"التنظيم والإدارة" يتيح استعادة كود التقديم في مسابقاته عبر بوابة الوظائف الحكومية    تداول 29 سفينة للحاويات والبضائع العامة بميناء دمياط    الرئيس السيسي يتلقى اتصالا من الملك عبد الله الثاني بمناسبة عيد الأضحى    الحرب مستمرة.. أوكرانيا وروسيا تتفقان على تبادل القتلى والجرحى من القوات.. وموسكو تقدم مذكرة ب31 بندًا لإنهاء الأعمال العدائية    وزير الخارجية الألماني: الاعتراف بدولة فلسطينية الآن سيكون «مؤشرًا خاطئًا»    من أجل أوسيمين.. الهلال يقدم عرضا رسميا إلى نابولي    قطر القطري يعلن رحيل عبد القادر وتاو رسميًا    السكة الحديد: تقديم كافة التسهيلات للركاب خلال إجازة عيد الأضحى 2025    المتعافون من الإدمان يشاركون في تزيين المراكز استعدادًا لعيد الأضحى 2025 (صور)    آمال ماهر تعود بأغنية درامية من ألحان محمدي    التنوع الحضاري والتراثي للمنيا في مناقشات أسبوع المرأة بعاصمة الثقافة المصرية    «السر في التتبيلة».. طريقة عمل الريش الجوسي مع السلطات في العيد    ترامب يكشف تفاصيل محادثته الهاتفية مع رئيس الصين    نادي قطر يعلن انتهاء إعارة أحمد عبد القادر ويوجه الشكر لبيرسي تاو    حمادة هلال يوجه رسالة لجمهوره أثناء أدائه فريضة الحج    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    رفع درجة الاستعداد بمستشفيات سوهاج الجامعية خلال إجازة عيد الأضحى    خلال اتصاله بنظيره الرواندي.. وزير الخارجية يشدد على أهمية تحقيق التهدئة في منطقة البحيرات العظمى    وزير قطاع الأعمال يلتقى وفدا من "Global SAE-A" الكورية لبحث فرص التعاون    "لو لينا عمر" أغنية لآمال ماهر بتوقيع الملحن محمدي في أول عمل يجمعهما    الدعاء من العصر حتى المغرب.. ننشر أعظم الأعمال في يوم عرفة    الرجل الثاني في الكنيسة الأرثوذكسية.. من هو الأنبا يوأنس سكرتير المجمع المقدس؟    نادي قطر يُعلن نهاية إعارة أحمد عبد القادر وعودته للأهلي    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    أمين البحوث الإسلامية مهنِّئًا بحلول عيد الأضحى: فرصة لتعزيز المحبَّة والرحمة والتكافل    انسحاب الوفد العمالي المصري والعربي من مؤتمر جنيف رفضًا للتطبيع    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    الزمالك يشترط الفوز بالكأس للموافقة على استمرار شيكابالا.. فيديو    تظهر على اليدين والقدمين- 4 أعراض لارتفاع حمض اليوريك احذرها    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    «بعتنا ناخده».. رسالة نارية من أحمد بلال ل هاني شكري بعد «سب» جمهور الأهلي    "يجب أن يكون بطلًا دائمًا".. كوفي يوجه رسالة للزمالك قبل نهائي الكأس    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    نائب وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك فى جولة ميدانية بمطار القاهرة: حريصون على تسهيل الإجراءات الجمركية للعائدين من الخارج    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    س وج.. كل ما تريد معرفته عن خدمات الجيل الخامس "5G"    واشنطن تعيد تموضع قواتها عالمياً.. أولويات جديدة في حماية الحدود والردع الآسيوي    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب بحر إيجة    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الهوية المتخيلة إلى الهوية الأصولية
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 07 - 2016

تحدثنا فى مقال سابق عنوانه «مأزق الهوية الإسلامية المتخيلة» نشر فى 16 يونيو 2016 إلى مكونات الهوية الإسلامية المتخيلة التى تتبناها جماعة الإخوان المسلمين وعديد من الجماعات الدينية المتطرفة التى انبثقت منها.
