أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية، مشيراً إلى سابق تأكيده على هذه القيمة أثناء إفطار الأسرة المصرية فى شهر رمضان الماضى، وشدد على أنه لا فرق بين مسلم ومسيحى فى مصر، فالجميع مصريون متساوون فى الحقوق والواجبات، مشدداً على ضرورة تطبيق هذه القِيَم فى الواقع العملى بما يضمن تناول مختلف الأحداث بموضوعية بعيداً من التشدد، وأوضح الرئيس أهمية دور الجميع سواء مؤسسات الدولة أو الشعب فى إعمال تلك القيم وتطبيقها فى المجتمع المصرى. وقال الرئيس، فى كلمة بمناسبة ثورة 23 يوليو وتخريج عدد من دفعات الكليات العسكرية، إن وحدة المصريين هى الضمانة الوحيدة للنجاح فى مواجهة المشكلات والتغلب على الصعاب، وأن مصر تسعى لترسيخ دولة القانون التى تساوى بين الجميع، وكل من يخطئ سيُعاقب بموجب القانون بدءاً من رئيس الدولة حتى عامة المواطنين. وأضاف «السيسى» أن تداعيات السنوات الخمس الماضية على مختلف الأصعدة ما زالت قائمة، مشيرًا إلى أن تجاوزها والتغلب عليها يقتضيان العمل معاً، مشدداً على أن مصر ستنجو وتحقق آمالها وطموحاتها بتضافر جهود الجميع معاً. وقال «السيسى» – فى نص كلمته- «نحتفل معًا بتخريج جيل جديد من رجال الشرف والكرامة، الذين تلقوا مبادئ وقيم الوطنية والبطولة ليتواصل عطاء الأجيال، ونذروا أنفسهم من أجل الوطن، دفاعًا عن عزته وكرامته، وصونًا لأرضه ومقدرات شعبه، اختاروا أن يكونوا درعا تحمى الوطن وسيفًا يذود عنه، تسلحوا بالإيمان والعلم الذى تلقوه فى هذا الصرح العسكرى العريق الذى أُنشئ عام 1811، ومنذ ذلك الحين ظل يؤدى رسالته بأمانة وصدق، ويشكل مع المؤسسات العلمية العسكرية منظومة متكاملة من النضال والكفاح الوطنى، ويقدم لقواتنا المسلحة ضباط المستقبل الذين لا يألون جهدًا فى الدفاع عن الوطن بأرواحهم، ولا يدخرون وسعًا للمساهمة الفاعلة فى تحقيق تنميته الشاملة». ووجه الرئيس التهنئة للخريجين بقوله: «أوجه لكم تهنئة خالصة من القلب بانضمامكم إلى صفوف القوات المسلحة الباسلة، لتكونوا من خير أجناد الأرض، اكتمل لكم البناء وتسلحتم بالعلم والتدريب الراقى لتولى المسئولية الكبرى فى حماية الوطن وصون مقدساته، أعهد فيكم رجالًا أشداء أقوياء، آمنوا بربهم ووطنهم، يضعون مصر قبل كل شىء وفوق الجميع، ويؤمنون بأنه لا حياة بغير رفعتها وعزتها، إنكم ستبدأون حياتكم العملية، حياة عمادها قيم الوطنية والانتماء والولاء، ودستورها الالتزام والانضباط، وشعارها النصر أو الشهادة، فكونوا أهلًا لهذه المسئولية وتلك الأمانة، احملوها بشرف وضمير، وأدوها على الوجه الذى يرضى الله سبحانه وتعالى.. كما يطيب لى أن أعرب عن خالص التهانى لأسر الخريجين، الذين يحصدون اليوم ثمار ما غرسوه فى نفوس أبنائهم من قيم الوطنية والتفانى، وأقدم لهم تحية واجبة، فقد ضربوا مثالًا رائعًا فى التضحية وإعلاء مصلحة الوطن، وجادوا بأعز ما منحهم الله من أجل مصر، وهم يعلمون تمامًا صعوبة الحياة العسكرية ومدى ما يحيط بها من مخاطر وتحديات». وتابع: «ولن يفوتنى فى هذا المقام أن أحيى أرواح أبطال الوطن وشهداء مصر، تحية ملؤها المحبة والافتخار بكل هؤلاء الأبرار الذين قدموا أرواحهم ليحيا الوطن، فهم رمز إنكار الذات الذين ستظل أيام مصر الخالدة تنادى أسماءهم