أمانة الدفاع والأمن القومي ب"الجبهة الوطنية" تبحث سبل دعم مرشحي الحزب خلال الانتخابات البرلمانية    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    مرشحان في اليوم الخامس.. ارتفاع عدد المتقدمين لمجلس الشيوخ بسوهاج إلى 24 مرشحا    البابا تواضروس يلتقى وكيل «إكليريكية الإسكندرية» وراعى الكنيسة المرقسية (صورة)    وزير الطيران يشارك فى ندوة بعنوان "Airport Day" بدعوة من السفارة الأمريكية    محافظ سوهاج: تنفيذ 24 ألف و778 مشروعا للشباب بقيمة 4.7 مليار جنيه    مجلس الوزراء يوافق على 8 قرارات خلال اجتماعه الأسبوعى.. تعرف عليهم    شاهد.. بيان مهم من المصرية للاتصالات بعد حريق سنترال رمسيس وعودة الإنترنت والاتصالات    8 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    فتح باب التقديم مجددًا للمستبعدين من إعلان «سكن لكل المصريين 5»    وزير خارجية إسرائيل: مستعدون للتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار فى غزة    المصرى للشؤون الخارجية: زيارة لى تشيانج لمصر تمهد الطريق نحو آفاق جديدة للتعاون    روسيا: نتوقع استمرار الحوار مع واشنطن رغم تصريحات ترامب الأخيرة    مصدر بالزمالك: 14 يوليو موعدًا لجلسة الاستماع في الشكوى ضد زيزو    «نيران الخلاف يتزايد».. الشروط التعجيزية تضع الأهلي فى مرمى غضب «أبو علي»    اتحاد الكرة يحدد 14 يوليو موعدًا لجلسة استماع الزمالك في شكوى زيزو    وزير الرياضة يشارك في تدشين "عمّان عاصمة الشباب العربي 2025"    رياضة كفر الشيخ توجه الدعوة لانعقاد الجمعيات العمومية ب 22 نادى رياضى    الصفقة المستحيلة تقترب من ريال مدريد    القسم العلمى بالثانوية الأزهرية يختتم الامتحانات بأداء مادة التفسير    رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 بالاسم ورقم الجلوس    7 سبتمبر .. الحكم على المتهم بقتل زوجته فى المقطم    السيطرة على حريق نشب فى سيارة نقل ثقيل على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى ببنها    وفاة طالب إثر إصابته بلدغة ثعبان في قنا    وزارة الثقافة تعلن تفعيل خدمة الحجز الإلكترونى بالمسرح القومى    عيسى السقار نجم حفل "هنا الأردن.. ومجده مستمر" فى مهرجان جرش    سر لقاء أحمد السقا وزيزو بالإمارات بالتزامن مع فيلم أحمد وأحمد فى دبى    كلية الفنون الجميلة تُناقش مشروعات تخرج طلاب دفعة 2025 بحضور نخبة من كبار الفنانين والأكاديميين    توقيع مذكرة تفاهم بين مكتبة الإسكندرية والمتحف الوطني لنظم تاريخ الكتابة بكوريا الجنوبية    حدد أولوياتك وحافظ على طاقتك.. اعرف حظ برج الميزان في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    تارا عماد: تأثرت بخبرة والدتي الصحفية في تقديم شخصية "سارة"    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    هل يبطل وضوء الطبيب إذا مس عورة المريض أثناء الكشف.. الافتاء تجيب    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور من الضرورات الدينية والإنسانية    دراسة: حليب الإبل يعمل كمضاد لالتهاب الرئة ويثبط الربو التحسسى    صحة الوادي الجديد: جميع شبكات الاتصال تعمل بكفاءة عالية    إجراء 12 عملية قلب خلال أول يومين عمل بمستشفى طنطا الجديدة    الصحة العالمية: تطعيم فيروس الورم الحليمى البشرى يحمى من سرطان عنق الرحم..