أعلن الجيش التركى فى بيان أنه كان على علم بمحاولة الانقلاب الفاشلة قبل القيام بها بساعات، وأنه أبلغ السلطات المعنية، جاء ذلك فى الوقت الذى كشف فيه رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم عن إعلان قرارات مهمة اليوم الأربعاء بهدف إنقاذ البلاد من «الظروف الاستثنائية» التى تواجهها. وأشار بيان الجيش التركى إلى أن غالبية جنود الجيش لم يكن بيدها شيئا لتفعله حيال انقلاب 15 يوليو الحالي، وأنه تلقى معلومات بتحرك الانقلابيين فى الساعة الرابعة مساء بالتوقيت المحلي، وأنه سارع بإبلاغ السلطات المعنية. جاء ذلك فى الوقت الذى واصلت فيه تركيا حملة التطهير ضد من تصفهم بالانقلابيين فى كل مؤسسات الدولة حيث تم إبعاد 257 موظفا برئاسة الوزراء التركية من مواقعهم،كما وصلت أعداد المعتقلين والمقالين فى صفوف الشرطة والجيش إلى 20 ألف شخص، من بينهم المستشار العسكرى الجوى للرئيس التركى المقدم أركان كيفراك. كما أوقفت الأجهزة الأمنية فى تركيا 13 ضابطا جديدا، ووصل عدد العسكريين الموقوفين من ذوى الرتب الرفيعة إلى 118 جنرالا وأميرالا، وأمرت محاكم تركية بحبس 85 جنرالا وأدميرالا فى انتظار محاكمتهم من بينهم قائد القوات الجوية السابق الجنرال أكين أوزتورك، والجنرال آدم حودوت، قائد الجيش الثانى التركي، المسئول عن مواجهة أى تهديدات محتملة على تركيا من سوريا وإيران والعراق، فيما لاتزال السلطات تحقق مع عشرات آخرين. ومن جهة أخرى بدأ الإدعاء العام التركى حملة تفتيش واسعة فى مقر الجيش بمنطقة إنجرليك فى ولاية أضنة جنوب البلاد. كما عزلت رئاسة الشئون الدينية التركية، وهى أعلى هيئة دينية فى تركيا، 492 من موظفيها عن مواقعهم. ومن جانبه، قال رئيس الوزراء التركي، أمام أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن الحكومة ستتصرف لضمان «الأمن التام» فى أنحاء البلد الذى يبلغ تعداد سكانه نحو 80 مليون نسمة لكنه لم يدل بتفاصيل عن القرارات المذكورة. كما أكد يلدريم إرسال 4 ملفات للولايات المتحدة لتسليم فتح الله جولن، الذى تتهمه أنقرة بتدبير الانقلاب، واتهم واشنطن بالكيل بمكيالين فى محاربة الإرهاب حيث أشار إلى تركيا وقفت إلى جانبها خلال هجمات 11 سبتمبر 2001. وأضاف أن أنقرة سوف تجتث حركة جولن «من جذورها» حتى لا تخون الشعب التركى مجددا أبدا. فى الوقت ذاته، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن مجلس الأمن القومى والحكومة سيجتمعان اليوم لاتخاذ القرارات التى ستبدأ مرحلة جديدة لتركيا. وأشار أردوغان أنه سوف يصادق على عقوبة الإعدام فى حالة وافق البرلمان، وأن العقوبة موجودة فى أمريكا وروسيا والصين وبلدان أخري، مشيرا إلا أنها غير مطبقة فى الاتحاد الأوروبي، وأن بلاده صادقت على ذلك غير أن تلك التوقيعات يمكن سحبها والتراجع عنها. وواصل أردوغان استفزاز المعارضة حيث تعهد بإحياء خطط تستهدف متنزها فى اسطنبول أثارت احتجاجات مناهضة للحكومة عام 2013. من جانب آخر، أعلن حزب الحركة القومية اليمينى المعارض المتشدد أنه سيدعم أى قرار حكومى يعيد عقوبة الإعدام لقانون العقوبات التركي. فى سياق آخر، قالت مصادر إعلامية أن المظاهرات التى دعا إليها الرئيس التركى تحت اسم «نصر الديمقراطية» تقوم باستفزاز قطاعات من المجتمع، وأن مجموعات من حزب العدالة والتنمية تحرشت بالعلويين فى مناطق مختلفة، مما دفع قوات الشرطة بالتدخل وإستخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع. من جانبه، وصف دنيز بايكال رئيس حزب الشعب الجمهورى السابق الانقلاب ب «المضحك»، حيث سيفتح كافة الأبواب لحكومة حزب العدالة والتنمية لتصفية المعارضين وإعادة هيكلة الجيش وإعلان النظام الرئاسى وإضعاف قوة الأحزاب السياسة المعارضة. ومن جهته، نفى جولن أى ضلوع له فى محاولة الانقلاب، مشيرا إلى أن تركيا لم تعد دولة ديمقراطية، وقال: «لدينا معلومات صحفية تفيد بأن أعضاء فى الحزب الحاكم كانوا على علم بالمحاولة قبل ثمانى أو عشر ساعات أو حتى 14 ساعة مسبقا»، وتابع أن «نظام أردوغان أشبه بعشيرة أو حكم قبلي». وعلى صعيد ردود الأفعال العالمية، حذرت الأممالمتحدة من أن احترام الحقوق الاساسية كحرية التعبير وإجراء محاكمات عادلة ضرورى للحفاظ على الديمقراطية فى تركيا. من جانبه، طالب السفير التركى لدى الأممالمتحدة هاليت شيفيك بدعم من المجتمع الدولي، وليس انتقادات. كما حث الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأممالمتحدةتركيا على الإلتزام بسيادة القانون، وأبدى «قلقا بالغا» إزاء عزل أعداد كبيرة من القضاة وممثلى الإدعاء. ودعا الحسين أيضا إلى أن يقوم مراقبون مستقلون بزيارة أماكن الاحتجاز فى تركيا لتفقد ظروف العيش فيها.