عضو بغرفة الصناعات المعدنية: القطاع ركيزة أساسية للمشروعات القومية والتنمية الاقتصادية    استقرار أسعار القمح مع استمرار تباطؤ المباحثات لإنهاء الحرب في أوكرانيا    يوروستار تحث المسافرين على عدم السفر بسبب تعطل حركة القطارات عبر نفق القنال الإنجليزي    بالناشئين.. توروب يعلن تشكيل الأهلي أمام المقاولون العرب    تأييد حبس طفل المرور وأصدقائه 3 سنوات في اتهامهم بالاعتداء على طالب بعصا بيسبول في المقطم    وزارة الثقافة تدعم التوسع في تعليم فنون الخط العربي عبر بروتوكول تعاون بين صندوق التنمية الثقافية وجمعية خير بلدنا    مدبولي: المستشفى الجامعي بجامعة الجيزة الجديدة إضافة قوية لمنظومة الرعاية الصحية والتعليم الطبي    الرئيس الإيراني يتوعد برد "قاس ومؤسف" على تهديدات ترامب    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    نجم الزمالك السابق: منتخب مصر يستطيع التعامل مع أي منافس    بيراميدز يخطف حامد حمدان من الأهلي    تحديث فورى في سعر الذهب اليوم وتطورات عيار 21    حملة تموينية بالفيوم تضبط 1164 قطعة حلويات فاسدة    حلمى عبد الباقي عن إحالته لمجلس تأديب: ما يحدث محاولة للإطاحة بي والحق سيظهر    الإمارات تصدر بيانًا يوضح حقيقة دورها في اليمن    «الزراعة»: تحصين أكثر من 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر 2025    بمناسبة احتفالات رأس السنة.. مد ساعات عمل مترو الخط الثالث وقطار العاصمة    قادة أوروبيون يبحثون ملف حرب أوكرانيا    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    دينامو زغرب يضم عبد الرحمن فيصل بعد فسخ عقده مع باريس سان جيرمان    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص على طريق القاهرة- أسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    مستشفيات جامعة بني سويف: استقبلنا أكثر من 1.25 مليون حالة خلال عام 2025    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    مشاجرة بالأسلحة النارية فى إدفو.. الداخلية تتدخل وتضبط المتهمين    محافظ المنوفية يوجه بفتح مقر جديد للمركز التكنولوجي لاستقبال طلبات المواطنين    محمد يوسف يشيد بحسام حسن ويعبر عن دهشته لغياب إمام عاشور أمام أنجولا    وزير الثقافة يُطلق «بيت السرد» بالعريش ويدعو لتوثيق بطولات حرب أكتوبر| صور    تزامنا مع زيارة نتنياهو.. البنتاجون يعلن عن صفقة "إف-15" لإسرائيل    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    الجامعة الأمريكية بالقاهرة في 2025، عام من الابتكارات والتأثير على المستوى العالمي    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    أسباب تأجيل إقالة أحمد عبد الرؤوف فى الزمالك.. اعرف التفاصيل    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يعلن عن برنامج تدريبي للشباب بأسيوط    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحي شرق شبين الكوم    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤرة إجرامية ببني سويف    الإحصاء: 2.6٪ زيادة في أعداد الطلاب المقيدين بالتعليم العالي عام 2024 / 2025    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    حكام مباريات غداً الأربعاء في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    أوكرانيا: مقتل وإصابة 1220 عسكريا روسيا خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: تهديد ترامب لحماس رسالة سياسية أكثر منها عسكرية    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    «هتحبس ليه؟ فرحي باظ وبيتي اتخرب».. أول تعليق من كروان مشاكل بعد أنباء القبض عليه    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    التموين تعلن اعتزامها رفع قيمة الدعم التمويني: 50 جنيه لا تكفي    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الهوية المتخيلة إلى الهوية الأصولية
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 07 - 2016

تحدثنا فى مقال سابق عنوانه «مأزق الهوية الإسلامية المتخيلة» نشر فى 16 يونيو 2016 إلى مكونات الهوية الإسلامية المتخيلة التى تتبناها جماعة الإخوان المسلمين وعديد من الجماعات الدينية المتطرفة التى انبثقت منها.
