نحن فى «دولة قانون» ومن يخطئ يحاسب بدءا من رئيس الجمهورية شدد الرئيس عبد الفتاح السيسى على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية، وحذر من محاولات الوقيعة بين المصريين، مؤكدا أنه لا فرق بين مسلم ومسيحى فى مصر، وأن الجميع مصريون متساوون فى الحقوق والواجبات ولا زيادة لأحد على الآخر. وأشار الرئيس إلى أنه ينبغى أن نمارس هذا المنطق فى تصرفاتنا وردود أفعالنا تجاه بعضنا البعض، وألا يقتصر ذلك على مجرد القول فقط، مؤكدا أننا جميعا شركاء فى هذا الوطن ولا يليق بنا أن نقول مرة أخرى إن هذا مصرى مسلم وهذا مصرى مسيحي، قائلا: هذا مصرى له ما لنا وعليه ما علينا، وأضاف أن الوحدة الوطنية «ضمانة» الوجود والنجاح لمصر، وأن المسلمين والمسيحيين شركاء الوطن دون تفرقة، مبينا أننا فى «دولة قانون» ومن يخطئ يحاسب بدءا من رئيس الجمهورية إلى أى مواطن. وطالب الرئيس بالتعامل مع الحوادث بموضوعية، وقال إننا 90 مليون مصرى وإذا تم التعامل مع حادث أو أكثر بغير موضوعية فلن يكون ذلك فى مصلحة الوطن. جاء ذلك خلال كلمته التى ألقاها فى الكلية الحربية أمس بمناسبة الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات والمعاهد العسكرية، وكذلك بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لثورة يوليو المجيدة، والتى وصفها بأنها نقطة تحول رئيسية فى تاريخ مصر. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس السيسى شدد على أن مصر ستظل قوية وقادرة بفضل الله عز وجل، ونموذجا يحتذى به فى التكاتف والتضامن بين جميع مؤسساتها الوطنية وفى مقدمتها جيشها القوى وشرطتها الباسلة وقضاؤها الشامخ، وكذا شبابها الواعى وجميع أبنائها الأوفياء. وأضاف أننا نتطلع سويا إلى تحقيق حياة أفضل وعيش كريم، وبرغم ما نواجهه من مصاعب عديدة لكننا بما حققناه حتى الآن نثق أننا على الطريق الصحيح، ونعلم أننا قادرون على مواصلة النمو والتنمية وتطوير وتحديث مجتمعنا. وأشار الرئيس إلى أن مصر تواصل جهودها لدعم قضايا الداخل المصرى بتحرك واع ومسئول على الساحتين الإقليمية والدولية، كما أنها تمارس دورا رئيسيا إزاء قضايا منطقتها وأزماتها، وقال إن استقرار الشرق الأوسط يسهم بلا شك فى تهيئة البيئة المناسبة للنمو والتنمية لنا ولجميع دول المنطقة، وهنأ الرئيس أسر الخريجين، كما حيا أرواح أبطال الوطن وشهداء مصر الأبرار الذين قدموا أرواحهم ليحيا الوطن. كان الرئيس السيسى شهد أمس احتفال تخرج الدفعة 110 من الكلية الحربية والدفعة 53 من الكلية الفنية العسكرية، والدفعة 45 من المعهد الفنى والدفعة 19من المعهد الفنى للتمريض التابعين للقوات المسلحة، وذلك بحضور المشير محمد حسين طنطاوي، و الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع والإنتاج الحربي، و الفريق محمود حجازى رئيس أركان حرب القوات المسلحة. كما حضر الاحتفال رئيس الجمهورية السابق المستشار عدلى منصور، والدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، والمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة، وقادة القوات المسلحة، وأُسر الخريجين. وشهد الرئيس باقة من العروض العسكرية والرياضية المبهرة قدمها الخريجون وأظهرت مدى براعتهم وكفاءتهم القتالية .. ثم منح الرئيس الأنواط لأوائل الخريجين، كما تسلم درع الكليات العسكرية والمعهد الفنى للقوات المسلحة من مدير الكلية الحربية الذى ألقى كلمة أكد فيها قيم الانضباط والالتزام التى تبثها الكلية الحربية فى نفوس طلابها، وتسلم كذلك «درع تحيا مصر» من أوائل الكليات العسكرية وكلية الشرطة والمعاهد الفنية التابعة