ولدت وشبت حافية القدمين ، لونت الشمس بشرتها، لم تهدهدها الحياة يوما، هي صاحبة عمر كبير، ولو كانت سنواته قليلة. فالعمر لا يحسب بالسنين، إنما بالتجارب، وليس مثلها أختبر الحياة، وحمل من أوزارها فوق كتفه. كان عليها أن تسعي صغيرة علي رزقها ، لم يكن لها أن تتذوق من ألعاب الطفولة أو براءتها، ولا أن تتدلل كامرأة صغيرة ،فقد ولدت بأحمالها وربما هموم عائلتها أيضا ، ليس لها أن تتعلل أو تشتكي ، فقد كلفوها إسعاد الزوار ، وكان عليها أن تروي عن مجد أجدادها ، لتقتات. و لربما كانت تجد في سير الأولين التي ترويها للضيوف من السائحين ما يعزيها في حاضرها الشاق ، آثار الأولين تلك التي يأتيها الزوار من كل فج عميق ، رغبة في فسحة من أحمالهم الحياتية أيضا ولرؤية آثار أقوام سبقتهم حضارة وعلما. وتظل الطفلة ما حيت تروي ،لا تنقطع حكاياتها عن أجدادها العظام، تحفظ طرقات الرمال التي تحوي آثار أجدادها عن ظهر قلب ، فهي "دليلة" الزوار لطرق الصحراء ، أو هكذا وجدت نفسها "الدليلة".