاديين، وإذا فعلها حزب الله سينهار النظام المالي اللبناني. وبالرغم من تصنيفه إرهابيا من الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ عام 1995،لم يتأثر حزب الله بالعقوبات التي كانت أمريكا وحلفاؤها يحاولون فرضها عليه،بل كان يزداد قوة وإنتشارا ،في البحرينوالعراق وشرق السعودية وسوريا واليمن، ومع تصنيفه إرهابيا من قبل مجلس التعاون الخليجي ثم وزراء الداخلية العرب ثم الجامعة العربية ،وبعد تأكد أمريكا من علاقة حزب الله ببعض شبكات تجارة المخدرات عالميا،لإستخدام عائدها في التسليح والإنتشار،أقر الكونجرس الأمريكي قانون تجفيف منابع تمويل حزب الله ،ليرد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بأن الحزب لايملك حسابات مصرفية وليس له أموال في البنوك. ولم يكن يدرك الحزب أن النيران التي يشعلها ستطوله يوما ما حتي أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميما للبنوك اللبنانية مطلع مايو الماضي يقضي بضرورة تطبيق العقوبات الأمريكية المفروضة على نحو 95مؤسسة وشخصية محسوبة على حزب الله، والتي تحظر على البنوك والمؤسسات المالية حول العالم تقديم أية خدمات أو تسهيلات مصرفية للمستهدفين. وفي منتصف يونيو الماضي وصل بيروت، نائب وزير الخزانة الأمريكي، في مهمة التأكد من التطبيق المصرفي للعقوبات المفروضة على شخصيات لبنانية محسوبة على حزب الله. جمعية المصارف اللبنانية وافقت علي قرار حاكم مصرف لبنان،وبدأت البنوك بالفعل في التنفيذ ،فأغلقت مصارف لبنانية عدة حسابات باسم نواب لحزب الله كما رفضت فتح حسابات لعدد من المقربين من الحزب. ولم يجد لبنان مهربا من الرضوخ لتطبيق القانون الأمريكي ضد حزب الله، لأن عدم القبول بهذا القانون يعرّض لبنان إلى عقوبات قاسية، ويزعزع أسس استقراره، النقدي والاقتصادي. وعندما بدأ التطبيق الفعلي للعقوبات ضد شخصيات وحسابات محسوبة علي حزب الله ،إنتفض نواب ووزراء الحزب ضد قرار حاكم مصرف لبنان وإتهموه بالرضوخ للضغوط الأمريكية ،مما يؤثر علي بيئة الحزب ومناصريه. وعقدت كتلة الوفاء للمقاومة الخاصة بحزب الله عدة لقاءات مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف في محاولة للإلتفاف على هذه العقوبات،وإعتبر النائب عن حزب الله علي فياض أنّ محاولة تطبيق القانون الأمريكي ضد الحزب ،ستترك تأثيرات سلبية على الاستقرار في لبنان، وتكون لها تداعياتها السلبية على الوضع الإجتماعي والإقتصادي. وبالرغم من هجوم حزب الله علي حاكم مصرف لبنان إلا أن رئيس الوزراء تمام سلام أيده فيما ذهب إليه ،لحماية الإقتصاد اللبناني ومدخرات اللبنانيين ،لأن عدم تطبيق القانون يعني انعزال النظام المصرفي اللبناني عن العالم. ودعا سلامة البنوك التي تنوي إغلاق حساب فرد أو منظمة على أساس هذا القانون إلي تقديم مبرر لهذا القرار وأن تنتظر ردا من هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، لأنها تتمتع باستقلالية وبصفة قضائية. وإذا كان حزب الله لا يعترض على القرارات المصرفية الدولية، فإنه يحذر من إستنسابية تعاطي بعض المصارف مع أبناء بيئته وجمهوره،خوفا من الوقوع في خطأ إعطاء المصارف صلاحيات مطلقة في مسألة فتح أو تجميد أو إقفال حسابات، مما يسمح بإتخاذ قرارات تعسفية. وكان الكونجرس الأمريكي قد أصدر لائحة تضم 95 اسماً لمسئولين سياسيين ورجال أعمال وشركات ومؤسسات تعتبرها واشنطن مرتبطة بحزب الله، وفي مقدمها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله ،والمسئول العسكري مصطفى بدر الدين الذي إغتيل في سوريا مايو الماضي وهوأحد الأربعة الذين تتهمهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورجال أعمال على صلة بالحزب، إضافة إلى مؤسسات الحزب الإعلامية: تلفزيون المنار، وإذاعة النور،بالإضافة إلي شخصيات وجمعيات ومؤسسات لها علاقة بحزب الله وهي: عبدالله محمد يوسف، أسعد أحمد بركات (البرازيل)، حاتم أحمد بركات وفايز محمد بركات (الباراجوي)، شركة بركات للتصدير والاستيراد (تشيلي)، علي زعيتر (الصين)، شركة إيرو سكيون كو ليميتد (هونج