هذا الرقم تم نشره حديثا كإحدي نتائج دراسات تمت تحت اشراف (صندوق مكافحة الادمان والتعاطي ) وهو رقم مخيف في دولةيعاني شعبها واقتصادها بشدة و يشكوالناس فيها بلا انقطاع من نقص الامكانيات و غياب الخدمات و علي وجه الخصوص في الصحة والتعليم! قد تبدو لك سيجارة في يد محمد رمضان او بين انامل غادة عبد الرازق او في فم احمد السقا ، او نفس شيشة في مسلسل رمضاني او فيلم درجة ثالثة شاهده الشباب في العيد، أمرا عابرا و لا يعني شيئا .. لكن اكثر من دراسة علمية رصدت بالارقام مؤخرا ، ان مصرصارت بفضل وتشجيع من دراما التليفزيون وافلام السنيما ، تستهلك سنويا حوالي 80 مليار سيجارة ،أى ما يقرب من 36 مليار جنيه سنويا وهي نسبة استهلاك مرتفعة بشكل لافت على مستوى العالم. قد يحسب للإعلام أنه يمنع إعلانات التدخين ، ولكن الإعلان يأتي ضمنياً ( خاصة في دراما رمضان ) والأشياء الضمنية هي التي تترك الأثر الأقوى ، وهو ما يحدث عندما يتم الإيحاء للشاب بأن هذا السلوك يخلص الشخص من الضغط ويجعله يظهر بمظهر الرجال ، وبالتالى يمتص المشاهد هذه الفكرة ويبدأ فى تنفيذها في أقرب وقت !. يسحب عادل إمام نفسا عميقا من الشيشة وهو يضحك ، وينفخ بيومى فؤاد دخان السيجار في الهواء باستمتاع وهو يفكر.. ويجر المشهد العابر خلفه (وفق دراسات علمية موثقة) 500 قتيل في اليوم ومليارت من خسائر الاقتصاد القومى، لدولة مرهقة بالديون ومهددة بارتفاع سعر الدولار كل ساعة !. السجائر عندنا تسعيرها يتم بقرار من وزارة التموين مع موافقة مجلس الشعب و جهات أمنية, حيث سعر السجائر يعتبر أمرا حساسا جدا، بسبب أنها مصدر أساسي ومعتاد للكيف لدى معظم قطاعات العمالة اليدوية و المهنية و الفلاحة والشباب، وحين يرتفع سعر السجائر ترتفع التكلفة التي يطلبها السباك والكهربائي وعامل البناء وغيرهم. وحاليا إنتاج السجائر في مصر احتكاري لشركة الشرقية للدخان, وهى شركة تسيطر الحكومة على أغلب أسهمها و مدرجة في البورصة المصرية. (التحالف المصرى لمكافحة التدخين ) أعلن أنه من الصعب تخيل مجتمع منتج ومتقدم اقتصاديا وعلمياً وهناك نسبة تدخين مرتفعة بين أفراده خاصة الشباب منهم . فقد ثبت أن الفرد المدخن تقل إنتاجيته وقدرته على العمل أكثر من الفرد غير المدخن، ولهذا انعكاسات مباشرة سلبية على الاقتصاد القومي في مصر . ومن ناحية أخرى ، تزداد نسبة الإنفاق في القطاع الصحي على فئة المدخنين لما يتعرضون له من متاعب وأعراض مرضية قاتلة. و فى الوقت ذاته تفيد تقارير منظمة الصحة العالمية ان التدخين يقتل ما يقرب من 6 ملايين سنويا علي مستوي العالم منهم 170 الف قتيل كل عام فى مصر أي ما يعادل 500 فرد يوميا !. هذا بخلاف ما يهدر على علاج امراض التدخين من مليارات سنويا فى بلد يعانى من ضعف الموارد . و تفيد الدراسات أن أكثر الفئات التى تدفع ضريبة انتشار هذا الوباء هم الفقراء لانهم يدخنون اكثر فيصرفون لشرائه ثم يدفعون من صحتهم وأعمارهم بعد ذلك ،حيث يعانون فى الحصول على الرعاية الطبية المناسبة مع قصور الخدمات الصحية وارتفاع فاتورة العلاج والدواء وضعف الإمكانات. في العادة تستهدف شركات التبغ مجتمعاتنا الشرقية من أجل تحقيق الارباح مستغلة عدم التطبيق الجاد للقوانين وكذلك نقص الوعى فى المجتمع بالاضافة الى عدم جدية صانعى القرار فى اتخاذ إجراءات للحد من المشكلة. و تتبع شركات التبغ فى سياسة الترويج عددا من الاساليب التى منها الإعلان غير المباشر فى الدراما والذى يتم توجيهه بشكل اكبر لاستهداف الشباب على اعتبار انهم مستهلكون مثاليون . وتقوم شركات التبغ العالمية