وتذكر وصاياهم التى كتبوها بدمائهم، إن مواساتنا ورعايتنا لأسرهم وأبنائهم وكل ما نقدمه من أجلهم لن يوفيهم حقهم، وسنظل على عهدنا لهم أوفياء نستكمل مسيرتهم التى بدأوها، ونتخذ من تضحياتهم ومواقفهم الوطنية النبيلة قدوة لنا». واستطرد: «شعب مصر العظيم.. أيها الشعب الأبى الكريم، تحل علينا غداً الذكرى الرابعة والستون لثورة يوليو المجيدة، تلك الثورة التى مثلت نقطة تحول رئيسية فى تاريخ مصر المعاصر، وجاءت تعبيرًا عن آمال وطموحات المصريين فى الاستقلال والحرية والسيادة الوطنية، وكانت نموذجًا للسعى نحو حياة أفضل عبر مسيرة طويلة من العمل والنضال الوطنى، حمل رايتها رجال أوفياء، سطروا أسماءهم بحروف من نور فى سجل تاريخ مصر، وسنظل أوفياء لهم، نذكر أعمالهم الخالدة التى قدموها من أجل الوطن، وفى مقدمتهم الرؤساء الراحلون محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات.. تحية تقدير وإعزاز لأرواحهم الطاهرة ولدورهم الوطنى العظيم، ونجدد عهدنا بأن نستكمل مسيرتهم، ونتحمل أمانة المسئولية ونكمل السعى نحو غد أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا لمصر وشعبها». وأضاف «السيسى»: لقد شهدت مصر ومنطقة الشرق الأوسط بل العالم بأسره، تحولات عدة وتغيرات جذرية منذ خمسينات القرن الماضى، فرضت علينا التعامل مع تحديات جديدة فى الداخل والخارج على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية، والثقافية والاجتماعية، ولكننا فى خضم هذه التحديات، نذكر أنفسنا دومًا بثوابت لا نحيد عنها لقضايا وطننا وأمتنا، ونستكمل تحقيق أهداف ثورة يوليو المجيدة، وما أرسته من مبادئ سامية وراسخة، وإن اختلفت سبل تحقيق تلك الأهداف استجابة لحقائق الظروف الإقليمية والدولية الراهنة». وقال الرئيس: «إننى أؤكد لكم يا أبناء بلادى أن مصر ستظل قوية وقادرة بفضل الله عز وجل، وأن تكون نموذجًا يحتذى فى التكاتف والتضامن بين جميع مؤسساتها الوطنية، وفى مقدمتها جيشها القوى وشرطتها الباسلة وقضاؤها الشامخ، وكذا شبابها الواعى وجميع أبنائها الأوفياء، فلقد استطاعت أن تفرض واقعًا جديدًا ومغايرًا حافظت فيه على تماسكها وكيانها الوطنى، وتسعى خلاله نحو تحقيق آمالها وطموحاتها». وأردف: «نحن عازمون بكل إصرار وبعزيمة لا تلين على مواجهة المشكلات والتغلب على الصعاب والتحديات، نتطلع معًا إلى تحقيق حياة أفضل وعيش كريم، ورغم ما نواجهه من مصاعب عدة لكننا بما حققناه حتى الآن نثق بأننا على الطريق الصحيح، ونعلم أننا قادرون على مواصلة النمو والتنمية وتطوير وتحديث مجتمعنا، نسعى لذلك بمواصلة جهود التقدم الاقتصادى بمشروعات قومية وبسياسات اقتصادية واجتماعية رشيدة تهدف إلى تحقيق تنمية عادلة ومتوازنة، ونسعى فى هذا الإطار لتحقيق العدالة الاجتماعية، ونضع مصلحة محدودى الدخل والفئات الأولى بالرعاية صوب أعيننا، ونطمح إلى تعليم جيد ومسكن لائق ورعاية صحية مناسبة لجميع المصريين، ونستكمل معًا دعائم ديمقراطيتنا بالتجاوب مع المعطيات الدولية الجديدة فى عالم دائم التغير، لا مكان فيه سوى لمن يجيد استثمار الفرص والتغلب على التحديات». وأكد «السيسي» أن مصر تواصل جهودها لدعم قضايا الداخل المصرى بتحرك واعٍ ومسئول على الساحتين الإقليمية والدولية، وتمارس دورًا