كونج)، مجموعة الإنماء للهندسة والمقاولات (لبنان)، شركة الإنماء للترفيه (لبنان)، شركة الإنماء لمشاريع السياحة (لبنان)، جمعية القرض الحسن (لبنان)، مؤسسة بيت المال (لبنان)، مؤسسة يُسر (لبنان)، سوبرماركت أميغو (لبنان)، شركة بيبلوس ترافل إيجنسي (لبنان)، شركة فاستلينك وجاليري بايج وجمعية جودويل تشاريتابيل الخيرية (الولاياتالمتحدة)، هيئة دعم المقاومة الإسلامية (لبنان)، مؤسسة جهاد البناء (لبنان)، مؤسسة الشهيد (لبنان)، سوبرماركت كيربا وهشام نمر خنافر (جامبيا)، كامل أمهز (لبنان)، شركة تاجكو (لبنان)، منتجع ووندر وورلد (نيجيريا)، قاسم عليق (لبنان)، علي عطوي (لبنان)، علي موسى دقدوق الموسوي (لبنان)، محمد جبور (العراق). من جانبه أصدرحزب الله تعميما للمنتسبين إليه يقضي بضرورة اغلاق حساباتهم المصرفية، خصوصا لمن لا يعتبر مضطرًّا على إبقاء حسابات له في المصارف، وبدا الأمر وكأنه تكليف شرعي من الحزب سيدفع بالعديد من المودعين الشيعة إلى سحب ودائعهم، خوفا من تجميدها واستنكارا للاجراءات التعسفية التي تتخذها بعض المصارف. وتشير المعلومات الإقتصادية حسب خبراء الإقتصاد إلي أن حجم الودائع الشيعية في المصارف اللبنانية يمثل حوالي 52 مليار دولار موزعة على كافة المصارف، فإذا شعرت البيئة الشيعية للحزب بأن أحد المصارف ينفذ الاجراءات بشكل تعسّفي ومبالغ فيه، ستلجأ لسحب ودائعها من هذا المصرف، مما يؤدي لتأثيرات سلبية علي المصرف والإقتصاد عموما. أما إذا سحب المودعون الشيعة ودائعهم ، وفتحوا بواسطتها حسابات خارج لبنان ،فهذا سيشكل كارثة اقتصادية وعجزا في ميزان المدفوعات، مما سيؤدي إلي الإنهيار المالي. أما المتعاونون مع الحزب في دول الخليج التي يعيش بها نصف مليون مغترب لبناني فقد بدأحصارهم ماليا بعد قيام مجلس التعاون الخليجي بتصنيف الحزب منظمة إرهابية ،وإضطر الكثيرون منهم إلي إغلاق حساباتهم علي مواقع التواصل الإجتماعي نظرا للرقابة الشديدة المفروضة عليهم في دول الخليج لمعرفة المتعاونين مع الحزب والمتعاطفين والداعمين له،مما يفقد الحزب مصدرا مهما من التحويلات النقدية. أما بقية اللبنانيين حول العالم ويبلغ تعدادهم حوالي 10ملايين لبناني منتشرين في كل أصقاع الأرض ويحولون سنويا للداخل اللبناني 8مليارات دولار حسب تقارير البنوك اللبنانية ،فإن حساباتهم وتحويلاتهم النقدية خاضعة للقانون الأمريكي الخاص بتجفيف منابع تمويل حزب الله ،وهو مايعني أن الحزب بات محاصرا ماليا في بيئته الحاضنة ،مما سيؤثر علي قدراته بلاشك في التسليح والإنفاق علي المنتسبين إليه وفي جبهات قتاله داخل لبنان وخارجه. رئيس لجنة الرقابة على المصارف اللبنانية سمير حمّود، يؤكد أن هناك التزاما كليا بالقانون الأمريكي، وهناك حرص كبير على الاستقرار الداخلي بما تسمح به القوانين اللبنانية،واعتقد أن مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة ساهما مع المصارف في تحمل المسئولية الكبيرة وسنتجاوز الأمر. فالقانون صدر باسم حزب الله، ونحن مصرّون على الالتزام به، ولكن لا يمكن أن نسمح باستخدام هذا القانون بطريقة تعسفية ضد أي فئة من اللبنانيين. ونحن لا دور لنا بأي لوائح أسماء وحسابات. وكل ما في الأمر أن مصارفنا تتخذ الحيطة والحذر لتحافظ عى علاقتها بالمصارف المراسلة. ومع تطبيق القانون الأمريكي الخاص بتجفيف منابع تمويل حزب الله ،يعيش لبنان ظروفا إقتصادية صعبة حيث فقد سوقه الإقتصادية في دول الخليج التي كانت تستورد ثلثي منتجات لبنان الزراعية والصناعية ،وكذلك قرار دول مجلس التعاون الخليجي بمنع مواطنيها من زيارة لبنان ،مما أفقد لبنان موسمها السياحي الصيفي الذي كان يعتمد أساسا علي السائح العربي، فهل يستطيع الحزب الصمود في وجه تسونامي العقوبات الإقتصادية الأمريكية المدعومة عربيا ولبنانيا ،أم سيقلب الطاولة علي الجميع ويأمر منتسبيه بسحب ودائعهم من البنوك اللبنانية لينهار الإقتصاد اللبناني الذي يعاني ردات فعل عنيفة بعد إنخفاض مستوي النمو إلي صفر حسب تصريح رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام؟