وقد سبق لنا أن حددنا عناصر المشروع الإسلامى المتخيل وقررنا أن ينطوى على خمسة عناصر أساسية.
العنصر الأول: يقوم على أساس أن «الشورى» هى العمود الرئيسى للنظام السياسى الإسلامى وليست الديموقراطية والتى هى بدعة غربية. والعنصر الثانى: يتعلق بالجانب المعرفى لأنه يقوم على ما يطلق عليه «أسلمة المعرفة»، وهو مشروع واسع المدى أسسه الناشط الإسلامى «طه جابر علوانى» مدير مركز البحوث الإسلامية فى واشنطن والذى توفى مؤخرا.
وقد خطط له على أساس فكرة خيالية ساذجة مبناها تلخيص المعرفة الغربية فى مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية ثم إعطاؤها لعدد من العلماء المسلمين «لأسلمتها»! وقد فشل هذا المشروع فشلا ذريعاً.
والعنصر الثالث: من عناصر الهوية الإسلامية المتخيلة يتعلق «بالاقتصاد» وذلك على أساس رفض الاقتصاد الرأسمالى الذى يقوم على «الربا» وتطبيق ما يطلق عليه الاقتصاد الإسلامى المبرأ من الربا.
أما العنصر الرابع فيتعلق بالممارسات الثقافية لأن المشروع الإسلامى المتخيل يمارس التحريم فى المجال الفكرى والثقافى من خلال الرقابة على الأعمال الفكرية والأدبية والفنية، ويمارس فيه التحريم بكل تزمت من خلال مصادرة الكتب والأعمال الفنية ويتهم أصحابها بالكفر والردة عن الإسلام.
وأخيرا نجد العنصر الخامس -وهو أخطرها جميعا- لأنه يتعلق بالقيم ورؤية العالم والتى تنحصر لدى المؤمنين بهذا المشروع فى استعادة الماضى وتحكمه فى الحاضر بما فى ذلك رفض الحداثة الغربية، خصوصا الحداثة الفكرية والتى شعارها أن «العقل وليس النص الدينى هو محك الحكم على الأشياء».
وهذه الهوية الإسلامية المتخيلة تكون فى الواقع «يوتوبيا» إسلامية لا علاقة لها بالواقع -كما أكدنا فى مناظرتنا مع الشيخ «يوسف القرضاوى» التى دارت فى منتصف التسعينيات على صفحات جريدة الأهرام- ونشرنا نصها فى كتابنا الأخير «نقد العقل الدينى» (دار العين 2016).
غير أن هذه الهوية الإسلامية المتخيلة قد لا يترتب على اعتناقها بواسطة مجموعات من المسلمين ضرر يذكر. غير أن خطورتها تظهر حين تتحول إلى حركات «أصولية» لها قيادات وقواعد على الأرض، وتسعى إلى تغيير المجتمعات سواء بالدعوة أو بالعنف. وهذا العنف مارسته الحركات الأصولية الإسلامية بالفعل فى الستينيات فى مصر وغيرها من الدول الإسلامية وترتب عليه سقوط مئات الضحايا وقد تحول فى السنوات الأخيرة على يد تنظيم «القاعدة» بقيادة «بن لادن» ومؤخرا فى صورة «الخلافة الإسلامية» التى يتولى قيادتها الإرهابى «أبو بكر الزرقاوى» إلى إرهاب معولم يوجه ضرباته للمسلمين وغير المسلمين فى مختلف بلاد العالم.
بعبارة أخرى الخطورة تتمثل فى تحول هذه الجماعات التى تعتنق «الهوية الإسلامية المتخيلة» إلى حركات «أصولية» تعتمد العنف وسيلة رئيسية لها للوصول إلى السلطة وتحكيم «شرع الله» كما يفهمونه هم وأخطر من ذلك كله محاولة «غزو العالم» كله لكى يدين بالإسلام حتى لو تم ذلك بالإرهاب الذى يترتب عليه عادة سقوط مئات الضحايا الأبرياء. وفى تقديرنا أن التحديد الدقيق لمفهوم الأصولية ودراسة مختلف تجلياته فى الواقع له أهمية قصوى -ليس فقط فى فهم الصراعات الدموية فى الحاضر التى تدور بين الجماعات الإرهابية الإسلامية والنظم السياسية العربية والإسلامية القائمة أو الدول الغربية- ولكن فى التخطيط للمستقبل بمعنى تكاتف جهود الدول ليس فقط لمحاربة الإرهاب ولكن للتخطيط المستقبلى لإشباع حاجات الشعوب المادية والمعنوية للقضاء النهائى على المشروع الأصولى بمخاطره الشديدة.