وقد سبق لنا أن حددنا عناصر المشروع الإسلامى المتخيل وقررنا أن ينطوى على خمسة عناصر أساسية.
العنصر الأول: يقوم على أساس أن «الشورى» هى العمود الرئيسى للنظام السياسى الإسلامى وليست الديموقراطية والتى هى بدعة غربية. والعنصر الثانى: يتعلق بالجانب المعرفى لأنه يقوم على ما يطلق عليه «أسلمة المعرفة»، وهو مشروع واسع المدى أسسه الناشط الإسلامى «طه جابر علوانى» مدير مركز البحوث الإسلامية فى واشنطن والذى توفى مؤخرا.
وقد خطط له على أساس فكرة خيالية ساذجة مبناها تلخيص المعرفة الغربية فى مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية ثم إعطاؤها لعدد من العلماء المسلمين «لأسلمتها»! وقد فشل هذا المشروع فشلا ذريعاً.
والعنصر الثالث: من عناصر الهوية الإسلامية المتخيلة يتعلق «بالاقتصاد» وذلك على أساس رفض الاقتصاد الرأسمالى الذى يقوم على «الربا» وتطبيق ما يطلق عليه الاقتصاد الإسلامى المبرأ من الربا.
أما العنصر الرابع فيتعلق بالممارسات الثقافية لأن المشروع الإسلامى المتخيل يمارس التحريم فى المجال الفكرى والثقافى من خلال الرقابة على الأعمال الفكرية والأدبية والفنية، ويمارس فيه التحريم بكل تزمت من خلال مصادرة الكتب والأعمال الفنية ويتهم أصحابها بالكفر والردة عن الإسلام.
وأخيرا نجد العنصر الخامس -وهو أخطرها جميعا- لأنه يتعلق بالقيم ورؤية العالم والتى تنحصر لدى المؤمنين بهذا المشروع فى استعادة الماضى وتحكمه فى الحاضر بما فى ذلك رفض الحداثة الغربية، خصوصا الحداثة الفكرية والتى شعارها أن «العقل وليس النص الدينى هو محك الحكم على الأشياء».
وهذه الهوية الإسلامية المتخيلة تكون فى الواقع «يوتوبيا» إسلامية لا علاقة لها بالواقع -كما أكدنا فى مناظرتنا مع الشيخ «يوسف القرضاوى» التى دارت فى منتصف التسعينيات على صفحات جريدة الأهرام- ونشرنا نصها فى كتابنا الأخير «نقد العقل الدينى» (دار العين 2016).
غير أن هذه الهوية الإسلامية المتخيلة قد لا يترتب على اعتناقها بواسطة مجموعات من المسلمين ضرر يذكر. غير أن خطورتها تظهر حين تتحول إلى حركات «أصولية» لها قيادات وقواعد على الأرض، وتسعى إلى تغيير المجتمعات سواء بالدعوة أو بالعنف. وهذا العنف مارسته الحركات الأصولية الإسلامية بالفعل فى الستينيات فى مصر وغيرها من الدول الإسلامية وترتب عليه سقوط مئات الضحايا وقد تحول فى السنوات الأخيرة على يد تنظيم «القاعدة» بقيادة «بن لادن» ومؤخرا فى صورة «الخلافة الإسلامية» التى يتولى قيادتها الإرهابى «أبو بكر الزرقاوى» إلى إرهاب معولم يوجه ضرباته للمسلمين وغير المسلمين فى مختلف بلاد العالم.
بعبارة أخرى الخطورة تتمثل فى تحول هذه الجماعات التى تعتنق «الهوية الإسلامية المتخيلة» إلى حركات «أصولية» تعتمد العنف وسيلة رئيسية لها للوصول إلى السلطة وتحكيم «شرع الله» كما يفهمونه هم وأخطر من ذلك كله محاولة «غزو العالم» كله لكى يدين بالإسلام حتى لو تم ذلك بالإرهاب الذى يترتب عليه عادة سقوط مئات الضحايا الأبرياء. وفى تقديرنا أن التحديد الدقيق لمفهوم الأصولية ودراسة مختلف تجلياته فى الواقع له أهمية قصوى -ليس فقط فى فهم الصراعات الدموية فى الحاضر التى تدور بين الجماعات الإرهابية الإسلامية والنظم السياسية العربية والإسلامية القائمة أو الدول الغربية- ولكن فى التخطيط للمستقبل بمعنى تكاتف جهود الدول ليس فقط لمحاربة الإرهاب ولكن للتخطيط المستقبلى لإشباع حاجات الشعوب المادية والمعنوية للقضاء النهائى على المشروع الأصولى بمخاطره الشديدة.