فيديو    رئيس مجلس الدولة يستقبل وفدًا قضائيًا عمانيًا للاطلاع على جهود التحول الرقمي في المنظومة القضائية    انطلاق منافسات تتابع الناشئين والناشئات ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    المشدد 6 سنوات لعامل لاتجاره في المواد المخدرة بالقناطر الخيرية    مجلس الوزراء يقف دقيقة حداداً على أرواح شهداء الدائري الإقليمي وسنترال رمسيس    جيش الاحتلال يعلن تنفيذ عملية برية جنوب لبنان بذريعة تدمير بنية تحتية لحزب الله    الخميس.. فتح باب الطعون على أسماء المرشحين في انتخابات نقابة الأطباء    "تاس": القوات الروسية تستولي على بلدة "تولستوي" شرقي أوكرانيا    وزير الخارجية الروسي يزور كوريا الشمالية هذا الأسبوع    سقوط عنصر جنائي بتهمة النصب والتزوير بالطالبية    مرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تخطط لاحتجاز سكان غزة قسرا في معسكر اعتقال فوق أنقاض رفح    عودة خدمات فوري إلى كفاءتها التشغيلية بعد حريق سنترال رمسيس    لاول مرة مساعد رقمى يتنبأ بالخطر بالمحطات النووية قبل وقوعه ب30 دقيقة    "قلبي ارتاح"، لطيفة تعلن موعد طرح أغاني ألبومها الجديد    ارتفاع في الطماطم.. أسعار الخضار اليوم الأربعاء في أسواق مرسى مطروح    وزير الصحة يبحث مع المدير الإقليمي للصحة العالمية التعاون في ملفات المبادرات والتحول الرقمي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    القبض على مستشار سابق قتل طليقته رميًا بالرصاص لزواجها عرفيًا بأكتوبر    عاجل.. الزمالك يستهدف ضم نجم جديد من بيراميدز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا ولعبة الأمم
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 07 - 2016

اندفعت أحداث الشرق فى السنوات والشهور الماضية لتصل إلى ذروتها الأسبوع الماضى فى تركيا. ووسط أحداث خطيرة فى دولة عضو بحلف شمال الأطلنطى وبها قاعدة عسكرية تحوى أسلحة نووية تكتيكية، تذكرت فيلماً أمريكياً وهو فيلم «كوكب القرود». ففى الفيلم العجيب تنقلب الحقائق، وتدعى القرود العلم والحكمة ويعيش البشر فى أقفاص. وفى أيامنا هذه، ووسط جرائم تاريخية ضد شعوب الشرق، تنقلب الحقائق عند البعض فتتحول تركيا إلى تجربة ديمقراطية فريدة، وإذاعة الجزيرة إلى صوت العاصفة، ويتحول أثرياء البترودولار إلى مدافعين عن الحريات، ويتحول رجب إردوغان راعى المذبحة السورية إلى رمز ديمقراطى يتراوح بين سارتر وجيفارا. تلك المواقف والمشاهد العبثية لا تخفى حقيقة تركيا ولا دورها السياسى الحقيقى فى الشرق الأوسط، وإن ارتدت العباءة والعمامة بعد عقود من أتاتوركية تأصلت فى كل مكونات الدولة التركية وذراتها، فلقد تركت تركيا كبلد ضائع هجين تبحث عن هويتها وحرمت الأتراك حتى من القدرة على قراءة تاريخهم عندما ألغيت حروف الكتابة العربية. تركيا دولة مركزية فى حلف الأطلنطى وكانت دائما جزءا من مسلسل بناء الأحلاف العسكرية فى الشرق وحصار الدول العربية. فهى الدولة التى تفجرت فيها أزمة الصواريخ الكوبية عندما وضعت الولايات المتحدة صواريخها الموجهة ضد الاتحاد السوفيتى فرد السوفيت بوضع صواريخهم فى كوبا. وهى كذلك الدولة التى كانت القوات الإسرائيلية تدير مناوراتها العسكرية السنوية على أراضيها مع الجيش التركى بحجة ضيق مجالها الجوى على أراضيها. وهى كذلك الدولة التى تندفع إليها الاستثمارات الخليجية والسعودية ويسمح لسكانها بتكوين (سرسوب) الهجرة الدائم لدول وسط أوروبا لتعويضها عن نقص السكان فى تفاهمات عميقة لا تحدث إلا بين الحلفاء. تركيا القابعة على ممرات دولية مهمة كالدردنيل والبوسفور هى شريك مطيع فى السياسات الغربية، لا يملك إلا الطاعة العمياء لقرارات تأتى من خارج بلاده. فقاعدة (إنجرليك) العسكرية المطلة على البحر المتوسط قاعدة مهمة لحلف الأطلنطى يوجد بها آلاف الجنود الأمريكيين، وتوجد بها أكبر إمكانات تنصت أمريكية على دول الشرق الأوسط وروسيا، وبالطبع تركيا ذاتها. قاعدة (إنجرليك) كانت وظلت وستظل محورا أساسيا فى أى صراع فى الشرق الأوسط من غزو بغداد إلى قصف طرابلس للغارات على أفغانستان. تركيا ارتدت العباءة الإسلامية دوما بمباركة من شركائها فهى الوجه الإسلامى للاستعمار الجديد . صارت أنقرة عاصمة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، وصارت الدولة التركية قائد الاوركسترا لفيلق المرتزقة الإسلاميين يتحرك من الصين لطرابلس.
