شدد الرئيس عبد الفتاح السيسى على ضرورة تكاتف الدول العربية جميعا من أجل الحفاظ ليس فقط على مصالحها بل على تماسك ووحدة المجتمعات والشعوب العربية وعلى حق أبنائها فى التطلع للحاق بركب الحضارة الانسانية والنهل من فوائد تطورها خلال العقود الأخيرة منبها الى أهمية بلورة رؤية واضحة لمعالجة مختلف التحديات ووضع مبادئ متوافق عليها لإدارة ما تشهده المنطقة من تحولات. جاء ذلك فى الكلمة التى وجهها الرئيس السيسى الى قمة نواكشوط وألقاها نيابة عنه المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء فى الجلسة الافتتاحية للقمة التى انطلقت أمس وسط مشاركة محدودة من القادة العرب وكان أبرز المشاركين فيها من القادة كل من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثانى والرئيس السودانى عمر البشير والرئيس الجيبوتى اسماعيل عمر جيله والرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى ورئيس جزر القمر ازالى اسومانى والرئيس التشادى بوصفه رئيسا للاتحاد الافريقى والشيخ حمد بن محمد الشرقى نائبا عن الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الامارات العربية المتحدة والشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء البحرينى ممثلا لملك البحرين واسعد بن طارق آل سعيد ممثلا لسلطان عمان ، رئيس مجلس الأمة الجزائرى عبدالقادر بن صالح ، ورئيس الوزراء الأردنى هانى الملقى ورئيس الوزراء اللبنانى تمام سلام ورئيس الحكومة الليبية فايز السراج ووزير الخارجية المغربى صلاح الدين مزوار ووزير خارجية الصومال عبد السلام هدلية ووزير خارجية العراق ابراهيم الجعفرى ووزير الخارجية السعودى عادل الجبير ووزير خارجية فلسطين رياض المالكى ، ووزير الشئون الخارجية التونسى خميس الجهيناوى، أما مقعد سوريا فهو «شاغر» . ونقل شريف فى مستهل كلمته تحيات الرئيس السيسى للقادة ورؤساء الوفود المشاركين فى القمة موضحا أنه كان يتطلع الى ا لمشاركة فى فعالياتها كما نقل تحيات مودة أبناء الشعب المصرى الذى وصفه بالشعب الأبى والذى طالما شكل فخره بانتمائه الى أمته العربية أحد أهم مكونات هويته الوطنية والثقافية وقال إن الشعب المصرى بذل على مدى تاريخه كل غال ونفيس من أجل تحقيق استقلال أمته العربية وصون كرامتها والحفاظ على حقوقها ومقدرات شعوبها وحذر الرئيس السيسى من تفشى آفة التدخلات الخارجية التى أدت الى إعمال الفرقة وإذكاء النعرات الطائفية والقبلية للقضاء على أى تصور للهوية الوطنية تقود المجتمعات العربية الى مستقبل يقوم على المواطنة واللحمة بين أبناء الوطن مشددا على ضرورة العمل الجماعى العربى ودرء سرطان التطرف والإرهاب وقوى الظلام التى تهدد بتقويض مؤسسات الدولة الوطنية ودعا السيسى الى ضرورة الاستفادة من دروس التاريخ القريب والوقوف بصفة خاصة أمام ثلاث مسارات أولها التحديات السياسية والاقتصادية التى واجهتها بعض الدول منذ نيل استقلالها وثانيها التدخلات الخارجية فى الشئون الداخلية لدول المنطقة والتى رأى أنها تهدد بتقويض البناء العربى وثالثها تغول التطرف والأديولوجيات التى تحض على التفرقة والعنف باسم الدين الاسلامى الحنيف والذى لايحتمل أى لبس فى نشر قيم التسامح بين الشعوب والتعاون بين البشر على البر والتقوى وشدد الرئيس السيسى على أهمية إجراء وقفة صريحة وصادقة مع النفس من أجل تحقيق نهضة كبرى تعيد الأمة الى مجدها التليد وتستعيد مكانتها التاريخية اللائقة كمنارة للعلم والثقافة والتسامح مبديا فى هذا الصدد قلقه من المشهد المضطرب فى كل من سوريا التى يتمزق شعبها الشقيق بعد تعرضه لدفعات متتابعة من اللاجئين أو المقهورين الذين يعيشون تحت نير جماعات الظلام الإرهابية أو المحاصرين بين نيران أطراف صراع محتدم بينما تقف السياسة عاجزة عن وضع مسار لحل الأزمة كما انتقد استمرار المعاناة الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال الغاشم وسندان الانقسام الداخلى المقيت . ونبه الرئيس السيسى الى أنه فى تراكمات الماضى الثقيلة