وسنعتمد فى تعريف الأصولية على مرجع بالغ الأهمية عنوانه «صراع الأصوليات: التطرف المسيحى.. التطرف الإسلامى والحداثة الأوروبية» ألفه «هاينرش شيفر» وترجمه الدكتور «صلاح هلال» ونشر فى سلسلة مكتبة الأسرة فى مصر عام 2015.
وميزة هذا الكتاب أنه لم يفرق بين الأصوليات الإسلامية والأصوليات المسيحية- كما تفعل بعض المراجع الغربية -التى تحاول إلصاق تهمة التعصب والإرهاب بالإسلام زورا وبهتانا. ولكن المؤلف -بمنهج علمى دقيق وبموضوعية ورؤية نقدية- يقدم تعريفا عاما للأصولية ويبين مفرداته الرئيسة قبل أن يتطرق إلى تطبيقاته العملية فى صورة حركات دينية والمؤلف فى الفصل الأول من كتابه المهم الذى أعطى له عنوان «معطيات فكرية» يقدم فى البداية عكس كثير من الباحثين تعريفا شكليا بحتا للأصولية الدينية.
وهو يعتبر الحركات أصولية إذا كانت أولا تجعل القناعات الدينية مطلقة (أيا كان محتواها العقائدى). وهى ثانيا تستمد منها استراتيجية هيمنة اجتماعية تحاول إخضاع الحياة الخاصة والعامة لإملاءات قناعاتها الدينية، وثالثا إذا كان السياق فى مثل تلك الاستراتيجية هو التسييس الجوهرى لجميع ظروف الحياة فى عمليات التحديث.
والمعيار الأول البالغ الأهمية لأنه يهدف إلى بناء نوع خاص من الهوية بحيث يميل المؤمنون بها إلى إقامة جدران عازلة بينهم وبين من لا يؤمنون بها من خلال إضفاء سمة «الإطلاق» وبذلك أيضا «العالمية» على قناعاتهم العقائدية.
ويبدو صدق هذه الملاحظة الذكية التركيز فى قناعة قادة الإخوان المسلمين حسب تصريحاتهم العلنية أن مشروعهم لا يتعلق فقط بالبلاد العربية والإسلامية ولكنه يبسط نطاقه ليشمل العالم. وذلك يبدو فى تصريحاتهم المبنية على قناعة الشيخ «حسن البنا» مؤسس الجماعة أنه بعد مرحلة «التمكين» سيصبح المسلمون المؤمنون بهذه الهوية أساتذة العالم!
غير أن الجدار العازل الذى يبنيه هؤلاء المسلمون المتطرفون بينهم وبين غيرهم يؤدى إلى رفضهم الآخرب بشكل مطلق، وهم لذلك أعداء لليبراليين وعلى وجه الأخص للعلمانيين الذين يعتبرونهم أخطر خصومهم الفكريين. وقد تجلى هذا الصراع الحاد فى مصر بعد ثورة 25 يناير حين أصبحت جماعة الإخوان المسلمين فى جانب والليبراليين والعلمانيين عموما فى جانب آخر. إلى أن أسقط الشعب فى 30 يونيو حكم الإخوان الديكتاتورى.
وإذا كان المعيار الأول فى تعريف الأصولية هو القناعات الدينية المطلقة ورفض الآخر فإن المعيار الثانى هو فرضها لاستراتيجيات هيمنة تهدف إلى السيطرة على العالم.
ويبقى المعيار الثالث والمهم فى تعريف الأصولية وهو يتعلق بسياق عمل الحركات الأصولية، والذى يتمثل فى رفض الحداثة الغربية خصوصا فيما يتعلق بمقومات التشكيل الحديث للتعايش الاجتماعى.
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.