وسنعتمد فى تعريف الأصولية على مرجع بالغ الأهمية عنوانه «صراع الأصوليات: التطرف المسيحى.. التطرف الإسلامى والحداثة الأوروبية» ألفه «هاينرش شيفر» وترجمه الدكتور «صلاح هلال» ونشر فى سلسلة مكتبة الأسرة فى مصر عام 2015.
وميزة هذا الكتاب أنه لم يفرق بين الأصوليات الإسلامية والأصوليات المسيحية- كما تفعل بعض المراجع الغربية -التى تحاول إلصاق تهمة التعصب والإرهاب بالإسلام زورا وبهتانا. ولكن المؤلف -بمنهج علمى دقيق وبموضوعية ورؤية نقدية- يقدم تعريفا عاما للأصولية ويبين مفرداته الرئيسة قبل أن يتطرق إلى تطبيقاته العملية فى صورة حركات دينية والمؤلف فى الفصل الأول من كتابه المهم الذى أعطى له عنوان «معطيات فكرية» يقدم فى البداية عكس كثير من الباحثين تعريفا شكليا بحتا للأصولية الدينية.
وهو يعتبر الحركات أصولية إذا كانت أولا تجعل القناعات الدينية مطلقة (أيا كان محتواها العقائدى). وهى ثانيا تستمد منها استراتيجية هيمنة اجتماعية تحاول إخضاع الحياة الخاصة والعامة لإملاءات قناعاتها الدينية، وثالثا إذا كان السياق فى مثل تلك الاستراتيجية هو التسييس الجوهرى لجميع ظروف الحياة فى عمليات التحديث.
والمعيار الأول البالغ الأهمية لأنه يهدف إلى بناء نوع خاص من الهوية بحيث يميل المؤمنون بها إلى إقامة جدران عازلة بينهم وبين من لا يؤمنون بها من خلال إضفاء سمة «الإطلاق» وبذلك أيضا «العالمية» على قناعاتهم العقائدية.
ويبدو صدق هذه الملاحظة الذكية التركيز فى قناعة قادة الإخوان المسلمين حسب تصريحاتهم العلنية أن مشروعهم لا يتعلق فقط بالبلاد العربية والإسلامية ولكنه يبسط نطاقه ليشمل العالم. وذلك يبدو فى تصريحاتهم المبنية على قناعة الشيخ «حسن البنا» مؤسس الجماعة أنه بعد مرحلة «التمكين» سيصبح المسلمون المؤمنون بهذه الهوية أساتذة العالم!
غير أن الجدار العازل الذى يبنيه هؤلاء المسلمون المتطرفون بينهم وبين غيرهم يؤدى إلى رفضهم الآخرب بشكل مطلق، وهم لذلك أعداء لليبراليين وعلى وجه الأخص للعلمانيين الذين يعتبرونهم أخطر خصومهم الفكريين. وقد تجلى هذا الصراع الحاد فى مصر بعد ثورة 25 يناير حين أصبحت جماعة الإخوان المسلمين فى جانب والليبراليين والعلمانيين عموما فى جانب آخر. إلى أن أسقط الشعب فى 30 يونيو حكم الإخوان الديكتاتورى.
وإذا كان المعيار الأول فى تعريف الأصولية هو القناعات الدينية المطلقة ورفض الآخر فإن المعيار الثانى هو فرضها لاستراتيجيات هيمنة تهدف إلى السيطرة على العالم.
ويبقى المعيار الثالث والمهم فى تعريف الأصولية وهو يتعلق بسياق عمل الحركات الأصولية، والذى يتمثل فى رفض الحداثة الغربية خصوصا فيما يتعلق بمقومات التشكيل الحديث للتعايش الاجتماعى.
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.