والصعبة ومعطيات الواقع الراهن المعقدة والمتشعبة والمتداخلة فإنه لاغنى عن التوافق على أطر ومبادئ لإعادة الاستقرار وإخماد الصراعات والاضطرابات وتهيئة الأجواء لعملية واسعة طموحة لرأب الصدع وترميم بناء البيت العربى من الداخل وبما يمهد الطريق أمام ميلاد ثان لمشروع التضامن العربى والذى ظل المنطق الذى يحكم ميلاده الأول ساريا حتى يومنا هذا والذى يقوم على قوتنا فى وحدتنا ولحمتنا ولايكون ذلك الا بالاستناد الى هوية مشتركة ومصالح متوافقة وتطلعات شعوبنا لتبوء مكانها اللائق بين الأمم. وعبر السيسى عن أمله فى أن تدرك القوى الدولية أن تدخلاتها غير الواعية فى شئون المنطقة العربية لخدمة مصالحها هى مغامرة زعزعت الاستقرار الإقليمى وعادت بالضرر البالغ على الاستقرار الدولى بل الأمن القومى لتلك القوى الدولية ذاتها. ووجه الرئيس السيسى رسالة الى القوى الإقليمية والدولية التى تراقب المشهد الاستراتيجى الحالى فى المنطقة عن كثب وتتدخل فيه مدفوعة بمصالحها واهتماماتها شدد فيها على أن تهيئة الأجواء المواتية للإنخراط فى حوار جاد وفى عملية تشاورية وتوافقية تستهدف إعادة الاستقرار الى ربوع المنطقة والحفاظ على مؤسسات دولها من خطر التفكك ودعمها فى مساعيها للتقدم الاقتصادى والاجتماعى مؤكدا أن العالم أصبح فى أمس الحاجة الى شرق أوسط جديد ومستقر خال من الصراعات متجه نحو تحقيق طفرةتنموية تمكن شعوبه من استحضار محزونها الحضارى الوفير وتطوير أسهامات جديدة وعظيمة فى مسيرة الحضارة الانسانية، وقد سلم المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء بعد إلقاء كلمة الرئيس السيسى الذى ترأس القمة العربية السادسة والعشرين التى عقدت فى شرم الشيخ فى مارس من العام الماضى رئاسة القمة السابعة والعشرين الى الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز والذ ى ألقى كلمة فى الجلسة الافتتاحية .ووجه فيها الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسى على جهوده الطيبة التى بذلها طيلة الرئاسة المصرية للدورة السابقة والتى كان لها الأثر الكبير للدفع قدما للعمل العربى المشترك. وقال الرئيس الموريتانى « إننا نواجه اليوم تحديات كبيرة على رأسها إيجاد حل دائم لقضية العرب المركزية وهى القضية الفلسطينية، والتصدى لظاهرة الإرهاب لإخماد بؤر التوتر والنزاعات التى تلقيها التدخلات الأجنبية فى الشئون الداخلية للدول العربية.وأشار إلى أن استئناف المفاوضات بين الفلسطينين والإسرائيليين بضمانات دولية ملزمة وتجميد الاستيطان وإيقاف مسلسل العنف ضد الفلسطينيين ورفع الحصار الإسرائيلى الظالم عنهم تشكل شروطا ضرورية للتوصل إلى حل نهائى للصراع فى منطقة الشرق الأوسط. وأكد أن الأوضاع المضطربة التى تعيشها المنطقة العربية أدت لاعتقاد البعض أن القضية الفلسطينية تراجعت فى أولويات العرب بفعل الأزمات المتجددة، وهو ما شجع الحكومة الإسرائيلية على التمادى فى سياسة الاستيطان . ومن ناحية أخرى، توقف المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء فى العاصمة الجزائرية خلال رحلته الى العاصمة الموريتانية تواكشوط للمشاركة بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اجتماعات القمة العربية 27 حيث أُجريت له مراسم الاستقبال الرسمية وكان فى شرف استقباله عبد المالك سلال رئيس الوزراء الجزائرى وعدد من المسئولين الجزائريين. وذكر السفير حسام القاويش المتحدث الرسمى لرئاسة مجلس الوزراء بأن المهندس شريف اسماعيل تناول خلال لقائه مع نظيره الجزائرى وجهات النظر فى عدد من القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما تم استعراض تطورات الاوضاع فى المنطقة العربية، وسبل تعزيز التعاون المصرى الجزائرى فى مختلف المجالات. وأضاف القاويش أنه عقب وصول رئيس الوزراء الى العاصمة الموريتانية نواكشوط كان فى استقباله يحيى ولد حدمين رئيس الوزراء الموريتانى على رأس وفد حكومى رفيع المستوى، وحضر الاستقبال السفير المصرى بموريتانيا وسفير موريتانيا بالقاهرة.