جامعة سوهاج ضمن أفضل 8.4% عالميًا وفق تصنيف CWUR    «الرعاية الصحية» تُعلن خطتها للتأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى (تفاصيل)    وفد من الأزهر والأوقاف والكنائس يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد الأضحى    محافظ الجيزة يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    البورصة المصرية تغلق على ارتفاع جماعي.. والمؤشر الرئيسي يصعد 1%    وزيرة البيئة تستعرض جهود الوزارة في مواجهة التغيرات المناخية (تفاصيل)    عودة خدمات تطبيق انستا باي بعد توقف مؤقت نتيجة عطل فنى    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    اتفاق تعاون بين «مصر للمعلوماتية» و« لانكستر» البريطانية    مؤتمر صحفي مرتقب لمدبولي من العاصمة الإدارية    محافظ المنيا: جادون في استرداد الأراضي وتطبيق القانون بكل حسم    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : أوهام "ترامب"الروسية    دى لا فوينتى قبل قمة إسبانيا ضد فرنسا: لا نمل من الفوز ولدينا دوافع كبيرة    انفجارات في مستودع ذخيرة قرب حماة وسط سوريا    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    تفاصيل اجتماع أبوريدة مع طولان استعدادا لمشاركة منتخب مصر في كأس العرب    سيراميكا كليوباترا يفتح الخزائن لضم «الشحات وعبد القادر»    الزمالك يكشف حقيقة تعاقده مع عادل رمزي مدرب هولندا (خاص)    نجم الزمالك السابق: وسط الملعب كلمة السر في مواجهة بيراميدز    قرار عاجل من الزمالك بفسخ عقده لاعبه مقابل 20 ألف دولار    رئيس بعثة الحج : نجاح خطة تصعيد حجاج القرعة إلى عرفات    جثة الخلابيصي تثير الذعر في قنا.. والأمن يتحرك لحل اللغز    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    حنان مطاوع: يشرفني تقديم السيرة الذاتية ل سميحة أيوب    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    تأكيدا ل «المصري اليوم».. أيمن منصور بطل فيلم آخر رجل في العالم (البوستر الرسمي)    محمد رمضان يقترب من الانتهاء من تصوير «أسد»    يوم عرفة 2025... يوم الدعاء والرحمة    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    هل تُجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة؟.. «الأزهر للفتوى» يرد    رئيس هيئة الاعتماد يعلن نجاح 17 منشأة صحية فى الحصول على اعتماد "جهار"    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    خبير عالمى فى جراحة المخ والأعصاب للأطفال بالمركز الطبى العالمي    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    تايمز: ليفربول لم يتلق أي عروض ل لويس دياز.. ولا ينوي بيعه حاليا    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    إغلاق ميناء الغردقة البحري لسوء الأحوال الجوية    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما قابلت الرئيس عبد الناصر

شهر يونيو الحزين عام 1967، هذا الشهر، من ذلك العام، مرت فيه أحلك ذكريات حياتي، وحياة جموع المصريين. كنت لا أزال ضابطاً صغيراً، برتبة ملازم أول، وسنى لا تتجاوز العشرين عاماً، وحل هذا الشهر وأنا ضمن كتيبتي، فى مواقعنا فى الكونتلا، على خط الحدود مباشرة مع إسرائيل، الروح المعنوية فى السماء، لكل أفراد القوات المسلحة المصرية، وأنا منهم سندخل تل أبيب.
فجأة جاء الخامس من يونيو، والضربة الجوية الإسرائيلية، لتدمر مطاراتنا، وقواتنا الجوية تقريباً، لتصبح قواتنا فى سيناء دون غطاء جوي. وبدأ الهجوم الإسرائيلى على سيناء، وصدرت الأوامر لنا بالانسحاب بلا خطة. وكانت الفاجعة الكبرى. ممر متلا مغلق. عربات محروقة، ومدمرة على طول الممر، والطريق عبارة عن كتلة من النيران، تتصاعد منها ألسنة اللهب، والدخان. وهالنى منظر المدافع المضادة للطائرات، محترقة بفعل قنابل النابالم، وعليها طاقمها. كتلة واحدة. لقد التحم الجندى المصرى مع سلاحه،وآثر أن يحترق معه، على أن يتركه لينجو بنفسه، وهو يرى الطائرات الإسرائيلية تتوجه صوبه، وتهاجمه.
أصيبت سيارتى ونحن ننسحب جميعا نحو قناة السويس، ووصلنا بعد ثلاثة أيام، إلى ضفاف البر الغربى للقناة. يوم التاسع من يونيو. المنظر أكثر من بشع، فقدنا كل السلاح، والمتبقى لنا هو شراذم من جنود الكتيبة، وضباطها. وعلى الضفة الشرقية للقناة، نرى عربات الجيب الإسرائيلية، تتحرك على أرض سيناء، رافعة العلم الإسرائيلي. وجاءت الكارثة الكبرى عبد الناصر يتنحى.