بنشر اماكن بيع منتجات التبغ حول التجمعات الشبابية ،وطبقا للدراسات الدولية والمحلية (التى قامت بها عدد من الهيئات فى مصر عن الدراما فى رمضان أعوام 2011و 2012و2013 ) فإن الترويج غير المباشر عن التدخين بانواعه من خلال الدراما وخاصة فى رمضان له دور قوى ومؤثر على الشباب ،حيث انهم يعتبرون الممثلين قدوة لهم ويقلدونهم بشكل غير واعى. وفى بحث أجرته جمعية الشباب والتنمية عن (علاقة الإعلام والسينما بالتدخين) تبين ازدياد الرغبة بين الشباب فى التدخين متأثرين بالمشاهد التي تحتوى على تدخين للبطل أو للبطلة خاصة اذا ارتبط تدخين البطل أو البطلة بتيمه و حركه مميزة. وفى المقابل برامج التوعية الصحية تعتمد على توجيه رسالة مباشرة وتفتقد إلى التشويق والإثارة وعادة ما يكون مضمون هذه البرامج ضعيف وغير جذاب. وتعرض في توقيت غير مناسب . واذا كان المدخنون 20 % من المصريين و غير المدخنين يمثلون نحو 80% من المصريين ، فلتكن حمايتهم من مخاطرالتدخين السلبى وتوعيتهم حتى لا يقعوا فريسة لشركات التبغ هى الخطوة الأهم الآن. مع اتباع المعايير الدولية في مصر كإحدى الدول والراغبة فى حماية واحترام الانسان ،وصحته ،اغلى موارد الدولة المصرية. د. عصام مغازى رئيس جمعية مكافحة التدخين والدرن وامراض الصدر بالقاهرة، شارك في عدد كبير من الابحاث والدراسات سابقة الذكر عن التدخين في مصر ، ومن جانبه شدد على ضرورة وجود تعاون بين تحالف مكافحة التدخين والمؤسسات الإعلامية، فى مناشدة صانعى الدراما بمنع مشاهد التدخين التى لها تاثير بالغ على انتشار التدخين وتقبله في مصر، ولو اقتضى الامر منع المشاهد المحرضة على التدخين او المحببة فيه ،ووضع علامة اسفل مشاهد التدخين بتحذيرات صحية مع دعوة مسئولى القنوات الفضائية المختلفة باتاحة وقت مجانى خلال برامج وساعات البث التليفزيونى الجذاب من أجل التوعية بأضرار التبغ واعتبار ذلك في حد ذاته نشاطا خيريا تطوعيا لصالح المجتمع والفقراء والمرضى .ومن اجل الأطفال والوقاية من الأمراض المختلفة التى تصيب المجتمع بالعجز والسرطان . أليس هذا اكثر منطقا وعدلا وعقلا ؟ أليست تلك الخطوة هى الأولى والأجدى قبل إهدار ملايين ومليارت اخرى على اعلانات التبرع لمرضى الصدر والقلب والدم و السرطان ؟ فى كل كتاب قراءة لتلاميذ الابتدائى سطر بسيط واضح فيه حكمة قديمة ( الوقاية خير من العلاج ) .. لكن يبدو أننا في مصر منذ سنوات طويلة، تجاهلنا وكرهنا هذه النصيحة !!! •أجرت جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر بالقاهرة دراسة في 2015بدعم من مكتب منظمة الصحة العالمية في مصر وبالتعاون مع وزارة التربية ، وظهر بالبحث ان : •متوسط الإنفاق على التدخين يبلغ 214 جنيها للذكور و 231 جنيها للإناث ، مما يشكل عبئا اقتصاديا يمكن أن يحرم الطلاب من الاستمتاع بجوانب أخرى من الحياة •أوضح مجموعة من الطلبة والطالبات انهم لم يتلقوا أى نصيحة أو توعية داخل المدرسة حول مخاطر التدخين وكانت أهم توصيات الدراسة: •تطوير المناهج التعليمية لتوعية الطلاب بالآثار السلبية قصيرة الأمد وطويلة الأمد للتدخين •ضمان بيئة خالية تماما من التدخين في جميع المدارس. وتنفيذ القوانين التى تمنع التدخين فى المنشآت التعليمية بكل حسم •وضع إعلانات تحذيرية على منتجات تدخين الشيشة •توفير برنامج تدريبي محدد للمعلمين حول مكافحة التدخين •إشراك الآباء و الأسر مع وزارات الصحة والتعليم والشباب والرياضة والأوقاف والهيئات الدينية و المنظمات غير الحكومية والمجلس القومي للطفولة الأمومة في حملة الإقلاع عن التدخين .