صارت التجارة بالإسلام السياسى مع عواصم الغرب والعالم ورقة قوة للمرشد العام إردوغان فى اسطنبول. تركيا تلقت عبر عقود منحا مالية واقتصادية مهولة جزاءا كريما لولائها المطلق. تركيا إذن هى حليف مخلص للسياسة الغربية فى الشرق، وازدادت أهميتها منذ غزو العراق ومع مصادمات إسرائيل مع حزب الله وصعود القطب الإيراني. الأزمة التركية الأخيرة اقتربت من قطاعات عسكرية تركية فائقة الأهمية وهى مثار اهتمام كل المنظومة العسكرية الغربية، فاعتقل القائد التركى لقاعدة انجرليك (بكير أركان) حيث إن الطائرات المشاركة فى الانقلاب قد تم تمويلها بالوقود بمساعدة من تلك القاعدة. سمحت السلطات التركية للطيران الأمريكى باستخدام القاعدة بعد أن كانت قد قطعت عنها الكهرباء ثم دخلت الشرطة التركية قاعدة انجرليك لتفتيشها بعد 48 ساعة من بدء الانقلاب. فترى ما هو الأمر ولماذا تتطاير الآن التصريحات والاتهامات المتبادلة بين إردوغان وبين الولايات المتحدة؟ يتنازع الإدارة الأمريكية نهجان لتحقيق ذات الأهداف فى شرق المتوسط. أهداف أهمها حصار روسيا وتقليص دورها كقوى عظمى إلى جانب إعداد الشرق لترتيبات تضمن أمان الدولة العبرية وخريطة لها تضم الجولان. هذه الترتيبات تضم الإعداد لنشوء دولة كردية فى شمال سوريا والعراق. تلك الدولة الكردية حتى ولو صغيرة فإنها تحمل فى طياتها عوامل الفناء للدولة التركية ذاتها.
لقد تشابكت الأحداث فى الشرق الأوسط مع أزمة اقتصادية دولية طاحنة وتصاعدت مع موجات إرهاب وعنصرية وصلت إلى قلب أوروبا مما يدفع بمصفوفات سياسية عظيمة للتردد وللدعوة بالتراجع عن استكمال المشروع الاستعمارى فى الشرق الأوسط. المتراجعون والمترددون وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى ذاته أوباما، وما تراجعه وموقفه المحجم عن استخدام القوة المباشرة فى أثناء أزمة غاز السارين إلا نموذج. ولكن هناك أيضا من لا يعنيه كل هذا ويستمر فى التوغل فى بحر الدماء بحجه تحقيق أهداف استراتيجيا عظمى وكونية. مثل أولئك مثل جراح يتقدم فى انتزاع ورم ولا يعنيه أن يموت المريض بين يديه، مادام هو ذاته حيا! ذلك هو حال من اصروا على غزو العراق فيما سبق وهو حال المصممين على نزع أسلحه حزب الله وتقسيم سوريا وإنشاء الدولة الكردية اليوم. آن أوان المشهد الأخير ودفع حساب المستحقات والتخلص من الشهود والحلفاء والأدوات التى لا يمكن الدفاع عنها
وجاء الأوان لأن يختفى من المشهد بانقلاب مدبر داخل تركيا أو من خارجها. ولا بأس من التراجع والإنكار إن بدا أن الانقلاب قد فشل.
لمزيد من مقالات د. حازم الرفاعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.