«الأهرام» تزورها بعد التطوير بمبادرة « تحيا مصر»

قرى «بنى سويف» تتجاوز مرحلة الخطر

لا يتوقف تطوير القرى غير الآمنة التى افتتحها منذ أيام قليلة بمحافظة بنى سويف اللواء محمد عشماوى المدير التنفيذى لصندوق تحيا مصر و ومحمود فؤاد نائب مدير عام جمعية الأورمان على الجانب العمرانى أو الحضارى فقط، لكنه يحمل أبعادا إنسانية وتنموية متعددة ،
فإعادة إعمار تلك القرى الأربع وهى النواميس بالواسطى، ومحمد موسى بناصر، وبنى سليمان وسنور ببنى سويف إنما. يساهم بشكل فعال فى تأمين أرواح الأهالى والتمتع بمسكن آمن يوفر لهم ولأسرهم حياة كريمة ، وفى جولة ل «الأهرام» داخل بعض القرى حاولنا رصد أحوالهم بعد تسلم مسكنهم فى شكله الجديد الذى وفره لهم مشروع «الأورمان» لإعادة إعمار القرى الفقيرة بالتعاون مع صندوق تحيا مصر ، لنجد أنفسنا أمام تفاصيل إنسانية تتسم تارة بالسعادة الغامرة والإحساس بالحياة الآدمية التى يشعر بها الأهالى الذين تم الانتهاء من تأهيل بيوتهم ، وتارة أخرى تتسم بالمعاناة و حث المسئولين بسرعة وإلحاح من الانتهاء من المرحلة الجديدة من التطوير وهو ما يطالب به سكان البيوت التى لم تمتد إليها بعد أيدى الخير والإعمار .
وما بين هذا وذاك، وبرغم المسافة الواسعة بينهما كانت هناك حقائق واضحة يؤكدها واقع الطرفين ، أى هؤلاء الذين أصبحوا يمتلكون الحياة الآدمية الآمنة، وهؤلاء الذين لا يمتلكونها بعد. ومن أهم هذه الحقائق هى أن ثمة نقلة حضارية إنسانية غير مسبوقة يحققها مشروع تطوير العشوائيات الآن فى مصر تبدد أحوال أهالى القرى والنجوع من الأسود إلى الأبيض ، وأن الإنسان المصرى البسيط الذى عاش لسنوات عاجزا حتى عن المطالبة بتوفير مسكن آمن مستقر لم يعد يرضى بعد اليوم فى ضوء ما يراه من تطوير المناطق العشوائية هنا وهناك إلا بحياة كريمة تليق به .خاصة بعد أن أصبح رئيس الجمهورية نفسه هو أول من يؤكد مشروعية هذا الحق ويتعجل التطوير ، لذلك لم أندهش كثيرا عندما بادرتنى إحدى السيدات المسنات بقرية سنور وهى تطالب بسرعة إصلاح سقف بيتها وتطويره مثل بيوت جيرانها قائلة « العدالة الاجتماعية بتقول كل البيوت تتصلح وكل الناس تعيش بشكل آدمى» ولم يكن غريبا أيضا أن ترى يوم الافتتاح الإثنين الماضى التفاف عدد من الأهالى حول المسئولين والإعلاميين ، يسردون مشاكلهم، ومطالبهم أملا فى الوصول إلى حلول يتحقق من خلالها حلمهم فى الحصول على مسكن آدمى ، بينما يطمئنهم فى الافتتاح مسئول الجمعية محمود فؤاد والمهندس شريف حبيب محافظ بنى سويف واللواء محمد عشماوى مؤكدين لهم أن « دورهم قادم فى المرحلة التالية» من المشروع !
ولهذه السيدة المسنة البسيطة ولهؤلاء الأهالى « كل الحق » فبيوت جيرانهم الذين شملتهم هذه المرحلة الجديدة من التطويرأصبحت منازل فى أبهى صورها تعلوها أسقف أسمنتية ونموذج لحياة كاملة، تتمتع بالمياه والكهرباء ،تعرف معانى جديدة مثل الاستقرار والسكن وصحبة الأبناء فى أمان ومصدر الرزق، حيث تستطيع المرأة العمل من داخل البيت، من خلال مشروعات متناهية الصغر وفرها أيضا مشروع تأهيل القرى لهم ، ففى إطارهذا المشروع الإنسانى الرائد الذى تتبناه جمعية الأورمان كما يقول محمود فؤاد نائب مدير الجمعية بالتعاون مع صندوق تحيا مصر تم إعمار 4 قرى فى محافظة بنى سويف بإجمالى عدد 160 بيتا متهالكا داخل كل قرية بإجمالى تكلفة 600000, 3جنيه ، كما شهد التطوير توزيع 26 رأس ماشية [جاموسة عشر ]على 26 أسرة بتكلفة 16000لرأس الماشية الواحدة وبتكلفة إجمالية 000 416 جنيه شاملة التأمين على الماشية والتغذية لمدة عام ،بالإضافة إلى توزيع قروض حسنة لعدد عشر أسر لتقوم بافتتاح مشروعات متناهية الصغر بتكلفة اجمالية 120 ألف جنيه وتوزيع دعم نقدى للمشاركة فى اتمام زواج 14 عروسة يتيمة حيث حصلت كل عروس على مبلغ 5 آلاف جنيه باجمالى تكلفة 0000 7 جنيه .