للقوات المسلحة كهدية تذكارية. ودرعا تذكارية من أوائل خريجى الكليات المدنية. وفيما يلى نص كلمة الرئيس بمناسبة تخريج الدفعات العسكرية وذكرى ثورة يوليو: بسم الله الرحمن الرحيم شعب مصر العظيم، أيها الشعب الأبى الكريم، رجال القوات المسلحة الباسلة، نحتفل اليوم معا بتخريج جيل جديد من رجال الشرف والكرامة، الذين تلقوا مبادئ وقيم الوطنية والبطولة ليتواصل عطاء الأجيال، ونذروا أنفسهم من أجل الوطن، دفاعا عن عزته وكرامته، وصونا لأرضه ومقدرات شعبه.. اختاروا أن يكونوا درعا تحمى الوطن وسيفا يذود عنه.. تسلحوا بالإيمان والعلم الذى تلقوه فى هذا الصرح العسكرى العريق الذى أنشئ عام 1811.. ومنذ ذلك الحين ظل يؤدى رسالته بأمانة وصدق، ويشكل مع المؤسسات العلمية العسكرية منظومة متكاملة من النضال والكفاح الوطني، ويقدم لقواتنا المسلحة ضباط المستقبل الذين لا يألون جهدا فى الدفاع عن الوطن بأرواحهم، ولا يدخرون وسعا للإسهام الفاعل فى تحقيق تنميته الشاملة. أبنائى الخريجين، أوجه لكم تهنئة خالصة من القلب بانضمامكم إلى صفوف القوات المسلحة الباسلة، لتكونوا من خير أجناد الأرض.. اكتمل لكم البناء وتسلحتم بالعلم والتدريب الراقى لتولى المسئولية الكبرى فى حماية الوطن وصون مقدساته.. أعهد فيكم رجالا أشداء أقوياء، آمنوا بربهم ووطنهم.. يضعون مصر قبل كل شيء وفوق الجميع، ويؤمنون بأنه لا حياة بغير رفعتها وعزتها.. إنكم ستبدأون حياتكم العملية، حياة عمادها قيم الوطنية والانتماء والولاء، ودستورها الالتزام والانضباط ، وشعارها النصر أو الشهادة.. فكونوا أهلا لهذه المسئولية وتلك الأمانة.. احملوها بشرف وضمير، وأدوها على الوجه الذى يرضى الله سبحانه وتعالي. كما يطيب لى أن أعرب عن خالص التهانى لأسر الخريجين، الذين يحصدون اليوم ثمار ما غرسوه فى نفوس أبنائهم من قيم الوطنية والتفاني.. وأقدم لهم تحية واجبة.. فقد ضربوا مثالا رائعا فى التضحية وإعلاء مصلحة الوطن، وجادوا بأعز ما منحهم الله من أجل مصر، وهم يعلمون تماما صعوبة الحياة العسكرية ومدى ما يحيط بها من مخاطر وتحديات. ولن يفوتنى فى هذا المقام أن أحيى أرواح أبطال الوطن وشهداء مصر تحيةً ملؤها المحبة والافتخار بكل هؤلاء الأبرار الذين قدموا أرواحهم ليحيا الوطن.. فهم رمز إنكار الذات الذين ستظل أيام مصر الخالدة تنادى أسماءهم وتذكر وصاياهم التى كتبوها بدمائهم.. إن مواساتنا ورعايتنا لأسرهم وأبنائهم وكل ما نقدمه من أجلهم لن يوفيهم حقهم، وسنظل على عهدنا لهم أوفياء نستكمل مسيرتهم التى بدأوها، ونتخذ من تضحياتهم ومواقفهم الوطنية النبيلة قدوة لنا. شعب مصر العظيم .. أيها الشعب الأبى الكريم، تحل علينا بعد غد الذكرى الرابعة والستون لثورة يوليو المجيدة.. تلك الثورة التى مثلت نقطة تحول رئيسية فى تاريخ مصر المعاصر، وجاءت تعبيرا عن آمال وطموحات المصريين فى الاستقلال والحرية والسيادة الوطنية، وكانت نموذجا للسعى نحو حياة أفضل عبر مسيرة طويلة من العمل والنضال الوطني.. حمل رايتها رجال أوفياء، سطروا أسماءهم بحروف من نور فى سجل تاريخ مصر.. وسنظل أوفياء لهم، نذكر أعمالهم الخالدة التى قدموها من أجل الوطن، وفى مقدمتهم الرؤساء الراحلون محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات.. تحية تقدير وإعزاز لأرواحهم الطاهرة ولدورهم الوطنى العظيم.. ونجدد عهدنا بأن نستكمل مسيرتهم.. نتحمل أمانة المسئولية ونكمل السعى نحو غد أفضل ومستقبل أكثر إشراقا لمصر وشعبها. الإخوة والأخوات، لقد شهدت مصر ومنطقة الشرق الأوسط بل العالم بأسره تحولات عديدة وتغيرات جذرية منذ خمسينيات القرن الماضي، فرضت