رئيسيًا إزاء قضايا منطقتها وأزماتها وفى مقدمتها مكافحة الإرهاب، وتكتسب مصر يومًا تلو الآخر مزيدًا من الثقة الدولية التى تعتز بها، والتى أثمرت عن حصولها على عضوية مجلس الأمن الدولى، وكذا رئاستها للجنة مكافحة الإرهاب التابعة للمجلس، فضلًا عن عضويتها فى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى. وشدد على أن استقرار الشرق الأوسط يسهم بلا شك فى تهيئة البيئة المناسبة للنمو والتنمية لنا ولجميع دول المنطقة، ويعد مطلبًا رئيسيًا من متطلبات الأمن القومى المصرى، ومن ثم فإن التوصل إلى تسويات سياسية لأزمات دول المنطقة يعد أمرًا ضروريًا لاستتباب الأمن والاستقرار فيها، وفى مقدمة تلك الأزمات القضية الفلسطينية، وما تشهده الآونة الأخيرة من تحرك مصرى جاد يهدف إلى كسر الجمود الذى خيم على جهود السلام، هو جهد صادق يضع الجميع أمام مسئولياتهم ويحذر من مغبة تأخر السلام وتفاقم الأوضاع، كما يبشر بإيجابيات إحلال السلام وإقرار الحقوق. ووجه «السيسي» حديثه لشعب مصر بقوله: «أقول لكم وثقتى فيكم كاملة، إننا قادرون معًا على تحقيق آمال وطموحات وطننا وأبنائه، بإرادتكم القوية وعملكم الدءوب، وبما أعلمه عن أصالة هذا الشعب وعزيمته ووعيه التام بمحاولات النيل من وحدتنا الوطنية، وما يتربص بنا من مخاطر الإرهاب والتطرف، وما نواجهه من أزمات فى منطقتنا وتداعياتها.. ستبقى مصر بإذن الله غنية بكم وبعراقتها وتماسك مجتمعها، وستظل قوية ومنيعة بمؤسساتها الوطنية الراسخة، نرفع جميعًا رايتها ونحمل الاعتزاز بها فى أرواحنا، ونحفظ فى قلوبنا الولاء والانتماء للوطن.. تحيا مصر عزيزة قوية.. ويحيا شعبها كريماً أبياً». وأعلن السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن «السيسى» شهد احتفال تخرج الدفعة 110 من الكلية الحربية والدفعة 53 من الكلية الفنية العسكرية، والدفعة 45 من المعهد الفنى والدفعة 19 من المعهد الفنى للتمريض التابعة للقوات المسلحة، كما شهد العروض العسكرية وعروض المظلات التى قدمها طلبة الكلية الحربية التى أظهرت مدى ما تلقوه من تدريبٍ راقٍ، كما عكست استيعابهم لبرامج التدريب العملية، ومنح السيسى الأنواط لأوائل الخريجين من مصر ودولة فلسطين، والكويت، وليبيا، والسودان، وجنوب السودان؛ تقديراً لتفوقهم وتفانيهم فى الدراسة والتدريب. وأضاف المتحدث الرسمى أن «السيسى» تسلم درع الكليات العسكرية والمعهد الفنى للقوات المسلحة من مدير الكلية الحربية الذى ألقى كلمة أكد فيها قيم الانضباط والالتزام التى تبثها الكلية الحربية فى نفوس طلابها لتعدهم للمساهمة فى حماية الوطن، وعملية التطوير والبناء، منوهاً بمساهمة القوات المسلحة فى المشروعات القومية ومشروعات البنية التحتية. كما وجه الشكر لطلبة كلية الشرطة الذين شاركوا فى حفل تخرج الدفعات العسكرية الجديدة، مشيرًا إلى أن تلك المشاركة تعبر عن التلاحم بين جناحى الأمن فى مصر. وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس تسلم «درع تحيا مصر» من أوائل الكليات العسكرية وكلية الشرطة والمعاهد الفنية التابعة للقوات المسلحة كهدية تذكارية، كما تسلم درعاً تذكارية من أوائل خريجى الكليات المدنية الذين شاركوا فى الحفل تعبيراً عن التضامن بين جميع أبناء الشعب المصرى.