لقد بكيت فى هذا اليوم، كما لم أبك فى حياتى قط. الجيش المصرى تحطم. وفقدنا سيناء. وعبد الناصر يتنحى.
بدأنا منذ ذلك اليوم، فى بناء الخط الدفاعى على ضفاف القناة، على مرأى من الإسرائيليين، وهم يبنون خط بارليف على الضفة الشرقية للقناة، والعلم الإسرائيلى مرفوع عليها واليهود من كل الدول الغربية مجتمعون على خط القناة، وفقاً لتعليمات جيشهم... فكنا نسمع منهم يومياً مئات الشتائم لجنودنا، لكننا ظللنا نعمل فى صمت، لبناء الدفاعات. وبدأت الاشتباكات بيننا على الخط، لا يفصلنا عنهم سوى 200 متر فقط، هى عرض القناة، وكانت التعليمات ألا نرد إلا بأوامر.
وبدأ أحد الاشتباكات، وبدأ العدو الإسرائيلى فى الضرب، ونحن ساكنون، فى انتظار ورود الأمر بالرد. فما كان من أحد جنودي، إلا أن سحب مدفع ب10، وأطلق النار على الدبابة الإسرائيلية، التى كانت تطلق نيرانها علينا من فوق الردم، فدمرها فى الحال. واستمر الاشتباك يومها لساعات، لأفاجأ بعدها بتقديم هذا الجندى للمحاكمة العسكرية، لأنه قام بالضرب دون أوامر. فانفعلت بشدة لذلك، وأخبرت قائد الكتيبةبعدم موافقتى على هذا القرار، فطلب منى أخذ اجازة، حتى تستريح أعصابي، عدت فيها إلى القاهرة،فى منزل شقيقتى وزوجها، فكرى كمال، الذى كان زميلاً لأشرف مروان، وكان مدعوا عندهم على الغداء فى ذلك اليوم، وحكيت لهم القصة، بإيجاز، مؤكداً أن الروح المعنوية، للجنود، ستنخفض.
انتهينا من الغداء، وانصرف بعدها أشرف مروان، وعاد مرة أخرى فى المساء، ودعانى للخروج معه، فاعتذرت لسوء حالتى النفسية، ولكن مع إصراره، اضطررت إلى النزول معه، من منزل شقيقتى فى منشية البكري، أمام منزل الرئيس عبدالناصر. فوجدته يعبر الطريق، ويمرق إلى منزل الرئيس، فسألته عن وجهتنا تحديداً، فرد على قائلاً «لقد حكيت قصتك اليوم للرئيس عبد الناصر، وطلب مقابلتك»، فدخلت معه، وأنا فى قمة ذهولى. وبعد دقائق قليلة، حضر الرئيس عبدالناصر، فحييته، وانصرف بعدها أشرف مروان. فقال لى الرئيس اتعالى اتعشى معايا... أنا هاكل جبنة بيضا وسلطة خضرا وعيش ناشف. وهضيف لك أنت بيض مقلي»، ثم قال لى «احكى الحكاية»، فسردت له ما حدث، فرد قائلاً هل تعلم أنه بتدمير تلك الدبابة، تم ضرب مدينة السويس لمدة ثلاث ساعات متواصلة؟ ولك أن تتخيل حجم الخسائر التى حدثت هناكب. ثم قام واتصل بوزير الحربية، ليستمع منه إلى المزيد من التفاصيل، وطلب منه أن تكون سلطة الرد فى الاشتباكات، لقائد اللواء الموجود بالفعل فى المنطقة. ثم استفسر منه عن أمر الجندى المصري، الذى دمر الدبابة الإسرائيلية، وطلب من وزير الحربية إلغاء المحاكمة العسكرية، مع إعادة التنبيه على القوات بعدم فتح النيران إلا بأوامر.
وعاد بعدها ليجلس معى دقائق أخرى، حدثنى فيها عن أهمية المرحلة التى نمر بها، من حيث إعادة بناء الجيش والدفاعات، مؤكداً أنه باستكمالها، ستكون سلطة الاشتباك، حينئذ، للضباط الموجودين على خط النار. وبالفعل، وبعد مرور عام واحد، تم استعواض الأسلحة، واستكمال الدفاعات، وأصبحت سلطة الاشتباك للقائد المباشر، كما وعد الرئيس.
وأكد على الرئيس عبدالناصر، بعدم ذكر لقائى معه لأى شخص، وألا أذكر تفاصيل ما دار بيننا فيه، ولا حتى لأشرف مروان. ثم نظر إلى طعامي، فوجدنى لم أمسه، فقلت له ان فرحتى بإلغاء المحاكمة العسكرية للجندى التابع لي، تكفينى لهذه الليلة. وانتهى اللقاء. واليوم، وفى ذكرى ثورة يوليو، وجدت نفسى استدعى تفاصيل هذا اللقاء، ولا أجد حرجاً فى مشاركتكم إياها، بعدما احتفظت بها لأكثر من خمسين عاماً.
لمزيد من مقالات لواء أ. ح. د. م. سمير فرج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.