علينا التعامل مع تحديات جديدة فى الداخل والخارج على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ولكننا فى خضم هذه التحديات نذكر أنفسنا دوما بثوابت لا نحيد عنها لقضايا وطننا وأمتنا، ونستكمل تحقيق أهداف ثورة يوليو المجيدة وما أرسته من مبادئ سامية وراسخة، وإن اختلفت سبل تحقيق تلك الأهداف استجابة لحقائق الظروف الإقليمية والدولية الراهنة. إننى أؤكد لكم يا أبناء بلادى أن مصر ستظل قوية وقادرة بفضل الله عز وجل، ونموذجا يحتذى به فى التكاتف والتضامن بين جميع مؤسساتها الوطنية وفى مقدمتها جيشها القوى وشرطتها الباسلة وقضاؤها الشامخ، وكذا شبابها الواعى وجميع أبنائها الأوفياء.. فلقد استطاعت أن تفرض واقعا جديدا ومغايرا حافظت فيه على تماسكها وكيانها الوطني، وتسعى خلاله نحو تحقيق آمالها وطموحاتها.. فنحن عازمون بكل إصرار وبعزيمة لا تلين على مواجهة المشكلات والتغلب على الصعاب والتحديات.. نتطلع معا إلى تحقيق حياة أفضل وعيش كريم.. ورغم ما نواجهه من مصاعب عديدة لكننا بما حققناه حتى الآن نثق أننا على الطريق الصحيح، ونعلم أننا قادرون على مواصلة النمو والتنمية وتطوير وتحديث مجتمعنا.. نسعى لذلك بمواصلة جهود التقدم الاقتصادى بمشروعات قومية وبسياسات اقتصادية واجتماعية رشيدة تهدف إلى تحقيق تنمية عادلة ومتوازنة.. ونسعى فى هذا الإطار لتحقيق العدالة الاجتماعية.. ونضع مصلحة محدودى الدخل والفئات الأولى بالرعاية صوب أعيننا.. نطمح إلى تعليم جيد ومسكن لائق ورعاية صحية مناسبة لجميع المصريين.. ونستكمل معا دعائم ديمقراطيتنا بالتجاوب مع المعطيات الدولية الجديدة فى عالم دائم التغير، لا مكان فيه سوى لمن يجيد استثمار الفرص والتغلب على التحديات. الإخوة المواطنون إن مصر تواصل جهودها لدعم قضايا الداخل المصرى بتحرك واع ومسئول على الساحتين الإقليمية والدولية.. وتمارس دورا رئيسيا إزاء قضايا منطقتها وأزماتها وفى مقدمتها مكافحة الإرهاب..وتكتسب مصر يوما تلو الآخر مزيدا من الثقة الدولية التى تعتز بها، والتى أثمرت عن حصولها على عضوية مجلس الأمن الدولي، وكذا رئاستها لجنة مكافحة الإرهاب التابعة للمجلس، فضلا عن عضويتها فى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي. وكما يعلم الجميع أن استقرار الشرق الأوسط يسهم بلا شك فى تهيئة البيئة المناسبة للنمو والتنمية لنا ولجميع دول المنطقة.. ويعد مطلبا رئيسيا من متطلبات الأمن القومى المصري.. ومن ثم فإن التوصل إلى تسويات سياسية لأزمات دول المنطقة أمرا ضروريا لاستتباب الأمن والاستقرار فيها.. وفى مقدمة تلك الأزمات القضية الفلسطينية، وما تشهده الآونة الأخيرة من تحرك مصرى جاد يهدف إلى كسر الجمود الذى خيم على جهود السلام.. هو جهد صادق يضع الجميع أمام مسئولياتهم ويحذر من مغبة تأخر السلام وتفاقم الأوضاع، كما يبشر بإيجابيات إحلال السلام وإقرار الحقوق. شعب مصر العظيم، أقول لكم وثقتى فيكم كاملة.. إننا قادرون معا على تحقيق آمال وطموحات وطننا وأبنائه، بإرادتكم القوية وعملكم الدءوب، وبما أعلمه عن أصالة هذا الشعب وعزيمته ووعيه التام بمحاولات النيل من وحدتنا الوطنية، وما يتربص بنا من مخاطر الإرهاب والتطرف، وما نواجهه من أزمات فى منطقتنا وتداعياتها. ستبقى مصر بإذن الله غنية بكم وبعراقتها وتماسك مجتمعها، وستظل قوية ومنيعة بمؤسساتها الوطنية الراسخة، نرفع جميعا رايتها ونحمل الاعتزاز بها فى أرواحنا، ونحفظ فى قلوبنا الولاء والانتماء للوطن. تحيا مصر عزيزة قوية .. ويحيا شعبها كريماً أبياً .. كل عام وأنتم بخير .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.