لذلك لم يكن غريبا أن تجد الفرحة طاغية على المستفيدين من المشروع ومنهم محمد تهامى الذى قال بعفوية شديدة «أعمل صياد اشتغل يوم بيوم، وليس لدى مصدر رزق ثابت ، ولم أكن أستطيع تغيير أى شىء فى بيتى برغم خطورته على أبنائى الذين لا ذنب لهم أن يعيشوا هذه العيشة ، حتى قامت الجمعية والصندوق بعمل أسقف للبيت ، ومحارة ودهانات وسيراميك للمطبخ وأقامت حماما للبيت ، و الآن أنظر إلى كل ركن فى البيت غير مصدق ما أراه وغير مصدق أنه بيتى.ومن جهة أخرى تعتبر السيدة ليلى حامد محمد أن التطوير الذى شهده بيتها سيجعل أفراد أسرتها «يعيشون» بعد ان كانوا مثل الموتى أو الذين ينتظرون المرض والموت فى أى لحظة، حيث الحشرات والمياه التى كانت تملأ البيت بسبب عدم وجود أسقف إلا من الجريد الذى لم يكن يمنع لا مطرا ولا حرا ولا الحشرات ، اما الآن «سيعيش أبنائى مثل من نراهم فى التليفزيون يذاكرون ويلعبون وينامون فى بيوتهم ، لا على التراب ووسط الحشرات».
وتقول أيضا « الفرحة كبيرة اوى» البيت لم يعد آمنا فقط ، لكن أيضا منظره حلو ، حتى الدهانات اختاروا لها ألوان تفتح النفس على الدنيا ، والآن استطيع لأول مرة فتح حنفيه فى البيت وتنزل ميه وسأحافظ عليه مثل عينى . وتقول الطالبة بالمرحلة الثانوية سهام ربيع سيد «الحياة بقت احلى و المشروع جميل فوق الوصف ،كان بيتى 4جدران ونعيش على التراب وسقف يهددنا لا يأمن حياتنا، والأن أصبح بيت يعطينا الأمل ويساعدنى على المذاكرة».
ويقول أحمد سيد إن توزيع رأس الماشية وفرت لنا مصدر رزق خاصة ان عدد كبير منا صيادين وعمال رزقهم باليومية ، بل تم توزيع رأس ماشية على المرأة المعيلة ، والأرامل اللاتى يتولين الانفاق على أسرهن .
ويقول مقاول المحارة بالمشروع الشاب مُفرح أحمد كانت البيوت لا ماء ولاكهرباء وبأسقف بوص وبدون عروق أو فى عشش ، أما الآن البيوت أصبحت ذات اسقف و تتميز بعروق ممتازة ومجلدة بالأبلاكاش ، بالإضافة إلى استخدام دهانات تتحمل ظروف الجبل والأملاح والحرارة ، ولابد من ملاحظة أن تلك المواصفات تنطبق على كل البيوت حتى التى تم بناؤها بالكامل من جديد وليس مجرد تطوير ، كما هو فى الحالات شديدة الخطر بالقرب من الجبل،وهى مناطق بخلاف الخطركانت حوالى كل 4أسر تعيش فى بيت واحد !ولذلك لا يقتصر هذا المشروع الهادف إلى تطوير البيوت الاكثر احتياجا على مجرد تطوير المنازل لكن هو وفر للأهالى منظر جماليا وحضاريا وإنسانيا لحياته كلها ،كما يوفر المشروع فرص عمل للشباب فيما لا يقل عن ألفي شاب فى كل عملية تطوير ، وتدوير لرأس المال بالقرى حيث يتم الاستعانة بالمواد الخام من القرى ، والاستفادة من الصناعات الموجودة بها
وفى تصريح خاص للأهرام قال اللواء محمد عشماوى إن افتتاح هذه القرى فى بنى سويف يمثل المرحلة الثانية من التعاون مع مؤسسة الأورمان فبعد الانتهاء من تسليم الصندوق 1600 ، منزل فى احتفالية كبيرة فى الفيوم ، نقوم الآن بتسليم 750 منزلا ببنى سويف وسوف تنتهى مراحل التعاون مع الأورمان والتى كنا قد رصدنا لها 100 مليون جنيه فى 31 ديسمبر 2016، وقد جاء اختيارنا لهذه الجمعية على وجه التحديد لعقد بروتوكول تعاون معها ورصد هذا المبلغ لإعادة تأهيل القرى لأنها جمعية متميزة للغاية فى مجال توفير حياة تليق بأبناء الوطن ، والصندوق لديه تعليمات من السيد رئيس الجمهورية أن أى مؤسسة عمل مدنى تثبت نجاحا فى مجال معين يقوم الصندوق بالتعاون معها من أجل مزيد من تقديم الخدمات للمجتمع .